Print
ياسر صاروط

العمارة البيئية ومستقبلها: دول الاقتصادات الناشئة ميدانها الأخضر

17 نوفمبر 2016
عمارة

البناء "أخضر" يحسّن اليوم من سمعة الشركة البانية أو المالكة، ويجعل المشروع أكثر جاذبية للزبائن مما يرفع من قيمته العقارية بنسبة مئوية محترمة

 

ما الذي يجعلنا نعتبر مبنى ما أنه "بيئي" أو "صديق للبيئة"؟ هل تكفي اللاقطات الشمسية المركبّة على سطحه أو بعض مواد البناء الطبيعية لإعطائه هذه الصفة؟ ما هي المعايير لتقييم المشاريع العمرانية من وجهة النظر البيئية؟ وكيف يمكن للتوجهات البيئية أن تتدخل في التخطيط العمراني؟ وهل من مستقبل للعمارة البيئية في ظل التكاثر السكاني والنموّ السرطاني للمدن الكبرى؟
يطمح هذا المقال إلى محاولة الإجابة عن هذه الأسئلة، انطلاقا من تحديد، مسهب إلى حد ما، للأهداف والمبادئ الأساسية لهذه العمارة.

حقائق بديهية

قبل الشروع في محاولة تعريف العمارة البيئية لا بأس من وضع الحقائق التالية، على بديهيتها، نصب أعيننا:

-عملية تصنيع مواد البناء ونقلها، وعملية البناء نفسها، واستعمال المبنى من قِبل شاغليه، كلها عمليات تستهلك طاقة وموارد طبيعية. وهي غالباً ما تتسبب في تلوث الهواء، الماء أو التربة، ناهيك عن التلوث الصوتي، الضوئي وغيرهما من الملوثات.

- تُحدث المباني تغييرات مهمّة، سلبيّة في الغالب الأعمّ، على مستوى المناخ المحلي، كما على مستوى المحيط الطبيعي أو المشيّد.

- تستهلك المباني والبنى التحتية مساحات ثمينة من الأرض، وتساهم في بعض الحالات في حدوث كوارث طبيعية كالفيضانات وهبوط التربة وانزياحها.

ليس القصد من إدراج هذه الحقائق القول إن علينا أن نختار ما بين البناء والبيئة. إذ إنّ خياراً كهذا يبدو مستحيلاً. فالبناء، تلبيةً للحاجات المتزايدة، لا يمكن أن يتوقف. ومن الناحية الأخرى، فإنّ الحفاظ على البيئة بات من المهمّات الضرورية والملحّة من أجل استمرار نوعية مقبولة وصحيّة من الحياة البشرية. لذلك فإنّ الاستنتاج المنطقي الوحيد مما تقدم هو الإقرار بضرورة إيجاد حلول للتوفيق ما بين البيئة والبناء.

فالمبنى – بمواده وشكله وحجمه، بتجهيزاته التقنية وتنظيمه الداخلي وطريقة استعماله - يحدّد إذا ما كانت الموارد تُبدَّد أو تُستعمل باقتصاد، كما يحدّد التأثيرات، سلبية كانت أم إيجابية، التي تحدث على البيئة، وبالتالي على الصحة.

إن مراعاة العوامل البيئية في تصميم وتنفيذ المباني، وفي التخطيط العمراني بشكل عام، وهو ما بات يعرف بالعمارة البيئية، العمارة الخضراء أو المستدامة، هو بالضبط محاولة التوفيق تلك ما بين ضرورتين: العمران والحفاظ على البيئة.

أهداف العمارة البيئية

المنطلق الأول للعمارة البيئية هو الوعي بأهمية حماية البيئة وترشيد استعمال الطاقة والموارد الأخرى. وذلك عند اختيار موقع البناء، شكله وحجمه وتوجيهه، مواده وتجهيزاته، وتنظيم وظائفه الداخلية. وانطلاقاً من هذا الوعي تسعى العمارة البيئية إلى تحقيق الأهداف التالية:

- تخفيض استهلاك الطاقة والموارد الأخرى في عملية البناء، وعند استعمال المباني فيما بعد.

-الاستخدام الذكي والمدروس للأنظمة الطبيعية والموارد المتجددة (الطاقة الشمسية، التهوئة الطبيعية، مياه الأمطار..إلخ)

- تأمين مناخ صحي لمستخدمي المبنى، خال من الانبعاثات الضارّة بجميع أنواعها.

-استعمال مواد بناء صحية، من موارد مستدامة، تصنيعها لا يستهلك الكثير من الطاقة.

- تقليص المساحات المبنيَّة ما أمكن، والحفاظ على المساحات الخضراء والعمل على زيادتها.

- الحفاظ على الأنواع الحية من نبات وحيوان.

-دمج المبنى في محيطه (الطبيعي أو المشيّد) وانسجامه معه.

... ومبادئها

هناك عدد من المبادئ الأساسية التي تشكّل جوهر فلسفة العمارة البيئية، والتي يمكن أن تنطبق على أي مشروع عمراني، بيتاً كان أم مبنى أم مدينة، هذه المبادئ هي:

-مبدأ التأقلم مع معطيات الموقع

- مبدأ استعمال الموارد المتوفرة محلياً

-مبدأ التنوع داخل الوحدة

- مبدأ السلاسل المغلقة

-مبدأ الاستقلالية والاكتفاء الذاتي.




التأقلم مع معطيات الموقع: يلقى هذا المبدأ، والذي يشكل شرطاً مهماً من شروط العمارة البيئية، قبولاً يكاد يكون عاماً. ومعطيات الموقع التي يجب أخذها في الاعتبار عند التخطيط لمشروع ما هي: المناخ العام والمناخ المحلّي، التضاريس ونوعية التربة، المياه الجوفية أو السطحية، اتجاهات الرياح الغالبة وقوتها، النباتات والحيوانات، والمحيط المبني.

إن فهم ودراسة وتحليل هذه المعطيات تؤدي إلى تحديد الخيارات الأساسية للمشروع، كالموقع والحجم والشكل والتوجيه. والتأقلم في مفهوم العمارة البيئية يعني أيضاً محاولة تقليص العبء الذي يسببه البناء على البيئة إلى الحد الأدنى.

استعمال الموارد المتوفرة محلياً: يسعى المشروع البيئي إلى تغطية حاجته من المواد والطاقة من خلال استغلال الموارد المحلية المتوفرة في الموقع أو بالقرب منه. وهذا يعني مثلاً الاستغناء عن الطاقة "المستوردة" ما أمكن، والتعويض عنها باستغلال الطاقة الشمسية، طاقة الرياح وغيرهما من الطاقات المتجددة. ومن البديهي القول إن استغلال هذه الطاقات لا يعني تبديدها، بل إن المشروع البيئي يسعى جهده إلى تخفيض استهلاك الطاقة إلى الحد الأدنى الضروري، وذلك بتطبيق التدابير المعروفة لتوفير الطاقة (جدران وأسقف معزولة، زجاج مزدوج...).

وينطبق هذا المبدأ أيضاً على مواد البناء. حيث تحبّذ العمارة البيئية استعمال مواد البناء المتوفرة محلياً، بدلاً من تلك المنقولة من أماكن بعيدة.

التنوع داخل الوحدة: من المعروف أن التنوع داخل أي نظام بيئي يؤدي إلى فعّالية هذا النظام وتوازنه واستقراره. وعلى العكس من ذلك، فإن الأحادية، أي سيطرة النوع الواحد تجعل النظام هشّاً وأكثر عرضة للأخطار.

إن المشروع العمراني، بوصفه نظاماً بيئياً من نوع خاص، يجب أن يراعي مبدأ التنوع هذا قدر الإمكان. فتنوع مصادر الطاقة مثلا، يؤدي إلى تقليص الأضرار الناتجة عن الأعطال الطارئة. وإضافة وظائف أخرى عند تخطيط أو إعادة تأهيل مجمع سكني مثلاً ( محلات تجارية، مقاه، ملاعب أطفال...إلخ) تجعل الحياة فيه أكثر جاذبية وحيوية. كما أن تنوع فئات سكان حي أو منطقة في مدينة مثلا يمنع نشوء "غيتو" (للفقراء، للعمال الأجانب، للون طائفي واحد...إلخ)، ويخفف بالتالي من المشاكل الاجتماعية وغيرها، التي تنتج بالضرورة عن "الغيتو".

السلاسل المغلقة: تعتمد الطبيعة مبدأ الدورات أو السلاسل المغلقة "لتسيير أمورها". ومن الأمثلة المعروفة على ذلك هي سلسلة المياه: تبخّر مياه البحر- تشكّل الغيوم- هطول المطر- سيول وأنهار تصب في البحر.

في البناء التقليدي تسير المواد في سلسلة ذات اتجاه واحد، "مقطوعة" في نهايتها. فالمياه، على سبيل المثال، تصل إلى البيت نقيّة، تُستعمل ثم تُرمى كمياه مبتذلة في المجارير التي بدورها توصلها إلى البحر، وتتسبب في تلوثه. أو المواد الغذائية: فإنها تدخل البيت كمواد أولية، تُستسهلَك ثم ترمى فضلاتها كنفايات، وتتراكم هذه لتتحول إلى مشكلة مستعصية.

تحاول العمارة البيئية تجنّب "السلاسل المقطوعة" قدر الإمكان. فالمياه المبتذلة مثلا تُصفّى ثم يعاد استعمالها. والنفايات العضوية يمكن تحويلها الى سماد يغذي النباتات التي بدورها تتحول الى غذاء للإنسان. أما الفضلات غير العضوية، وهي في غالبيتها مواد قيّمة (معادن، ورق، زجاج) فبالإمكان إعادة تدويرها واستعمالها مجددا.

الاستقلالية والاكتفاء الذاتي: بقدر ما تتمتع الوحدة العمرانية (بيت، مبنى، قرية، مدينة) بالاستقلالية والاكتفاء الذاتي، بقدر ما يكون استهلاك الموارد أقل، وأكثر عقلانية. إذ إن المسافات تصبح أقصر والتحكّم بالأنظمة يصبح أسهل. فبدلاً من تمديدات البنى التحتية المركزية التي تحتاج الى قطع مسافات طويلة، والتي تستهلك بالتالي كميات كبيرة من المواد والطاقة، وتكون أكثر عرضة للأعطال، يمكن إنشاء بُنى تحتية لامركزية، توفّر في الموارد. وبدلاً من "مدن النوم" في الضواحي، والتي يقطع ساكنوها يومياً مسافات طويلة الى أماكن العمل أو الترفيه أو التسوق، تكسب الضواحي أو القرى التي تحتوي على هذه الوظائف جاذبية أكبر. وتكون نوعية الحياة فيها أفضل.

لمحة تاريخية

يمكننا القول إن العمارة كانت "بيئية بالفطرة" منذ فجر الحضارات القديمة، بل ومنذ شيّد الإنسان أول مأوىً له. فقد حاول البشر دائماً التأقلم مع بيئاتهم والتعايش معها. هذا التأقلم تجلّى على سبيل المثال باستعمال المواد المتاحة محلياً، وباعتماد أساليب بناء ناجعة في الحماية من عوامل الطبيعة كالحرّ والبرد والأمطار، مع أقل قدر من الانعكاسات السلبية على البيئة. ولم تبدأ العمارة بالابتعاد عن الفطرة البيئية إلا مع بداية الثورة الصناعية في أوروبا في القرن التاسع عشر. فالهجرة الكثيفة إلى المدن، واختراع مواد وتقنيات بناء جديدة، واكتشاف النفط وتوفره بأسعار زهيدة لاستعماله في التدفئة، واكتشاف الكهرباء وتطبيقاتها الكثيرة، كلها عوامل أتاحت للعمارة أن تنسلخ شيئاً فشيئاً عن بيئتها وتتحرر من الالتزام بموجباتها. أدّى هذا "التحرر" وما نتج عنه من تطوّر في أساليب العمارة خلال ما يقرب من قرن ونصف القرن إلى تراكم تأثيرات سلبية كثيرة على البيئة. فصناعة البناء واستعمال الأبنية مسؤولان اليوم عن حوالي 50% من انبعاثات غازات الدفيئة واستنزاف طبقة الأوزون، وعن حوالي 50% أيضا من مجموع النفايات الصلبة و 40% من تلوث البحار والأنهار. ناهيك عن المشاكل الكثيرة التي نتجت عن التضخم العشوائي للحواضر الكبيرة.
أمام هذا الواقع، الذي أخذت معطياته تتكشف في أواخر ستينيات القرن العشرين، بدأت مجموعة صغيرة من المعماريين والبيئيين بالتساؤل عن جدوى الاستمرار بتلك الأساليب المعمارية التي أنتجت مبانيَ صندوقية من الزجاج والفولاذ، تتطلب تدفئة هائلة أو أنظمة تبريد مكلفة، أو الاثنين معاً.
وجاءت "الصدمة النفطية الأولى" عام 1973، والارتفاع الكبير في أسعار الوقود الذي رافقها، لتدفع بقوة نحو إعادة التفكير بأساليب العمارة، بهدف توفير الطاقة في الدرجة الأولى. أخذ معماريون من أمثال ريتشارد رودجرز ونورمان فوستر من بريطانيا، توماس هيرتسوغ وفراي أُتّو من ألمانيا وروبرت فوكس وبروس فول من الولايات المتحدة بمحاولة استكشاف وبلورة تصاميم معمارية جديدة، تتمحور حول ترشيد استهلاك الطاقة وحول التأثير البيئي طويل المدى.

للأبنية الخضراء مجالسها

أخذت أفكار العمارة البيئية تتطور وتنتشر في العالم منذ منتصف السبعينيات بموازاة انتشار الوعي البيئي عامةً. وبعدها بعقدين تقريباً بدأت تتأسس منظمات تضم المعماريين والمهندسين والمطوِّرين ذوي التوجه البيئي، كان من أهمها ما يُعرف ﺑ"مجالس البناء الأخضر" (Green Building Councils). تنتشر اليوم هذه المجالس في أكثر من مائة دولة، منها الدول العربية الآتية: الأردن، الإمارات، البحرين، عُمان، الكويت، قطر، لبنان، مصر والمغرب. وينسّق أنشطة هذه المجالس "المجلس العالمي للبناء الأخضر" ومركزه الرئيسي في تورنتو، كندا. ليست هذه المجالس المنظمات الوحيدة التي تعنى بالعمارة البيئية، إلا أنها الأكثر نشاطاً وتنظيماً ونفوذاً. فهي تضم اليوم أكثر من 27 ألف عضو حول العالم، من مكاتب هندسية، شركات ومنظمات مهنية. المهمة الأولى التي أخذتها هذه المجالس على عاتقها كانت تطوير معايير لتقييم المشاريع من وجهة النظر البيئية، ومن ثم حث السلطات المحلية على الأخذ بهذه المعايير في تشريعاتها المعمارية.
وهذا ما حدث بالفعل في الكثير من البلدان. فنظام "الريادة في التصميم الطاقي والبيئي" (اختصاره بالإنكليزية: LEED ) مثلاً، وهو مجموعة معايير طوّرها "المجلس الأميركي للبناء الأخضر" عام 1994، قد نال اعترافاً دولياً به كمقياس لتصميم وإنشاء وتشغيل المباني. نظام التصنيف هذا يقيّم ويقيس الأثر البيئي للمبنى وأداءه على المدى الطويل، ويأخذ بعين الاعتبار عدة نقاط، منها اختيار الموقع وتوفير الطاقة وكفاءة استعمال الماء وانبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكاربون وجودة البيئة الداخلية، وغير ذلك. ويتم تصنيف المباني التي تنال شهادة (LEED)، إلى 3 مراتب حسب درجة تطبيقها للمعايير المطلوبة، وهي: المرتبة البلاتينية، الذهبية والفضية. وقد قامت مجالس البناء الأخضر في العديد من الدول بتطوير أنظمة تقييم مشابهة، ولكنها تركّز أكثر على الخصوصيات المحليّة، منها "نظام التقييم بدرجات اللؤلؤ- إستدامة" في الإمارات العربية المتحدة و "نظام أرز لتقييم المباني" في لبنان. والجدير بذكره أيضاً في هذا السياق هو نظام BREEAM، والذي وضعته هيئة أبحاث البناء الحكومية البريطانية عام 1990، فكان أول نظام تقييم بيئي في العالم. ويتم العمل به اليوم في أكثر من 70 دولة.

مستقبل  أخضر؟

يوجد اليوم في العالم أكثر من مليار و200 مليون متر مربع من المساحات المبنية المصنّفة بيئياً بحسب نظام LEED، وأكثر من 2.250.000 من الأبنية المصنفة بحسب نظام BREEAM، فضلاً عن الكثير من الأبنية البيئية التي لم تُصنّف بعد، أو أنها صُنّفت تبعاً لأنظمة أخرى أقل انتشاراً. والمؤشِّر العام لاتجاه العمارة البيئية تصاعدي بكل وضوح. ففي دراسة علمية أعدتها "مؤسسة دودج للمعلومات والتحليل" مطلع هذا العام عن آفاق العمارة الخضراء، شملت معطيات من 60 بلداً، توقّعت ان يتضاعف عدد المشاريع البيئية المنفذة سنوياً في المعدّل كل ثلاث سنوات.
وتقول هذه الدراسة إن بلدان الاقتصادات الناشئة، مثل البرازيل، الهند، جنوب أفريقيا والسعودية، سوف تكون المحرِّك الأساسي لنموّ العمارة البيئية. فتتوقع مثلاً أن يتضاعف عدد المشاريع البيئية في السعودية ست مرات في غضون السنوات الثلاث القادمة. كما تتوقع ان يستمر توسّع العمارة الخضراء في البلدان الصناعية ليبلغ حوالي ثلث مشاريع البناء الجديدة في نهاية سنة 2018.
بالطبع يعود السبب في هذا الازدهار المتوقع للعمارة الخضراء في قسم منه إلى الوعي البيئي المتنامي عند المعنيين بصناعة البناء، إسوة بغيرهم من المواطنين. غير أن أسباباً أخرى، قد تكون هي الحاسمة، تقف في خلفية هذا التطور. فقد اكتشف المطوِّرون العقاريون وأصحاب الرساميل المردود الاقتصادي بعيد المدى للعمارة البيئية. فالأبنية الخضراء، ولو أنها تتطلب في البداية استثماراً أعلى بحوالي 5 الى 10 في المائة من كلفة الأبنية العادية، تحرز توفيراً مجزياً في تكاليف الطاقة والتشغيل والصيانة.
كما أن تصنيف البناء "أخضر" يحسّن اليوم من سمعة الشركة البانية أو المالكة، ويجعل المشروع أكثر جاذبية للزبائن مما يرفع من قيمته العقارية بنسبة مئوية محترمة. ثم ان دراسات عديدة أكّدت ان إنتاجية الموظف الذي يعمل داخل مبنى يراعي مبادئ العمارة البيئية يمكن ان تزيد من 15 إلى 20 بالمئة. من ناحية اخرى فإن تبنّي بعض الحكومات للمعايير البيئية وإدراجها في تشريعاتها المعمارية، كما الحوافز الضريبية والمكافآت التي تُمنح للمشاريع البيئية في بعض الدول، ساهمت ايضاً في انتشار العمارة الخضراء. وفي المستقبل المنظور فإن الدول التي وقّعت على اتفاقية باريس حول التغيّر المناخي (195 دولة) سوف تجد نفسها مجبرة على الأخذ بشروط العمارة الخضراء من اجل الوفاء بالتزامات المؤتمر المذكور.

التصميم المعماري البيئي اليوم هو ببساطة التصميم الجيد، بحسب ليزا بايت، معمارية في إدارة "المجلس العالمي للبناء الأخضر". وقد يأتي يوم نُسقط فيه استعمال صفة بيئية، خضراء أو مستدامة الى جانب مصطلح العمارة، لأنها إن لم تكن بيئية فإنها لن تكون عمارة.    


*معماري من لبنان مختص بالعمارة البيئية