}

13 شاعرًا لاتينيًّا من أصول عربية: عودة إلى الجذور

أحمد عبد اللطيف 29 مايو 2017
تغطيات 13 شاعرًا لاتينيًّا من أصول عربية: عودة إلى الجذور
لوحة للفنان المكسيكي خوسيه كليمنت

 أحد أهم الكتب التي صدرت أخيرًا، بالإسبانية كتاب بعنوان "13 شاعرًا أمريكيًا لاتينيًا من أصول عربية" للأكاديمي والناقد ماتياس رافيدي. العمل يشير إلى شعراء، كما يوضح العنوان، من أصول عربية مباشرة ولآخرين من سلالة عربية، سواء مثّلوا الجيل الثالث أو الرابع أو بعد ذلك. وينتمون إلى دول مختلفة، من تشيلي للإكوادور، لفلسطين/الأرجنتين، للبنان/الأرجنتين، للمكسيك لكولومبيا وصولًا إلى بوليفيا. بعض هؤلاء الشعراء تناولهم سيرخيو ماثياس في كتابه "التأثير العربي في آداب أمريكا اللاتينية" الصادر في إسبانيا عام 2009، غير أن رافيدي منح لكل منهم مساحة تليق بمنجزهم عبر استعراض تجاربهم وانتقاء قصائد لهم، كما زيّن الكتاب بصور فوتوغرافية لكل مؤلف، ما أعطى بعدًا سيريًا وتاريخيًا للكتاب.

 في مقال نقدي له عن "13 شاعرًا" كتب الناقد سيرخيو ماثياس أنه، "اتباعًا لاختيار صاحب الأنطولوجيا، فالكتاب يبدأ بـ 1) أندريس سبيلة، وهو شاعر يتمتع بجودة شعرية عالية، وتعكس بعض قصائده ميلاد أبيه في القدس، ما يطبعها بطابع نوستالجي ذي قيمة كبيرة. القصيدة المشار إليها تصوّر لوحة فوتوغرافية لمدينته التي هجرها، وهي صورة لا تبرح البيت أبدًا. وفيها يظهر الأب المتجول في الشوارع ويقول لابنه: أورثك أفضل ما عندي: هذه الصورة، فاحفظها في بيت تؤسسه. لا تنس أن أباك هناك، داخل بيت بالشارع الجديد". فيأتي رد الشاعر "والآن أتأمل الضفيرة التي أهدتني الحياة إياها وأنا أكتب، وأصدق أن أبي يخرج من أي من شوارعها، المضاءة بالعذوبة، فيتقدم نحوي ويقبّل جبهتي، والقبلة تستحضر حبه وهواء القدس، قبلة قوية وعميقة، قبلة من القدس على شفتيّ أبي".

    يصف سيرخيو قصائد سبيلة بأنها "شجنية وعميقة الأثر، ورغم أنها تتناول الطبيعة والحياة الاجتماعية، إلا أنها لا تفقد قوة استحضار الماضي".

 2) محفوظ ماسي، وهو شاعر كبير ملتزم بقضايا الواقع الذي عاشه مع أجداده. يقول عنه سيرخيو إن قصيدته دراماتيكية، لكنها ذات طابع ذاتي جدًا. تتجلى الهوية العربية في منتجه الشعري، خاصة في القصائد التي اختارها رافيدي للأنطولوجيا، منها: "أنا عار/ عند سفح هذا الجبل العاري والأبيض/ أنا/ محفوظ ماسي، ابن فلسطين في القارة الأميركية/ مواطن من العالم الثالث/ من العين الثالثة/ من هذا القمر الفارغ/ أرفع صوتي مثل مهرة فوق الكون القاتم". يصفه سيرخيو بأنه تشيلي/فلسطيني/ أميركي لاتيني. هذه الهوية المتمزقة والمتعددة تمنحه بعدًا وجوديًا.

يقول في قصيدة أخرى: "أنا محفوظ، العبد/ المارق ذو البشرة السوداء/ المجنون، المطرود/ الساذج المجمّد تحت الصقيع./ أخبئ أسناني النحاسية، ذيل ملك بابلي/ بينما أتجول في المدينة بجوار نهر ضيق./ بين زيت متغول، وظلي القديم المتأرجح/ أعبر المستنقعات/ وأصنع عظمة القمر/ بكفني الأسود".

3) خورخي إنريكي أدوم، شاعر إكوادوري. يقول عنه سيرخيو ماثياس: تعرفت عليه في مؤتمر للكُتّاب بإشبيلية، وتحدثنا عن أصوله العربية وآبائه اللبنانيين. قال لي إنهم كانوا يتكلمون العربية في بيته، مع ذلك لم يؤثر ذلك في شعره، حتى الآن، غير أن الوجود العربي واضح في شعر أبيه الذي عمل على نشر الأدب العربي في الإكوادور. أنهى دراسته الجامعية بتشيلي وعمل كسكرتير خاص لدى بابلو نيرودا، ثم كتب روايات عظيمة وكان من المرشحين لجائزة ثيربانتس. بحسب ماثياس، تتكئ قصيدته على الطبيعة والجذور الاجتماعية لأميركا اللاتينية، يميل لاستخدام الدارجة، ومتأمل في مشاكل الإنسان الرئيسية.

4) خوان ياسر، أحد أبرز شعراء الكتاب، وهو من أصول فلسطينية وولد بفلسطين عام 25، ثم رحل عنها بعد إعلان دولة إسرائيل بسنوات قليلة، حيث اتجه للأرجنتين. وبالإضافة للشعر، يكتب ياسر نصوصًا توثيقية شديدة الصلة بالتاريخ والحاضر. كثير من مقالاته نشرت بجرائد أرجنتينية، وكتب عن كُتّاب مثل بورخس وليوبولدو لوجونس وليوبولدو مارشال.

يلتفت ماثياس إلى ارتباط ياسر بأرضه. ارتباط يلخصه بيت يختم به قصيدة "حضارة". يقول:"وبعيدًا/البرابرة يرقصون/ويدفنون شعبي".

5) خايمي سابينس: أحد أكبر شعراء المكسيك وأكبر مثقفيها. درس العلوم والفنون والفلسفة والآداب، وكرّس فترة من حياته للسياسة بالتوازي مع الشعر. يقول عنه رافيدي في كتابه "يتميز شعر سابينس بلجوئه للدارجة التي تعكس رؤية دراماتيكية ومجرّدة للعالم. فقصائده، ذات المضمون الإنساني، تعكس شكوكية ما وقلقًا وجوديًا. يتجلى ذلك في تقديره للموت:"الموت اضطرام للأسفل/ نحو الدخان والعظام والحجر/ أن تغدو أرضًا وأرضًا متحركة./ الانطفاء موت، بطيء ومتمهل،/ أبدية مثل طريق طويل/ توزيع الروح في رماد".

6) ماتياس رفيدي: شاعر وأكاديمي وكاتب مقال وأنطولوجي، صاحب منجز ثقافي كبير وعضو في أكاديمية اللغة التشيلية كما عمل ملحقًا ثقافيًا لتشيلي في مصر. يقول: "مائة جيل من الجمّالين غير المرئيين./ وأنا أشعر بأن الشرق محفور في وجداني،/ وتطلع من عينيّ حنق الصحراء./ رمالها العارية والمالحة تجرحني/ وإيقاع سرابي يحتل أحلامي./ العود ينهض وينهنه في شراييني/ ويسيل في النهر حزن لا نهائي.

7) فياض خميس: ابن لأب عربي وأم مكسيكية. وبالإضافة للشعر، هو رسام ومصمم. في سن التاسعة عشرة يقرر الإقامة في هافانا حتى سنة 54. قلقه الفني يدفعه للحياة في فرنسا، حيث يعيش خمس سنوات يعود بعدها نهائيًا للحياة في كوبا، حتى وافته المنية في 59. له العديد من الدواوين التي تتجلى فيها نزعته شبه السوريالية، بالإضافة لالتزامه الاجتماعي والسياسي النابع من تأثره بالثورة الكوبية. مع ذلك، تعكس قصائده شيئًا من طفولته، فقره وسعادته وأحزانه. يقول: "أنا محظوظ في زمن كهذا، كبرت تحت ضوء/ أرضي العنيف، أحد لم يجبرني/ على السير على أربع، وحين يسألونني عن اسمي/ يرون ظل شجرة استوائية".  

8) كارلوس دوغيش: شاعر ومحلل سياسي أرجنتيني من أصول لبنانية، يتميز أسلوبه بالرقة والتأمل، دون أن تفقد قصيدته حيويتها الشعورية، كما يتجلى ذلك في قصيدة "نجار لبنان" التي يتذكر فيها أباه وأشجار الأرز الجميلة. يقول في قصيدة اختارها رافيدي بعنوان "أن ينصهر المرء في الآخرين": "المرء ليس ذاته، إنما ذاكرة شيدها له الآخرون.../ المرء ليس ذاته/ إن أجلى محيطه من أصوات الآخرين/ ووجودهم/ الآخرين الذين يمنحونه ذاته/ في كل لحظة من حياتنا/المرء ليس ذاته/ إلا بوجود الجماعة".

9) جابرييل زيد: شاعر مكسيكي من أصول فلسطينية، وهو كاتب مقال وعضو في الأكاديمية المكسيكية للغة. يعتبر أحد أبرز الأصوات الشعرية في بلده، وتتميز قصيدته بالمباشرة والدهشة. يقول: "لا تنهضي، أخاف/أن يستمر العالم في مكانِك./ السحب العاجزة، الظل المتمدد،/ العشب النائم في سلام./ كل شيء جلي/ حد أنه يثير خوفي".

10) جيوفاني كسيب: شاعر كولومبي كبير من أبوين لبنانيين. نشر العديد من الأعمال الهامة كما نُشرت أنطولوجيا من شعره بإسبانيا بعنوان "تحولات الحديقة". "وصل أبواه لأميركا اللاتينية في فترات الهجرة أواخر القرن التاسع عشر. كانوا ينادونه في طفولته بالتركي، وتغذى روحيًا على قراءة ألف ليلة وليلة وأعمال كلاسيكية عربية. يتمتع شعره بصدى تراثي من ناحية وملتصق بالواقع من ناحية أخرى. ورغم تأثره بالأساطير الشرقية، إلا أن ثقافته مهجنة، ما ساهم في إنتاج قصيدة ساحرة يجتمع فيها العديد من العناصر المتناقضة. من القراءات التي أثرت في شعره "طوق الحمامة"، وأعمال أخرى تشير للمعتمد، بالإضافة لنوستالجيا أبويه وأجداده لأرض الوطن البعيدة، كل هذه العوامل مجتمعة شكّلت قصيدة عالية الجودة ذات محتوى عربي رفيع"، كما يقول سيرخبو ماثياس في كتابه "التأثيرات العربية في آداب أميركا اللاتينية". من بين قصائده ذات البعد العربي نجد "أغنية شهرزاد" "ذكرى الحمراء" "حفر في حجر". يقول: "يحكي أنه كان من الجزيرة العربية، هذا الرجل الرملي/ الذي يقول إن السماء عقيمة حين يغدو القمر أحمر./ دومًا كان يعيش على حافة آبار، كأنه/ مزود بجناحين ليعشق الهوة".

11)  نعيم نوميث: شاعر تشيلي بارز، وأكاديمي وكاتب مقال. له العديد من الكتب المنشورة. وهو شاعر من أصول لبنانية، جده من أبيه يسمى إبراهيم نعيمي الذي تحول لقبه إلى نوميث دياث. يقول رافيدي عن منتجه: "تنحو قصيدة نعيم نحو القصيدة النثرية التي يمتزج فيها الشعر والسرد، وهي السمة المميزة لكل منتجه الشعري. النوستالجيا والألم الوجودي سمة أخرى في شعرية لا تبحث عن الجمال في ذاته بل تتطلع لإثارة شغف القارئ". يقول في إحدى قصائده: "من هذا الأنا؟/ هو أنت أم نحن؟/ هل أنا أنت أم هي أنا؟/ لم يكن ذلك إلا حلمًا تحرر في صباح حزين وعقيم". غير أن المحتوى العربي لا يبرز في كتبه الشعرية، هذا لا ينفي ملامح توراتية وبصمات لأجداده. يقول: "ربما قدر بعضنا/ ألا نولد لنكون أنبياء". "وأنا ماذا أفعل هنا عاريًا ونازفًا/ كملاك في وسط النور؟".  

12)  إدواردو ميتري قناواتي، شاعر بوليفي بارز من أصول فلسطينية، تعرف قصيدته بأنها رقيقة وعاطفية وشفافة. درس في بوليفيا والولايات المتحدة، وأصبح عضوًا في الأكاديمية البوليفية للغة والنقد الأدبي. بحسب سيرخيو ماثياس، يلخص قناواتي ماضيه وحاضره في ديواني "الغريب" و"الغياب"، حيث يسود صوت المنفى والذكريات والشجن. "يا جوبا، خذ حلمك من الأرض/ من وادي كوتشابامبا/ بينما أشعر بالشهادة/ عبر دمك الذي يسيل/ في غزة والضفة الغربية/ في الوداع الصامت/ في المرة الأخيرة في غرناطة".

13)  توني رافول تيجادا: شاعر وأكاديمي وكاتب مقال وسياسي دومينيكاني من أصول لبنانية. يكتب عن الحب، لكن الممضون الاجتماعي حاضر في شعره. فاز بالجائزة القومية للأدب وعضو أكاديمية اللغة بالدومينيكان. يقول: "الضحى ليس الضوء فحسب/هذا المتسلل بجرأة من التلال/ الضحى شعاع من الألوان/ يتسلل عبر عينيكِ/كاكتشاف شقي لليوبيل/الضحى هو الشعر كذلك". 


  اعتمد هذا العرض على مقال للشاعر والناقد سيرخيو ماثياس المنشور بجريدة كريار سلامنكا بوبليك

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.