Print
نغم دريعي

في الانتظار ذاته

15 يونيو 2018
شعر

شرفتي التي لم تنسها


نافذتي الموصدة منذ زمن 
اهترأ خلفها صوتي 
ولطالما عرفت أن سلالم الصمت
لن توصلك إليَّ
عبثاً كنت أرتقب تعاقب الفصول
منذ أن غاب وجهك عني

أتحين لربتتك

للثغتك
وعبثا أخفي نفسي عنك 
وكل قصائدي مكتوبة لك!..
أنظر إلى قعر صندوق مغبّر
لكم كان وردياً في يوم ما
دفنت فيه 
روزنامتي ..
وأشياء الأمس كانت فيه
تتسكع كمجنونة عمياء 
تبحث بين أكوام الحكايا 
عن ثرثرات المسافات 
عن كل الأمكنة 
وتهذي بتعويذة النسيان ..
وبذاكرة متمردة ما زلت أحتفي
نخب الغياب الأسطوري 

 

ذاكرة القصب

كلما كان يأتي العيد

كنت أصنع زوارق ورقية ملونة

كأقراط الغجر

وأحلم ببركة ماء

كم كنت أتمنى لو تمد لي البحيرة

يدها

كي أتحول إلى شجرة بثوب أخضر

  طويل 

كنت هناك أزرع وحدي القصب في

صدرك

كان الوقت يذهب إلى مثواه

وأنا أكمل خاتمة النص

فقط يؤلمني جرح يعيش معي

القصب الذي لم يزهر

وزوارقي التي لم تذق متعة العوم

 

أصابع الخريف 

قلبي الذي تركته في البرد

بلا مظلة

دون أن تعلمه السير حافياً

على جليد المسافة

وأصابعي الخريفية وهي تلتقي

بالسراب ..بأجنحة فراشات

مكسورة ..

تنتظر أن أهمس بأذنها

عن أطفال بلادي ..

عن أسماء

أخوتي ..

عن المطر الكثير الذي

هطل فوق جسد أبي

في غيابي

عن صورتك المرسومة على ثوبي الأخضر

وهي تقدد الوجع

منذ عرفت كان الانتظار رصاصة عارية

تشل الهواء

كمن يرتطم في وحدته بملامح وجهه

كمن يقضم الحنين في الخفاء

ويخرج مبتسماً في جنازة

الحب ...



هزائم لن تتكرر

كلما هبت ريح الشمال

عصفت جراح جدران قلبي

ثملة بالحنين ما زلت

يقتادني وجع الغيمة الرمادية

المصابة بذعر الوعود

لهطول مطر يصحيني من ثقل

دخان هذا الكابوس

لأتعثر برائحة عطرك

وأشعر بالانتصار الصغير

أسرع لارتداء عقدي الملون ذاك

وأفرد جديلتي للهواء

وكوعلة أعتلي صخرة

واركل اليأس خلف أسوار المستحيل

وابتسم

 

القلب المثقوب

 كتماثيل هشة

وروح معطوبة

المحكومون بالفراق

هكذا عادوا من الحب

بأقدام حافية

لا شيء سوى رنين خلخال

وجرس كنيسة

الليل جليد، قاس كالمحتل

وجنازة النسيان مهزومة

وددت أن أعلم

كل الذين ما زالوا على قيد الحب

فنون الشجاعة

كي أنقذ الشجرة الوحيدة

في حديقة قلبي

وددت لو أفرد شعري الأزرق

  للسماء

أن أجمع كل مناديل الذكرى المرمية

  في العراء

وأنسج منها غطاء للقلوب العارية

 كي يستحي الخذلان

ويعلن الموت نفسه أرمل الفراق

 

تركات شخصية

هكذا أقضي عمري

يوماً لك ويوماً لي:

صباحاً لك وصباحاً لي

فصلاً لك وفصلاً لي ..

أجعل الأشياء مناصفة بيننا

أوزع تركات الطبيعة بعدالة

شجرة شجرة، غيمة غيمة

فراشة فراشة

أقاسمك المطر ..حبة حبة

كي لا أقع في شباك يد غير يديك

الأيام اليابسة أرعبتني

وهي توقد ذاكرة القصب في قلبي

كي أربط خصلة من شعري

إلى بياض يدك في انتظاري

كرهان لمجيئك

كي أغافل حلم ثوبي القروي الأزرق

  للحرير السماوي

كي أفك سحر البعد

وأقنع العرافة بتعويذة الحب

كي أضل طريق الرصاص

وألهي جنون الموج

ويعبر

أطفال بلادي  ...

 

الغياب 

أمد قلبي للعناق الأخير

لآخر وردة في مزهريتي

كم مشهدا ستختزله

اللحظات ...في حضرة

هذا الوداع ..

كم سنة من الحرائق سنطفئ

وفي كم من عواصم الانتظار سنتشرد ..

أرتب ملابسي ..روحي

أذني في انتظار ضحكتك

أشغل نفسي بجمع أوراق مبعثرة

لأتهرب من صقيع الموقف ..

قوافل حروف تهترس تحت لساني

تتلف حبالي الصوتية.

ماذا لو فارس ينجيني

من هذا الكابوس

لغيبوبة أبدية ..

 

لو يفتح نافذتي لسحابات

تمطر سيلاً كي أخفي معها دموعي ..

يا إلهي كيف لجسد سيسير بالغياب

بدون ذاكرة  ..

كيف سيصعد سلم الشعر بعد حين ..

وهل لقصيدة أن تحتمل كل هذه الخرائب.

كيف سيدخل المدينه المترفة بالفراغ.

المدينة التي غاب عنها سكانها

وقلبه المبلول بالخيبة

يسبقه في تابوت ....!

 

*شاعرة كردية سورية