Print
عماد البريهي

أمام رَحِمِ الليل

19 أكتوبر 2019
شعر

أمامَ رَحِمِ الليْلِ

مُتأخراً فِي وِلادَتي 

اكتشفتُ أقمَاركِ السّبْعَةَ

وسَرِيرَكِ المعلقَ في كَتفِ الشّتاءِ

كَانَ الرّيحُ يَحُوكُ أنَامِلَه

القمرُ يَغتسلُ في مَعبدِ "إلمقه"

تَعَرفتُ على عَرافٍ كانَ بِجَناحٍ وَاحِد 

أخْبَرَني أنَّ مَجنُوناً سيَخرجُ من مَدينةٍ مُعلقةٍ فوقَ البَحرِ 

السماءُ مشبعةٌ بكِ

الثقوبُ السوْداء

المدنُ الزرقاء

الشجرُ المحملةُ بالورد

ملامحُك الفينيقيةُ تحولني إلى تِنِينٍ أسطوري

بشفتيكِ تتمددُ الفصُولُ الأربَعَة

ويَحْبلُ الربيعُ باخضراره 

من شرفتكِ المطلةِ على البَحرِ أقفُ راسماً تفاصيلكِ المسافرة في الريح

في الليلةِ المقمرةِ

تعرفتُ على نصفِك السفلي

نهداكِ كانا أشبهَ بأرنبٍ بريّ 

شفتاكِ آخرُ ما تبقى في "مخيلة المغني"

المغني الذي سقطَ مؤخراً من حديقةٍ بيزنطية

وهو يتهجى ملامحَكِ السماوية

لم أقلْ لهُ: إن حضنَك أشبهُ بِعُشبٍ ناعِم

وإنَّ رائحتَكِ كاللوزِ الجبلي

في ليالي الشّتاءِ

سنعبرُ إلى جِبَال (برومثيوس) 

ونعقدُ معَ الآلهةِ هدنةً كي تفكَ أسرَه

سنعيدُ لـ (حورسَ) العينَ المفقوءة 

ليرى النورَ كيف يتسللُ إلى الأرضِ على ظهرِ مُذنّبٍ

مع (رشنو) سنعقدُ جلسات كثيرة

سنعلمُ القمرَ كيفَ يتدلى على غصونِ الشّجر

ونَحضرُ ولادةَ فأرٍ أفريقي

لنكتشفَ الطريقةَ الأولى للولادةِ

على طريقِتنا 

سنتعلمُ أسرارَ الإسقاطِ النجمي

ونتمددُ في كلّ ظلٍ

ستمرينَ وحدكِ حين أتسلقُ على ظهرِ فيلسوفٍ عاش قبلَ الميلادِ في قلبِ مغارة

ستخبرينَ الحيّ الذي أقطنُه 

بأني عاشقٌ خرّ من السماءِ السابعةِ على ظهرِ نجم

أقدامي آخرُ ما تبقى لي من تاريخٍ أعمى

منذ آلافِ القرونِ وأنا أبحثُ عن ظلي الهارب

لم أكتشفْ أنَ لي أعينا في كتفي

إلا في بطنِ شجرةٍ

الشجرةِ التي تعلمتُ منها كيفَ أحصي أخطاءَ النجومِ الأبدية

في الليلةِ الأخيرة 

وجدتُ يدي معلقةً على كَتفِ لصٍّ فَرّ من رِوايةٍ قديمة

كانَ يُعلمُ الأطفالَ القفزَ فوقَ رؤوسِ الفَلاسفةِ

لم أزلْ أحلمُ بالحياةِ كعشبٍ

لم أتعرفْ على قلبي منذ أن فتحتُ عَينِي على الضوء

لم أعانقْ وَردةً 

ولمْ أحلمْ بِعِطرِ فتاةٍ 

حينَ صادَفتُ مُوسيقارا أخبرني أنّ سماءَك ستَحْملني 

وأنّ فؤادَك سيفتحُ لي السفرَ نَحوَ بَوابةِ السدرةِ 

وأنّي سأولدُ من جديدٍ بقلبٍ نَاضَج

في مَقْدمي المؤجّل 

أحْرِقي تَاريخَ البشريةِ لنرْسُمَ حَياةً نَحْو مِيلادِنا الأوّل

أنَا وأنتِ معا 

سنتعَرفُ على أبْجَديةٍ لم يكتبْها الماءُ

ستطوفينَ بريشكِ الملائكي على كلِّ كَوكب

وسنسكنُ في كتفِ السماءِ

لِنَرْشدَ الكائناتِ إلى حَضْرةِ الأبديةِ والأزَل. 

* شاعر يمني