Print
هوشنك أوسي

رد على مقال "مقاولي الثقافة العربية"

20 سبتمبر 2019
آراء

وصلنا من الكاتب والروائي السوري هوشنك أوسي ردّ مطوّل على مقال الشاعر عماد فؤاد والمعنون "عن مقاولي الثّقافة العربيّة"، والذي نشرناه في "ضفّة ثالثة" بتاريخ 9 أيلول/سبتمبر الحالي، ولأن المقال خرج عن حيز الرد إلى فضاء آخر من التجريح والإهانات الشخصية، ارتأينا أن نقصر ما جاء في رد أوسي على ما يخص روايته فقط، وذلك انطلاقاً من حرص الموقع على حق الرأي والرأي الآخر.. وهو ما يلي:
"في سياق مقالاته المتكررة التي يبدي فيها الكاتب والشاعر والروائي المصري عماد فؤاد حرصه على الثقافة والإبداع في المهجر، معلناً امتعاضه الشديد من الأمراض والأعراض والمظاهر السلبيّة التي تعتري الحركة الثقافيّة في العالم العربي وأوروبا، نشر منبر "ضفّة ثالثة" يوم 9/9/2019 مقالاً تحت عنوان (سوق الأدب العربيّ بالغرب.. عن "مقاولي الثّقافة العربيّة"!) يتعرّض فيه فؤاد إلى كاتب هذه الأسطر، تلميحاً بالقول: (ماذا لو كتبتَ بعد محاولات مُضنية - كما هو واضح - روايتك الرّديئة الأولى، وحشوتها بشعاراتك السياسيّة الزّاعقة، والمدافعة عن الأقلّية التي تنتمي إليها، ورغم هذا تحصد - يا للحظّ ويا للمصادفات العجيبة! - إحدى الجوائز العربية الكبرى المتاحة اليوم، والمكلّلة بمبلغ مالي لا يُستهان به، لا لشيء إلا لأنّ أحد أعضاء لجنة التّحكيم التي منحتك الجائزة، ينتمي إلى ذات الأقلّية التي تنتمي إليها وتدافع عنها؟ ألن تزيدك هذه المصادفة الإلهيّة ثقّة في نفسك وتأكيداً على موهبتك؟). واختتم مقاله بالقول: (عرض كاتبنا "الأقلويّ" مبلغاً خيالياً باليورو على أحد المترجمين ليترجم روايته الرديئة إلى إحدى اللغات، وأمام ضخامة المبلغ قَبِل المترجم أن يخوض التّجربة، إلا أنه قرّر (بعد قراءة 15 صفحة فقط) أن يلْكم الروائي لو رآه يوماً، وعلى الرغم من هذا، فقد زادت الجائزة المالية الضخمة من ثقة كاتبنا وأكّدت على موهبته. وهو الآن لا يطمح إلى شيء غير "نوبل".. قادِر يا كريم!).
للقارئ العزيز أن يلاحظ كمّ استخدم الكاتب "كاف الخطاب" في المقتبس الأوّل، ليتأكّد من منسوب الخطاب الشخصي المباشر المدسوس في سياق عام! وطبعاً، حين كتبت تعليقاً على صفحته في الفيسبوك، أردّ فيه عليه، أجاب بالتالي حرفيّاً: "على حد علمي لم أذكر اسمك أو عنوان روايتك في المقال عزيزي هوشنك، صباحك رواق". هذا الردّ الذي ينطوي على التذاكي والقليل من "الفهلوة" وينطوي أيضاً على قلّة الشجاعة أثناء المواجهة في قول الحقيقة، وعلى أن عدم ذكر الاسم يخلي مسؤوليّته الأخلاقيّة والأدبيّة من التطاول! ذلك أن الكاتب الكردي الوحيد الذي يعيش في أوروبا، وفازت روايته الأولى بجائزة أدبيّة عربيّة كبيرة (كتارا) هو أنا. وباعتبار فؤاد ينظر إلى نفسه على أنه كاتب "أكثروي" عربي، فإنه يراني ككاتب "أقلوي" كردي. إن توصيف وتصنيف "الأقلوي" أقلّ ما يقال فيه بأنه مهين ومشين لمن يطلقه، إذا لم يكن ينطوي على العنصريّة أيضاً!
(........)
لست في وارد الردّ على رأي عماد فؤاد في روايتي التي أعتقد أنه لم يقرأها، وربما أخذ بعض الآراء السطحية عنها من هنا وهناك. فرأيه اللانقدي يخصّه وحده، ويمكن لمجموعة المقالات التي تناولت الرواية الردّ عليه، بل إنّ فوز الرواية بجائزة كتارا، دورة 2017، وترجمتها للإنكليزية والفرنسيّة، هو الردّ الواضح والفصيح والصريح عليه وعلى غيره من المشككين والطاعنين. لكن في ما يتعلّق برأيه بلجنة تحكيم الجائزة، ليسمح لي بالقول: إن أبسط مبادئ العمل الصحافي أو الكتابة في الصحافة الثقافيّة هو التقصّي والتحرّي عن المعلومة، لئلا يصيب الكاتب نفسه بحكمٍ خاطئ يتكئ على معلومة خاطئة. فروايتي الأولى التي فازت بجائزة كتارا سنة 2017، هي أصلاً مترجمة إلى الفرنسيّة والإنكليزيّة، كجزء من الجائزة نفسها، بالإضافة إلى المكافأة الماليّة. يعني، لست بحاجة إلى إعادة ترجمتها للفرنسيّة (لغة أوروبيّة). وعليه، إمّا أن صديقه المترجم نقل له الكلام، وما جرى بيني وبينه، بشكل خاطئ! أو أن فؤاد تعمّد اقتراف الخطأ وتوظيف المعلومة الخاطئة، والرأي الخاطئ، ونسبها إلى صديقه المترجم. أمّا حديثي مع المترجم الذي ذكره فؤاد فكان عن روايتي الثانية، وليس الأولى. ولم أعرض عليه أموالاً البتّة. بل قلت له: في حال عثوري على مؤسسة تدعم الترجمة، وقتذاك سنستكمل إجراءات اتفاق الترجمة. هذا كل ما في الأمر. وأعتقد أنه ليس من شيم صديقه المترجم وأخلاقه أو أخلاق أي مترجم آخر أن يلكم من يرسلون له رواياتهم مرفقة بالإهداء، مهما كانت تلك الروايات متواضعة؟!
(........)
من جهة أخرى، أسماء أعضاء لجان التحكيم في جائزة كتارا، منشورة على موقع الجائزة. وفي حال كان الموقع فيه أي عطل، يمكن للصحافي أو الباحث أو الناقد السؤال من الجهة المعنيّة عن دورة سنة 2017، ليتأكد له أنه ليس فيها ناقد أو كاتب "أقلوي" منحني الجائزة، لمجرّد أنني كردي من سورية، أو "أقلوي" حسب تعبير فؤاد! ثم إن هناك لجنة طويلة عريضة، لها تراتب، ومهما كان عضو اللجنة "الأقلوي" قويّاً، لن يكون بتلك السلطة والسطوة التي تمكّنه من السيطرة على لجنة بأكملها. وبالتالي، عدم مراجعة موقع جائزة كتارا، والبحث في أسماء لجان التحكيم، وإطلاق كلام كيفما اتفق والقول: "... لا لشيء إلا لأنّ أحد أعضاء لجنة التّحكيم التي منحتك الجائزة، ينتمي إلى ذات الأقلّية التي تنتمي إليها وتدافع عنها؟" يتبيّن من ذلك مستوى المراس الاستقصائي الصحافي والأدبي أيضاً لدى عماد فؤاد، ومستوى التعمّد والنفس العدواني لديه في ذكر المعلومة الخاطئة وممارسة التشويش والتشويه العمد. وللمعلومة التي يمكن أن يعرفها أي شخص، أنه من ضمن لجنة تحكيم دورة 2017، كانت الناقدة والباحثة المصرية والأستاذة الجامعيّة د. نانسي إبراهيم، وهي التي اختارت روايتي، وليس الكاتب أو الناقد (الأقلوي) الذي افترضه فؤاد. وطبقاً لتراتب وتوزيع لجان التحكيم في تلك الدورة، الناقدة التي صادقت على اختيار د. إبراهيم، هي الباحثة والأستاذة الجامعيّة الأردنيّة د. مريم جبر. وهذا يعني ناقدة من مصر، وأخرى من الأردن! طبعاً، هذه المعلومات عرفتها في ما بعد، سنة 2018.