Print

"لا أَزَلٌ إِلاَّ صمتُكِ..لا أَبدٌ إِلاَّ صوتُكِ" لهوشنك أوسي

25 يناير 2020
صدر حديثا
عن منشورات مؤسسة "بتانة" في القاهرة، وفي 96 صفحة من القطع المتوسط، صدر حديثاً
ديوان جديد للشاعر الكردي السوري هوشنك أوسي بعنوان: "لا أَزَلٌ إِلاَّ صمتُكِ.. لا أَبدٌ إِلاَّ صوتُكِ"، وهو الديوان الثامن للشاعر.

يشمل الديوان خمساً وعشرين قصيدة متفاوتة الحجم، متنوّعة المواضيع، عبّر من خلالها عن تفاعله مع أسئلة الحياة والموت، وهمومهُ وشجونهُ في الحب والغربة والانكسارات والخيبات الشخصيّة والعامّة. وتمتدّ الفترة الزمنية التي كتب أوسي قصائدهُ المنشورة في ديوانهِ الجديد هذا بين عام 2009 ولغاية 2019، وكتبها في أمكنة مختلفة، أثناء تنقلهِ لاجئاً، ثم مستقرّاً مقيماً في بلجيكا، كدمشق، اسطنبول، أثينا، وبروكسل، أوستند، آنتويرب في بلجيكا، والقاهرة. وأهدى ديوانهُ هذا إلى مقهى "الجريون" ومقهى "زهرة البستان" في القاهرة. وسيوقّع أوسي ديوانه في جناح مؤسسة "بتانة" ضمن فعاليّات معرض الكتاب الدولي في القاهرة، وذلك يوم 27 يناير/كانون الثاني الحالي.
ولد هوشنك أوسي، وهو شاعر وروائي وصحافي كردي سوري، يوم 5/1/1976 في بلدة الدرباسية - الحسكة، شمال شرقي سورية. يكتب باللغتين العربيّة والكرديّة. متخصص في الشؤون الكرديّة والتركيّة. نشرت له صحف عربيّة عديدة ومواقع إلكترونيّة عربيّة وكرديّة أخرى. عمل محرراً للأخبار ومعدّاً للبرامج في قناة (ROJ TV) الكردية. وعمل محرراً في مجلة سورغل الكردية المعنية بالبحث والتحليل والتوثيق. عضو نادي القلم الكردي (PENa Kurd) ونادي القلم الدولي (PEN International) ونادي القلم البلجيكي (PEN Vlaanderen) ورابطة الصحافيين السوريين.
شارك في العديد من النشاطات والملتقيات والمهرجانات الأدبيّة والثقافيّة داخل وخارج بلجيكا، كملتقى الرواية العربيّة في القاهرة، وملتقى الرواية في فلسطين عام 2019. وترجمت قصائده إلى التركيّة، الإنكليزيّة، الفرنسيّة، والهولنديّة.
صدرت له روايتان: "وطأة اليقين: محنة السؤال وشهوة الخيال"/دار سؤال/ بيروت 2016. وفازت هذه الرواية بجائزة كتارا للرواية العربية، فئة الروايات المنشورة، دورة 2017، وترجمت إلى اللغتين الإنكليزية والفرنسيّة؛ "حفلة أوهام مفتوحة"/دار سؤال/ بيروت 2018.
له روايتان قيد الطبع. ويقيم في مدينة أوستند البلجيكيّة.

 

من أجواء الديوان

الغريق

1

عيناكِ حقلا قمحٍ يانعين، ينتظران هبوبي والهطول.

عيناكِ مِديَتانِ من وضحِ التوقِ، تبحرانِ في قلبي، والغربةُ تنعيني إليكِ، يا فردوسَ الكلام، وكلامَ الفردوس.

2

عيناكِ عينا قطّةٍ، أدمى فبراير خيالها والانتظار.

وأنا الغريقُ في الهيامِ، أتوسّلُ غفوةً في رحابِك، والدروبُ إليكِ لهبٌ وحُمّى، وفيضُ قلقٍ شرِس.

بين نهديكِ، يطلقُ الأبدُ ساقيتهُ. وكلُّ صحاري الكون، لا تضاهي ظمأي لك، يا عروساً أتلفَتِ الغيومُ نفسها، في وصفها، والأمطارُ.

3

منساقاً إليكِ، بحرَ حنينٍ وقصائد.

توقي، توقُ الوجودِ للعدم،

وقلبي، يقينُ القُربانِ الماضي نحو حتفِهِ.

لكأنِّيَ الفناءُ، سارداً أقاصيصَ ويلَ غربتي...

لكأنِّيَ عراءُ المجازر..!

يقيناً، أنا قُربانكِ الولودُ، لكأنِّيَ قطوفُ الخناجر!

4

هذا كأسُ جبريل، مترعاً بدمعي، وأنا أناجيك غريقاً في أتونِ عشقكِ مُصطلياً.

هذا كأسُ عزازيل، مترعاً بدمي، وأنا أخطُّ على سدرةِ الأزل، سيرةَ أفوليَ أوطاناً، وقيامتي شعوباً تسبِّحُ بحمدِكِ

يا تيجانَ الأنوثةِ وأكوانَ الغواية.

هذا كأسُ يوسفُ مترعاً بندمهِ على ردّه طلب زليخة.

هذا كأسُ سليمان، مترعاً بحقدهِ عليَّ لأنّك حبيبتي، والهدهدُ مرفرفاً فوقنا والوردُ.

هذا كأسُ أفروديت مترعاً بالغيرةِ والكيد، لأنّك خطفتني من لوثاتي الى فضاءاتكِ.

وهذا كأسي، مترعاً بك..

كلّما قتلني الشوق إليك، تحييني رشفةٌ منه.

5

يخالجني الموتُ متلبّساً عطركِ، فأطير إلى حيثُ تطير الآلهة، تقودها اللّهفة لأن تغدو أوثاناً تحيط بقدّكِ، يا شجيرةَ النسرين.

يخامرني التوهانُ متقمّصاً صوتكِ، فأنشدُ حضنكِ آفاقاً وليالٍ.

تساورني بدائعُ كنوزِكِ، فأداهمكِ كعصفِ الخيالِ ملتاعاً، ناهباً منهوباً، وضراماً من حنين.

إثمي، أنني الغريق. وذنبُكِ أنكِ البحر.

9/9/2011

بروكسل

***

مقهى الجريون

واهناً مترنّحاً كخيطِ عنكبوت

لم أكن أدري ما تخفيه ليلة القدر لي.

ليلةُ القَدَر، الحبُّ فيها خيرٌ من ألف دهر.

تنزّلت فيها ملائكة العشق وشياطينه

وتعانقت على مذبح الخطيئة الرائعة.

واهناً، مترنّحاً كخيطِ دخان، بل وأكثر.

وإذ بنسمتكِ وبسمتكِ تبدداني.

***

كلُّ قلبٍ مررتِ بهِ، أقفلتهِ على نفسكِ.

على قلوبٍ أقفالكِ.

على أرواحٍ أقفالكِ.

على أجسادٍ ظلالُكِ - أقفالكِ.

مشدوداً إلى أقصاه

كوترِ قرارِ كمانٍ، لا قرار له

أنتظركِ في مقهى "الجريون" انتظارَ الكمانِ الفاقدِ قوسهُ.

انتظرتُ وانتظرت...

علَّ ليلة القدر تكتمل

وفبراير يشددُّ الخناق على شهوات القطط.

انتظرتُ... وانتظرت، حتّى ملَّ الانتظار.

خرجتُ من المقهى منكوب الظلّ والصوت

كقطّ شارد، خائبٍ وذليل

يجرُّ خلفه زواريب وأزقّة فبراير ونباحَ الكلاب الحزينة.

8/2/2019

على متن الطائرة المتجهة من القاهرة إلى بروكسل