}

ساطع الحصري بين التعليم العلماني والقومية العربية

عبد الله حنا 10 يونيو 2018

ساطع الحُصْري أبو خلدون (1879-‏ 1968)، من مؤسسي الفكر القومي العربي ورائد من دعاته، وكان له الدور الأول في وضع مناهج التعليم في كل من سورية والعراق، علماني حتى العظم، ومن أنصار الحداثة، مع نزعة عربية متأثرة بفيخته ونيتشه، شأنه شأن كثيرين من دعاة القومية العربية، ومنهم بعض مؤسسي حزب البعث العربي.

سار الحصري مع النهج التحديثي لجمعية الاتحاد والترقي، التي حكمت الدولة العثمانية من 1908 إلى 1918. ومع الزمن وتقلّب الأوضاع، انقلب الحصري من العثمانية إلى الفكر القومي العربي. وهذا الانقلاب وضع إشارات استفهام أمام مسيرة الحصري، التي انتقدها الكثيرون من إسلاميين وماركسيين.

علمانية الحصري واضحة المعالم، خاصة موقفه من مدرّسي الديانة. ومن طرائفه عام 1919 إبعاد الحصري، وزير المعارف في الدولة العربية المدنية (الفيصلية)، الشيخ أبو السعود مراد عن التدريس. فهجاه الشيخ أبو سعود ببيتين من الشعر:     

ساطع   أظلم    لمّا           وُسِد الأمر إليه

خسف الدين بجهل            لعنة الله  عليه

وعندما وقع البيتان في يد الحصري أغرق في الضحك وجعل يرددهما على مسامع رواده وأصدقائه مفتخرا.

                       ***

 وُلد ساطع الحصري عام 1879 في صنعاء، من أب حلبي، كان قاضيا شرعيا فيها، وأم من عائلة الجابري من أعيان حلب. كانت اللغة التركية هي لغة موظفي الدولة العثمانية، والمثقفون منهم أتقنوا الفرنسية، ومنهم الحصري. ولهذا لم تتح الظروف لساطع الحصري لتعلّم اللغة العربية في المدارس، وكانت عربيته في ريعان شبابه ركيكة، فيها رطانة تغلّب عليها مع عيشته في بيئة عربية بعد 1918.

درس ساطع في كلية العلوم السياسية في إسطنبول، وبعد تخرّجه عمل موظفاً في ألبانيا ومقدونيا، ثم مدرساً في اليونان وبلغاريا ويوغوسلافيا، وأخيرا عُيـِّـن مديراً لدار المعلمين العالية في إسطنبول. وكان على صلة بعبد الكريم الخليل، أحد القادة العرب الذين علّقهم جمال باشا عام 1916 على أعواد المشانق.

بعد انهيار الدولة العثمانية 1918، وانتقال الحصري من "العثمنة" إلى العروبة، لعب ساطع الحصري دورا رئيسيا في وضع مناهج التعليم العلماني في كل من سورية والعراق.

فقد أصبح وزيرا للمعارف في حكومة المملكة العربية السورية، برئاسة الملك فيصل بن الحسين. وكتابه: "يوم ميسلون" يقدّم صورة حيّة عن وقائع الغزو الاستعماري الفرنسي لدمشق في تموز 1920، وبطولة وزير الحربية يوسف العظمة أحد الرموز الوطنية.  

مع تسنّم الملك فيصل عرش العراق 1921، يممّ الحصري وجهه إلى بغداد، وعُيّن فيها مستشارا فنيا له الكلمة النافذة في وزارة المعارف. وكان له دور كبير في وضع مناهج التعليم في العراق، كما سيكون له أيضا دور أساسي عام 1944 في وضع المناهج التعليمية للجمهورية السورية المستقلة حديثا.

 سنة 1947 انتقل الحصري إلى مصر، وعُيّن عام 1953 مديراً لمعهد البحوث والدراسات العربية (الجامعة العربية) في القاهرة. وبعد أن أنهكته السنون استقال من منصبه عام 1958 وتفرّغ للكتابة حتى وفاته.

                             ***

من نتاجه الفكري: تتصدر "حوليات الثقافة العربية" الصادرة في ستة مجلّدات. وتليها كتبه التي تردُّ على دعاة الإقليمية والنعرات الطائفية وتدافع عن فكرة القومية العربية ووحدة الأمة العربية، وعددها يزيد عن عشرين مؤلفاً، من أهمها:

 حول القومية العربية.. آراء وأحاديث في القومية العربية 1944.. آراء وأحاديث في الوطنية القومية 1951.. دفاع عن العروبة.. العروبة أولاً.. دراسات في مقدمة ابن خلدون (في جزءين).. البلاد العربية والدولة العثمانية.. آراء وأحاديث في التاريخ والاجتماع.. صفحات من الماضي القريب.. آراء وأحاديث في العلم والأخلاق والثقافة.. أبحاث مختارة في القومية العربية.. هوية الثقافة العربية.. محاضرات نشوء الفكرة القومية.. آراء وأحاديث في التربية والتعليم.. العروبة بين دعاتها ومعارضيها.

                                ***

سنستعرض فيما يلي بعضا من النتاج الفكري للحصري:

1 - "عوامل القومية" الصادر في بغداد 1928. وقد تناول في هذا الكتاب البحث في العناصر التي تكوّن القومية وتؤلف الأمة، نقتطف منه الجمل التالية:

"إن وحدة الأصل والدم في الأمم إنما هي من الأوهام... إن المهم في القرابة والنسب ليس رابطة الدم في حدّ ذاتها، بل هو الاعتقاد بها والنشوء عليها. لقد قررنا أن القرابة في الأمم تكون نفسانية ومعنوية أكثر مما تكون جسمانية ومادية... إن أهم العوامل التي تؤدي إلى تكوين القرابة المعنوية التي يشعر بها الأفراد في الأمم المختلفة هي اللغة والتاريخ... ونستطيع أن نقول: إن الأمم يتميز بعضها عن بعض في الدرجة الأولى- بلغتها- وإن حياة الأمم تقوم-  قبل كل شيء- على لغاتها... أما التاريخ فهو بمثابة شعور الأمة وذاكرتها. فإن كل أمة من الأمم إنما تشعر بذاتها وتكوّن شخصيتها بواسطة تاريخها الخاص... إني أعتقد أن هذه الأمثلة كافية لإظهار قوة النزعات القومية تجاه الروابط الدينية، وللبرهنة على أن الأديان العالمية نفسها لا تستطيع أن تقضي على النزعات القومية. ويمضي الحصري متابعا: "... إن أهم العوامل التي تولّد في النفوس رغبة الاتحاد، فتؤدي إلى تكوين القومية وتأليف الأمة، دائما، هي وحدة اللغة والتاريخ".

2 - "نشوء الفكرة القومية منذ أوائل القرن التاسع عشر"، محاضرة أُلقيت في بغداد 1948، جاء فيها: "إن القول بأن عصر القوميات قد انتهى صحيح بالنسبة لأوروبا، أما في هذه البلاد، الفكرة القومية لم تُتمم بعد مهمتها".

3 - "الأمة العربية - ماضيها وحاضرها - وواجباتها نحو بناء مستقبلها"، محاضرات أَلقيت في معهد الدراسات 1953، نقتطف منها ما يلي: "... ولكن أهم العوامل التي عملت على تأخرنا  في "ميدان الوعي القومي" هي: الأوضاع السياسية التي خلقتها المطامع الاستعمارية في البلاد العربية، والنزعات الإقليمية التي تولّدت عن تلك الأوضاع... لذلك كله، نستطيع أن نقول: إن تطور الأحوال الاجتماعية والسياسية في البلاد العربية يسير على الدوام نحو إضعاف النزعات الإقليمية وتقوية الإيمان بوحدة الأمة العربية".

ونشير هنا إلى أنّ كلام الحصري ينطبق على منتصف القرن العشرين، لا على أواخره، حيث حدث العكس.

4 - "الأمة: التعريفات والنظريات"، من محاضرات معهد الدراسات في القاهرة 1955. كرر فيها ما تناوله سابقا، على النحو التالي: "إن الأساس في تكوين الأمة وبناء القومية هو: وحدة اللغة ووحدة التاريخ... ولكن لا وحدة الدين، ولا وحدة الدولة، ولا وحدة الحياة الاقتصادية تدخل بين مقومات الأمة الأساسية... كما أن "الاشتراك في الرقعة الجغرافية" أيضا لا يمكن أن يعتبر من مقومات الأمة الأساسية".

وخلاصة أفكار ساطع الحصري تتمحور حول المقولتين التاليتين: "اللغة تكوّن روح الأمة وحياتها. والتاريخ يكوّن ذاكرة الأمة وشعورها".

5 - "القومية والاقتصاد"، من محاضرات معهد الدراسات التابع للجامعة العربية. يقع الحصري، في هذه المحاضرات حول الاقتصاد وعلاقته بالقومية، في جملة تناقضات نتيجة عدم إلمامه بدور الاقتصاد. جاء في هذه المحاضرات: "لا أمة من دون حياة اقتصادية مشتركة... المصالح الاقتصادية إذا وُجدت في بعض الأحوال، تفرّق في كثير من الأحوال... إن المصالح الاقتصادية من أقل الأمور التصاقا بالقوميات وأشدها خضوعا لسلطان الحكومات...".

بعدها ينتقل الحصري إلى مناقشة، أو بالأصح نقد، أهم النظريات التي ربطت القومية بالاقتصاد، مخصصا لها حيّزا واسعا، وهي:

-  القومية والحياة الاقتصادية في نظرية ستالين.

- القومية والرأسمالية في نظر الماركسيين واللينينيين. ويرى الحصري "أن القول بأن الأمم ما كانت وجدت ولا يمكن أن توجد قبل القرن التاسع عشر، لا يستند إلى أي أساس علمي".

- يرد على الاشتراكي المصري سلامة موسى في مقالة له سنة 1928 يدعو فيها إلى الأخذ بنظرية "التفسير الاقتصادي للتاريخ".

- ويستمر الحصري في رده على الاشتراكيين في استعادته لمحاضرة ألقاها في نادي المثنى في بغداد 1932 بعنوان "بين الوطنية والأممية. ويرى أن الوطنية وجدت نفسها منذ مدة أمام نزعة معادية أخرى أشد خطرا هي "الأممية الشيوعية".

-  بعد حلّ الكومنترن عام 1943، وهو مركز قيادة الحزب الشيوعي، يرى الحصري "أن فكرة الوطنية قد انتصرت على فكرة الأممية، حتى في روسيا السوفييتية نفسها".

- ولكن في أيام عزّ الاشتراكية في منتصف خمسينيات القرن العشرين نراه يكتب: "أنا لا أخالف من يدعو إلى الاشتراكية، حتى إنني لا أعارض من يقول بالشيوعية، غير أنني أطلب إلى هؤلاء ألا يمزجوا دعوتهم هذه بالفكرة الأممية، وألا يجعلوا حركتهم معادية للنزعة الوطنية".             

6 – دفاعا عن عروبة مصر في الطبعة الثانية من كتاب "آراء وأحاديث في القومة العربية"، أنشأ الحصري مقدمة بعنوان: "مصر تعي عروبتها وتندفع إلى العمل بهديها"، عاكسا في هذه المقدمة الصعود العروبي في مصر، مع ترسّخ أقدام جمال عبد الناصر، معبود الجماهير العربية آنذاك.

وهنا يستعيد الحصري الكتاب المفتوح الذي وجهه عام 1938 إلى طه حسين ونشرته مجلة الرسالة القاهرية حول مصر والعروبة في الرد على طه حسين عندما كتب: "من المفيد أن يكون تعاونا اقتصاديا وحتى تحالفا عسكريا بين تلك الأقطار العربية، غير أنه لا يرضى بوحدة سياسية". وتعليل طه حسين "أن الفرعونية متأصلة في نفوس المصريين، وأنها ستبقى كذلك، بل يجب أن تبقى وتقوى".

وتوالت الردود بين الحصري وطه حسين عام 1939، حيث نشر الحصري في مجلة الرسالة القاهرية 1939 رسالة إلى طه حسين حول الوحدة العربية.

وبعد عقد من الزمن، نشر طه حسين مقالا في العدد الممتاز من مجلة الهلال عن "العقل العربي الحديث" عَرَضَ فيه، حسب رأي الحصري، الوحدة العربية بطرق ملتوية.

وكثيرا ما اعترض الحصري على حجج طه حسين في كتابه "مستقبل الثقافة في مصر" حول الهوية الفرعونية لمصر، معللاً ذلك بأنه إذا كانت المشاعر الفرعونية تتأصل في وجدان المصريين، فإنه يجب معه أن تستعيد لغة الفراعنة وحضارتهم، وأن مصر لا يمكن أن تنبذ العروبة الحيّة تحت دعوى الانتماء إلى حضارة ميتة.

لم تقتصر مساجلة الحصري حول عروبة مصر على طه حسين، بل انتقل السجال بين الحصري والمفكر المصري المعروف لطفي السيد، الذي أدلى بحديث إلى مجلة المصور في 5 - 5 - 1950، جاء فيه: "وكذلك نحن المصريين يجب أن نتمسك بمصريتنا، لا ننتسب إلى وطن غير مصر، مهما كانت أصولنا حجازية أو سورية أو شركسية أو غيرها. ويجب أن نحافظ على قوميتنا ونكرم أنفسنا ووطننا ولا ننتسب إلى وطن آخر، ونخصه بكل خيرنا وكل منافعنا".

فرد عليه الحصري بمقال نُشِر في جريدة المصري بتاريخ 20/5/1950 بعنوان: "مصر بين المصرية الخالصة والعروبة"، وخلاصته ليس من الصواب أن تنسلخ مصر عن عروبتها.                            

7 - وجّه الحصري أيضا سهام انتقاداته إلى دعاة الإقليمية في سورية الكبرى، وأبرزهم أنطون سعادة، مؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي، الذي كان ينفي وجود رابط قومي بين سورية وغيرها من الأقطار العربية، التي يصفها بالبداوة، على عكس الأقطار السورية في الهلال الخصيب (سورية ولبنان وفلسطين والعراق والأردن)، مركزاً على الرباط الجغرافي للهلال الخصيب لتمييزه عن الأقطار العربية الأخرى. فهكذا نجد الحصري يرفض الرباط الجغرافي وحيدا كأساس للقومية، ويرفض أيضاً التسليم بوجود سمات ومميزات للسوريين (سكان الهلال الخصيب) تختلف عن تلك التي تتسم بها الشعوب الأخرى الناطقة بالعربية.                  

8 - الدفاع عن قومية الأدب أمام المنادين بإقليمية الأدب. فالأدب العربي حافظ، في رأيه، على صفته الموحَّدة والموحِّدة، حتى في أسوأ عصور تفكك الدول العربية وتفتُّت شعوبها. ويرى الحصري أن "التنوّع والأصالة شيء وإقليمية الأدب شيء آخر. فلا يوجد أدب مصري وأدب عراقي أو شامي أو تونسيٌّ… وإنما يوجد أدباء مصريون، عراقيون، شاميون، وكلُّهم يسعون إلى تطوير الأدب وإبراز أصالته..".

9 – التنوير هو السبيل لتكوين ثقافة عربية معاصرة. ولا يقتصر التنوير عنده على التعليم المدرسي والتحصيل الجامعي، بل يتعدّاه إلى تأثير المفكرين والإيديولوجيين من حملة الأفكار القومية والوطنية النيّرة. وهذا ما جعله يعتبر وحدة الثقافة مقدِّمة هامة وأساسيّة للوحدة السياسية. وهذا يستدعي، في رأي الحصري، إصلاح وتوحيد أنظمة التربية والتعليم في البلدان العربية. وقد ساهم واهتمَّ بهذا الدور التنويريِّ الهام، فاعتبرَ المدرسةَ مهمَّتُها إعدادُ الجمهور لتقبُّلِ الأفكار الجديدة وجعل الجيل الجديد عاملاً في إعداد مجتمع راق، ولذلك دعا إلى الإبداع الخلاق وزرعه في نفوس الناشئة من دون إلغاء الأصالة.

10 -  بين الوحدة العربية والوحدة الإسلامية. على عكس عبد الرحمن الكواكبي ومحمد عبده ورشيد رضا، نجد الحصري يتبنى دعوته التنويرية من منطلق علماني استناداً إلى اللغة والتاريخ، متجاهلاً الرابط الديني أو الإسلامي، مبيّنا أن فكرة القومية العربية نشأت عند المفكرين المسيحيين قبل المسلمين، وأن المسيحيين ساهموا في بناء الحضارة العربية قبل الإسلام وبعده.

وحول علاقة الفكر القومي بالدين، أعرب الحصْري بصراحة وجهة نظره في فصل الدين وعدم اعتباره من مقوِّمات القومية، فيقول: "إن التفكير في بعض الأمورِ مستقلاً عن الدين، لا يعني إنكار الدين، إنَّما يعني اعتبار تلك الأمور مما لا يدخل في نطاق الأمور الدينية. وذلك لا يحول دون الرجوعِ إلى الدين في سائر الميادين. ولذلك كلِّه قلت وما أزال أقول: إنَّ نَعْتَ القومية باللادينية والقوميين باللادينيين، لا يتفق مع حقائق الأمور بوجه من الوجوه..".

11 – الحصري وموقف بعض مثقفي الشيعة منه

يتهم بعض مثقفي شيعة العراق الحصري بترسيخ الطائفية في الدولة العراقية الحديثة، التي أقامها الاستعمار البريطاني على أنقاض الدولة العثمانية، ونصّبوا سنة 1921 الملك فيصل الأول بن الشريف حسين ملكا عليها، في محاولة لإرضاء الشيعة المضطهدين في العهد العثماني والثائرين 1920 على الاحتلال البريطاني. ولكن سياسة ساطع الحصري التعليمية التنويرية ذات المنحى القومي العربي، لم تحز قبول متطرفي الشيعة واتهموه (باطلا حسب تقديرنا) بالطائفية في محاباة السنة نتيجة مناهجه التعليمية. وتزخر كتب مثقفي الشيعة بإلقاء أصابع الاتهام على الحصري و"عمالته" للإنكليز حكام العراق الفعليين.

وفي الوقت نفسه بدأت علائم الصدام بين الحصري القومي المستمد أفكاره من الفكر القومي (الغربي) الشوفيني ومثقفي شيعة العراق. ولم يكن الحصري ينظر بعين الرضى إلى ارتباط شيعة العراق العرب بالشيعة الفارسية، في وقت كانت أصداء ثورة أكتوبر الاشتراكية (البلشفية الشيوعية) تتردد أصداؤها بين من سيسيرون نحو اليسار في العراق.

ومن هذا المنطلق، يمكن فهم الصدام بين الشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري ذي النزعة اليسارية، الذي سيحتل شعره مكانة رفيعة في العالم العربي، والحصري مستشار وزارة المعارف العراقية. فقد أقال الحصري عام 1927 المعلم الجواهري من سلك التعليم، متهما إياه بالشعوبية، مصرّا على فصله، رغم تدخل الملك فيصل الأول لصالح الجواهري وإبقائه في التعليم. وعندما لم يُفلح الملك فيصل في مسعاه لإبقاء النجم الثقافي الصاعد في التعليم رضخ للأمر الواقع. وفي الوقت نفسه أرضى الجواهري بتعيينه موظفاً في البلاط الملكي، وتجنّب بذلك نقمة محبي الجواهري على الملك. وقد خصص الجواهري عشرات الصفحات من مذكراته شارحا ما عاناه على يد الحصري المدعوم إنكليزيا.

                      ***

عاش ساطع الحصري، في مجرى سَيْرِه مع تيار الحداثة المتمفصل مع فكر قومي متشدد، المراحل التالية:

-  العهد العثماني حتى 1918.

- عهد الدولة الحديثة العربية السورية ومليكها فيصل (1918- 1920).

- عهد الدولة الحديثة العراقية وملكها فيصل، وهرب من العراق 1941.

- مرحلة العمل الثقافي في الجامعة العربية في القاهرة.

ونتيجة لهذا العمل الخصب المديد في مراكز حساسة لوضع مناهج التعليم وبناء الأجيال العربية بروح قومية، تناول عدد كبير من الباحثين نشاطات الحصري الفكرية، نذكر منها:

- المؤرِّخ المصري محمد عبد الرحمن أصدر كتابا بعنوان "ساطع الحصري".

- تيخونوفا الباحثة السوفييتية أصدرت عام 1985 كتابا بعنوان "ساطع الحصري رائد المنحى العلماني في الفكر القومي العربي".

- الباحث الأميركي ويليام كليفلاند، الأستاذ في جامعة برنستون كان له القدح المعلّى في كتابه القيّم: "الحصري من المفكرة العثمانية إلى العروبة"، ترجمة فكتور سحاب، بيروت 1983.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.