Print

عدد جديد من "براءات": ملف "الشعر والعولمة"

12 أغسطس 2019
عروض
بطبعتين واحدة عربية وأخرى فلسطينية، صدر عن منشورات المتوسط - إيطاليا العدد الثاني من مجلة "براءات" - صيف 2019، وجاء مُتعدِّداً ومتنوعاً من حيثُ المواد والمختارات الشعرية التي وزِّعت على أبواب المجلة في اشتباكٍ متشعِّب إبداعي وفكري مع ملفِّ "الشِّعر والعولمة". كما يُميّز العدد ملفٌّ مُطوَّل عن الكتابة الجديدة في السودان بعنوان: غناء العزلة ضدَّ العزلة.
يتضمن ملفّ "الشِّعر والعولمة" نقاشات من دمشق في جلسة خاصة بـ"براءات"، أدارتها الشاعرة وسكرتيرة التحرير مناهل السهوي بين خمسة شعراء وشاعرات، ليتحدّثوا عن الشِّعْر والعولمة وسورية، وليكتُب قبلها صبحي حديدي عن عولمة القصيدة في الشكل والموضوع: من الصوت والصفحة إلى الشاشة والرَّقم. وبترجمة المصطفى صباني نقرأ للكاتب الفرنسي المارتينيكي باتريك شامْوازو مادة عن العولمة والعالمية بفرضية أنَّ العالم بكامله مُشكَّل من احتمالات لا متناهية. وعن لغة موليير أيضاً ينقل لنا سعيد بن الهاني مقالة عن الشعر الفرنسي والعولمة، وكيف يكون الصوت الإنساني علامةً فارقة. ويُترجم أمارجي للشاعرة والناقدة والكاتبة المسرحية الإيطالية ماريّا غراتسيا كالانْدرونهْ مادة بعنوان: مجهولو الهوَّية؟ أم عالميو الانتماء؟ ويختار عبده وازن الكتابة عن ديوان لوركا الكابوسي "شاعر في نيويورك"، المدينة التي صدمت الشعراء بعولمتها المبكرة. ويعود رائد وحش إلى الكهف مرَّة أخرى معتبراً كلّ صفحة إلكترونية كهفاً، وكلّ صاحب صفحة سجيناً هناك. بينما يقارب لونيس بن علي الشعر في زمن عولمة الحروب، من وُجهة نظر الفلسطينيّ الذي يُقتل مرّتَيْن. ويكتب محمد ناصر الدِّين: الشعر بديلاً عن عولمة الكراهية، في الوقت الذي تتمّ فيه هندسة العالم اليوم أو عولمته كي لا يُسمَع صوت الشِّعْر. وعن غسان علم الدِّين تكتب وفاء الشعراني، واصفةً الشاعر الذي رحل مؤخراً بشاعر جماليات القلق والحداثة الخطرة، في حين يكتب أنطوان جوكي عن التلاحم الشعري والذهني في شعر مينا لوي الرُّؤيوي مع مختارات من أشعارها بوصفها واحدة من التجارب الفريدة من نوعها في الشِّعْر الأنغلوسكسوني، قبل أن يقتفي عيسى مخلوف أثر القصيدة في الباب الأخير.
كما تتذكَّر "براءات"، من خلال صورة العدد، الشاعر العراقي الكبير الذي غادرنا هذه السنة فوزي كريم، وهو ينظر من نافذة قطار على وشك الرحيل. والتقط الصورة في مدينة بولونيا المترجم والشاعر گاصد محمد.
في افتتاحيته للعدد والتي حملت عنوان: "شعر وعولمة - السّمُّ في قلب الكلمة"، يكتب رئيس تحرير المجلة أحمد عبد الحسين: أكثر من أيّ وقت مضى، يقف العالمُ اليومَ بكاملِ عدّتهِ ضدَّ الشِّعْرِ، ضدَّ كلّ كلام جوهريّ عميق. "ليس للشِّعْر ثمنٌ"، كانتْ هذه الجملة أَنْفَسَ مقتنيات الشِّعْر الدّالّة على غرابته وفرادته، لكنها الآن تكاد تعني أنْ "لا قيمة للشِّعْر".. ليصل إلى التساؤل التالي: أَلزامٌ على الشِّعْر أن يدفع ثمن وجوده في هذا العصر المعولم؟ أم عليه الأخذ بنصيحة دولوز "إنْ لم تردْ أن تُسلَّعَ، فكُنْ صاعقة، الصاعقة لا تُسلَّع".
وأفردت المجلة في باب (يهيمون) المخصص عادةً لنشر النصوص الشعرية العربية؛ مساحةً لملف الكتابة الجديدة في السودان، حيث يفتتح حسام هلالي الملف الذي أعدَّه في هذا الباب، بالاعتراف أن العمل على جمع أنطولوجيا أو ملف لشعراء يضمهم وعاء ثقافي أو جغرافي معين هو مهمة محفوفة بالكثير من التحديات والمخاطر. ليواصل: وعلى ما نحمله فوق هواجسنا من واجب الانتصار على الألم بالكلمة، أو حتى مجرد الاعتراف بالهزيمة أمامه - بها أيضاً - ينفرد هنا "نفّاج" من الضوء يحفر في الأسوار المحيطة براهن الإنسان السوداني.
كما نقرأ في ذات الملف مادة توثيقية لمحفوظ بشرى، يضعنا من خلالها في قلب راهن الكتابة الجديدة في السودان، حين يقول: إنني أتحدّث هنا عن شعراء، تتراوح أعمارهم اليوم بين الثلاثين والأربعين في أغلبهم، هم كثيرون حقَّاً، ويصعب إحصاؤهم، يتباينون تباين مذاقات الماء، لكنني أحاول اقتفاء التّيّار الرئيس، الأوّل، الذي فتح المجرى على اتّساعه سريعاً، فَسَرَت وتسري فيه الكتابة المَعنيّة حتّى اليوم.