Print

"لا شيء سوى الدخان".. تجليات المكان

14 ديسمبر 2019
صدر حديثا
للمكان تجليّات لا تنتهي في الحضور، وله في الذاكرة بقايا صور تحفل بالكثير من الحكايات التي تنشغل به، دون أن تستطيع مفارقته، أو نسيانه، مهما حاول الإنسان ذلك، وتضيف تجربة الاغتراب إلى تلك الصور حالات نفسية عميقة، بعمق التجربة الإنسانية التي تشهد مفارقات الحياة، وتعيش أحداثاً غنية في جميع الأماكن التي تنتقل إليها الشخصية، فيأتي النصّ محاكياً لحالة واقعية عاشت فيها الشخصية، وناقلاً لنا ذلك الواقع بكل ما يحفل به من وقائع ساهمت في ترسيخ جذورها في كافة المجالات.

ورواية "لا شيء سوى الدخّان" للروائي سيروان قجو، الصادرة حديثاً عن دار الزمان، بترجمة عن اللغة الإنكليزية أنجزها جان صالح، وتقع في 204 صفحات من القطع المتوسط، تشير إلى ذلك المكان الذي ما زال يعبق برائحة الذكريات، ويستعصي على الكاتب نسيانه، أو العيش بعيداً عنه، رغم أنه سافر إلى عوالم كثيرة، وعاش تجارب مختلفة في رحلته من مدينته (عامودا) إلى أميركا، وتقف على أهم المحطات التي شكّلت مواقفه من الأشياء التي مرت به، ناهيك عن عودته إلى الماضي الذي شكّل جزءاً أساسياً من الرواية، بكل ما فيه من صعوبات وعذاب ولحظات حرجة مرّ بها الكاتب نفسه، ابتداء من تلك المدينة، والظروف التي يعيش فيها أبناؤها، ومواقفهم المشتركة تجاه كافة القضايا المصيرية التي كانت المنعطف الأول الذي جمعهم في خندق، ومعترك حياتي لا فكاك منه، حتى وصل إلى أميركا، بلد الاغتراب، ليظهر لنا المفارقات الكبيرة بين المكانين، هنا في الشرق المنكفئ على نفسه، ويعاني من ظلم مستمر، وهناك في أميركا، والهواجس التي تنتاب الإنسان في تلك الغربة.