Print
شادي روحانا

من كتب قصة علاء الدين؟

21 أبريل 2018
آراء

يواصل الحوار حول هوية ومصدر "ألف ليلة وليلة" على صفحة فيسبوك الخاصة بالشاعر أمجد ناصر دورانه، وهو حوار ساهمتُ فيه عبر مقالتي "هل كانت ألف ليلة وليلة كتابًا أم لا؟" عبر موقع ضفة ثالثة (3 أبريل 2018).

وأثارت مقالتي بعض الردود على صفحة أمجد ناصر إياها، منها رد الزميل أحمد عبد اللطيف عليها بأنه "من المستبعد تمامًا أن تكون ألف ليلة وليلة العربية مُترجمة عن الفرنسية بعد ترجمتها إلى الفرنسية".

أمّا ردّي عليه فهو: لِمَ لا؟

في مقالته "الكتابة في الصندوق"، والتي نُشرت في مجلة "مشارف" في حيفا في عددها التاسع من العام 1996، يروي الأديب الفلسطيني أنطون شمّاس حكاية تعثّره بقصة "الصندوق على ظهر الفلاح"، المنسوبة إلى ألف ليلة وليلة، وهو يُترجِم رواية إميل حبيبي "المتشائل" إلى العبرية خلال عام 1981. ففي الفصل الحادي عشر من الكتاب الثاني من "المتشائل"، والذي يحمل عنوان "بحث عجيب في الخيال الشرقي وفوائده الجمة"، يرد المقطع التالي:

"ما قولك بالفلاح المسكين، الذي خاف على عروسه من كلام الناس، فوضعها في صندوق حمله فوق ظهره وقام يحرث أرضه وهي فوق ظهره يومًا يومًا. فلما التقاه الأمير بدر الزمان، سأله عن سبب هذا الصندوق محمولًا فوق ظهره، فأخبره. فأراد الأمير أن يرى بعينه، فأنزله وفتحه، فإذا بعروسه مضطجعة، في الصندوق فوق ظهر زوجها، مع الشاب علاء الدين" (المتشائل، طبعة ابن خلدون الصادرة ببيروت العام 1989، ص129؛ أما الطبعة الأولى فصدرت عام 1974 عن دار الاتحاد في حيفا). 

عند تعثّره بهذه القصة، نبش أنطون شمّاس، المترجم الأمين، في النسخة التي بحوزته من ألف ليلة وليلة "طولًا وعرضًا" بحثًا عن القصة، "ولكنّي أخفقت في الحصول عليها"، كما يقول. يومها لم يجرؤ شمّاس على استجواب حبيبي حول مصدر قصة "المرأة في الصندوق"؛ لكنه يروي، في مقالته، كيف بعد عشر سنوات، أي يوم الخامس والعشرين من نيسان/ أبريل 1991، "تملكتني شجاعة مفاجئة لا أدري مصدرها، فبعثت بفاكس ليليّ إلى إميل حبيبي بما معناه: بحقّ الشيطان، عثرت على قصة الفلاح والصندوق والأمير بدر الزمان في كتاب ألف ليلة وليلة؟".

وبعد ساعة من الزمان، جاء الردّ التالي من إميل حبيبي:

"كان عليّ أن أنتظر أن تكون أنت، دون خلق الله أجمعين، مَن "سيَمسِكني" في القضية الأدبية التاريخية المذكورة. فإنني لم أجد قصة الصندوق على ظهر الفلاح إلا لدى ليو تولستوي في إحدى قصصه القصيرة، وتحدّث عن فلاح عربي أو شرقي، فارتأيت أن أحيلها على ألف ليلة وليلة موقنًا بأن تولستوي قد وجدها في إحدى النسخ […] وبما أن الأجداد أضافوا على ألف ليلة وليلة قصصا جديدة على مرّ العصور، فقد "قررت" أن أضيف قصة الصندوق المأخوذة عن ليو تولستوي، ولا أعتبر الأمر "سرقة أدبية"؛ حاشا وكلا. إنما هي "إضافة أدبية" ملائمة. وأنا متأسف على أنني نسيت المصدر التولستويي الذي أخذت عنه الرواية وأحلتها على ألف ليلة. وما عليك الآن إلا الانتقال من البحث في ألف ليلة إلى البحث في مؤلفات ليو تولستوي، وإذا شئت أن تنشر اعترافي هذا فأنت حر التصرّف به لأني لا أجد فيه أية غضاضة. وقد يكون ليو تولستوي هو الذي حفّزني على هذه "الإضافة" ولكنني غير متأكد. وتأكد أنني رهبت جانبك في الماضي أيضًا، فكيف الآن؟". (ص37 من عدد "مشارف" إياه).

مِن أين لتولستوي بهذه القصة؟ هل قرأها بالروسية، أم في واحدة من "ترجمات" ألف ليلة وليلة الأخرى (يُقال إن تولستوي كان يعرف ثلاث عشرة لغة، وكان يقرأ، على الأقل، أربعا!). أو ربّما سمعها من أحدهم؟ أما إميل حبيبي، فبأي لغة قرأ تولستوي؟

أما قصة علاء الدين، الشاب الذي "أمسكوه" وهو مُضجع مع زوجة الفلاح فوق ظهره داخل الصندوق، وكيف وصلت إلى "ترجمات" ألف ليلة الغربية، فهي قصة أروع وأعجب من قصة شمّاس عن إميل حبيبي ومصادره "التولستويية"، تعود إلى مدينة عكّا الفلسطينية… هنا سأسكت عن الكلام المُباح، لأبلغكم عنها في مُساهمة تالية.