Print
أسعد الجبوري

دون كيشوت في بلاد البلاشفة

2 مارس 2023
قص

سانشو: أراكَ حزينًا وقلقًا. هل ثمة ما يزعجك يا سيدي الدون؟
دون كيشوت: كنت أنتظر مكالمةً، ولكنها لم تأتِ منذ شهور.
سانشو: هل وقعت في غرام إحداهنّ، وبدأت المرأةُ باللعب التشويقي معك؟
دون كيشوت: لا وقت للسكس بكس عندي. فأنا أنتظر مكالمة من الريس بايدن، ولكنه لم يتصل.
سانشو: ربما لم ينتهِ الريس من شحن موبايله بعد. ولكن قٌلْ لي يا سيدي الدون، ماذا وراء تلك المكالمة المنتظرة؟
دون كيشوت: أن يطلب مني انضمام رمحي هذا مع الأسلحة التي تتدفق على أوكرانيا.
سانشو: قد يكون السيد فولوديمير زيلينسكي وراء تلك القطيعة ما بين رمحك وما بين الدبابات المرغوب فيها في معارك الربيع المقبل.
دون كيشوت: كلّ شيء جائز. لكنني لا أنسى هذا الاحتقار للرمح.
سانشو: معك حق تزعل من تجاهل بايدن، فلم يبق سلاحٌ في مخازن الحلفاء والجيران والذيول والتنابل إلا ودخل المعارك، عدا رمحكَ الاستراتيجي يا سيدي الدون.
دون كيشوت: أنت تعلم يا سانشو بأن هذا الرمح الذي ما زال صامدًا بكَفّي طوال قرون، أصيب الآن بنوبة انتحاب من الأسى؟
سانشو: ينتحبُ! وهل بات يتيم الوالدين، أم أصبح فقيد غرام؟
دون كيشوت: لا هذا ولا ذاك. كأن الرمح يريد الانسحاب من حياتي نتيجة الغيرة ليس إلا.
سانشو: وممن بات يغارُ يا سيدي الدون؟
دون كيشوت: من الأسلحة الحديثة التي تتطاير كالذباب فوق أوكرانيا. لذلك علينا شق الطريق إلى موسكو لمقابلة السيد بوتين.
سانشو: لدعمه في العمليات العسكرية بالرمح كما تقصد يا سيدي الدون؟
دون كيشوت: اللعنة على المخيخ المهجور تحت قحف رأسك يا سانشو. كيف تفكر بهذه الطريقة العجائبية الغرائبية يا رجل؟
سانشو: وإذًا، ما وراء رغبتكَ في زيارة عاصمة البلاشفة في مثل هذا الوقت العسكري الضيق الذي لا يقبل التكتيك، ولا أفكار الأيديولوجيات؟
دون كيشوت: لقد أخبرني حصاني بأنه يسعى لاستبدال الرمح بسلاح فرط صوتي.
سانشو: وأين هي الطواحين التي تتحملُ ذلك السلاح، أم تريد محاربة الأشباح يا سيدي الدون؟
دون كيشوت: يبدو أن غودو لن ينتظر الحرب الثالثة طويلًا. فدبابات ليوبارد تفتحت قبل أزاهير الربيع.
سانشو: ولمَ حصانك المخرف يريدُ حشركَ في حرب لا ناقة لك فيها ولا بغل؟!!
دون كيشوت: أنا سألته عن غايته، وأجاب بأن المرحلة هي مرحلة حرب الأشباح.
سانشو: قل لحصانك ألا يدخل الحرب إلا بعد تفريغ مخزونات الجيوش الأوروبية ودخول أبرامز الميدان.
دون كيشوت: ما هذه الأبرامز. أهي نوع جديد منافس لحفاضات بامبرز؟
سانشو: أجل يا سيدي الدون. لم تعد الأكفان متوفرة لتغطية أجساد قتلى الميادين، لذلك سيكتفي الطرفان بستر عورات الأجسام المحترقة بتلك الحفاضات السريعة القليلة التكلفة.
دون كيشوت: وإذا ما مات حصاني في الحرب، من سيتكفل بدفع ثمن كفنه يا سانشو؟
سانشو: ليس عليك إلا أن تسأل الكفّان الاستراتيجي بايدن.
دون كيشوت: وهل تم علاجه من الزهايمر ليتذكر تكفين حصاني المرحوم؟
سانشو: وما أدراني أنا يا سيدي الدون، فكل حروب أميركا سرعان ما ينال منها الزهايمر وتُنسى قبل صدأ الأبرامز وجفاف حفاضات البامبرز.