Print

"ملفات أسبار" 12.. قضايا سورية وإقليمية

3 أكتوبر 2019
صدر حديثا

عن "مركز أسبار للدراسات والبحوث"/ دوسلدورف - ألمانيا، صدر حديثاً العدد الثاني عشر من مجلة "ملفّات أسبار" (عدد أكتوبر/ تشرين الأول 2019) باللغتين العربية والإنكليزية، وتضمن عدداً من المقالات البحثية، التي تناولت قضايا مرتبطة بالملف السوري، وأخرى مرتبطة بالملفين الإقليمي والدولي. وجاءت افتتاحية العدد بعنوان "التهديد الإيراني لإمدادات الطاقة العالمية"، كتبها مدير مركز أسبار ورئيس التحرير، صلاح الدين بلال، حلّل فيها تداعيات تصاعد مؤشرات الاحتدام في منطقة الخليج العربي، بعد استهداف البنية التحتية للنفط في السعودية، حيث لم تعد خطوات التصعيد الإيرانية محدودة التأثير في النطاق الجغرافي، بل أصبحت تمتد إلى عصب الاقتصاد العالمي.

في الملف السوري
كتب عبد الناصر حسو تحت عنوان "العشائر في الجزيرة السورية: أدوار وتحالفات واستقطابات متناقضة"، أن العشائر والقبائل في الجزيرة السورية تعالت عن الخلافات العشائرية والمناطقية إلى حد كبير، وتعايشت مع بعضها البعض على شكل مجموعات بشرية غير متجانسة ثقافياً وغير متقاربة لغوياً، وإن كانت متفاعلة اجتماعياً على مساحات جغرافية واسعة، يجمع بينها نمط الحياة الزراعي الرعوي، لكن هذه العلاقات شهدت تحولات كثيرة أمام مخاوف أبناء المنطقة بعد الانتفاضة السورية في عام 2011 لتدخل في تحالفات متعددة ومتناقضة لتتبدل ولاءات تلك العشائر غالبا في ظل افتقادها للرؤية السياسية والمواقف الاستراتيجية، لتمد يدها للأقوى ولصوت المصالح المادية، وتصبح عرضة للاستثمار من قبل أطراف متعددة.  ويخلص إلى أن غياب المشاركة السياسية وانعدام التنمية هما عاملان أساسيان في بقاء العصبية العشائرية، بل وتزاوجها مع حركات دينية راديكالية، إذ يعد كل فشل في بناء الدولة الحديثة، واستمرار عوامل الاضطراب، فرصة قوية لاستمرار الولاءات ما قبل الوطنية، بما فيها العشائرية.
وتحت عنوان "الساحل السوري.. لوحة التغيرات الديموغرافية في ميزاني الأمن والاقتصاد" يحلل كمال شاهين قضية تحول البعد الديموغرافي واحدا من أهم أسباب استمرار النزاع في الحرب السورية، مرتبطاً بالدرجة الأولى بالبنى (الطائفية والمذهبية) للجماعة الوطنية، ومرتبطاً بالدرجة الثانية بأساس بناء الدولة الحديثة، أي القومية بشكلها التنويري المعاصر. ويجد أن انخفاض وتيرة الأعمال الحربية، وخضوع أي تحريك عسكري للتوافقات الدولية بين شركاء الدم السوري، أديا إلى أن خسرت الحرب ومساراتها مركزها الأول لمصلحة الوضع الاقتصادي، وباتت المناطق الواقعة ضمن "سوريا المفيدة" في انتظار تغيير حقيقي لا يبدو أن القوى الدولية، الرئيسية، قد أخذت قراره بعد، في ظل عجز القوى الوطنية الموالية والمعارضة على الإتيان بأي محاولة تغيير، وهو ما انعكس في لا مبالاة واضحة من الناس في موضوع تشكيل اللجنة الدستورية المنتظرة منذ أعوام، وبدء تركيا إنشاء المنطقة الآمنة شمال وشرق البلاد، رغم أن هذا سيفتح باباً لمزيد من الصراعات الإقليمية والمحلية، ليتضخم ساحليا الإحساس بالعجز في ظل صدمات متتالية أظهرت هشاشة النظام غير الجاد في تغيير أحوال البشر إلى الأفضل، لتبدو إجراءات مكافحة "الفساد" مسرحية متكررة لا مصداقية لها.


في الملف الإقليمي
بحثت وحدة تحليل السياسات في مركز أسبار "أربعة أسئلة كبرى محددة لمسار مصر" التي لم تتمكن من إقامة معادلات تنموية حقيقية منذ سبعينات القرن الماضي، وتجد نفسها اليوم أمام متغّيرات كبرى، طالت المنطقة برمتها، وأيضاً النظام الدولي، وكان المأمول أن تكون ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 التي أطاحت بنظام حكم مبارك، بداية جديدة لمصر، أقله على المستوى الداخلي، لكن سرعان ما تمظهر الصراع الداخلي بشكل تناقضي، حول من يحكم مصر؟ ليصبح أي تغيير لنظام الحكم في مصر خاضعاً لمعادلات الصراع الإقليمي، طالما أن الدول الرئيسية في الإقليم لم تقم بتسوية تاريخية فيما بينها، تعيد من خلالها بناء منظومة الأمن والاستقرار، وتعيد الاعتبار من جديد لمبدأ سيادة الدول.
وحول حزب العدالة والتنمية التركي "بداية النهاية وغياب المعجزة" كتب حسام ميرو، مدير التحرير، أن الرئيس رجب طيب أردوغان استحوذ على سلطات واسعة، استطاع بفضلها، خلال الأعوام الماضية، وتحديداً بعد الانقلاب الفاشل في 15يوليو/تموز 2016، تحجيم "جماعة الخدمة" الموالية لمنافسه المقيم في الولايات المتحدة، فتح الله غولن، وزج الآلاف في السجون، بمن فيهم جنرالات في الجيش، وإقصاء أكاديميين بارزين من الساحة التعليمية، التي تعد فضاء راسخاً لعمل الأحزاب السياسية التركية. لكن مؤشرات التفكك بدأت تظهر في "العدالة والتنمية" بعد خسارته في الانتخابات البلدية الأخيرة في انقرة وإسطنبول لا سيما مع انسحاب شخصيات بارزة كان لها فضل في صعود الحزب وإنجازاته الاقتصادية، ورسم سياساته التي انعكست على شكل علاقات خارجية تركية متوازنة مع الإقليم والعالم. ويرى أنه في حال شهدت تركيا حدوث تصدعات أكبر في الحزب الحاكم، وظهور أحزاب جديدة وقوية على الساحة، قد يصبح سيناريو الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة، واردا من أجل إعادة التوازن لمؤسسات الحكم، ومنح تركيا الفرصة لإعادة تصحيح مسار علاقاتها الخارجية من جهة، وإطلاق مسار تصحيح اقتصادي من جهة أخرى.
أما حسام أبو حامد فيبحث في العلاقات الفرنسية الإيرانية، والمحاولات المتعثرة لتجاوز إخفاقها التاريخي، لا سيما فيما يتعلق بالوساطة الفرنسية الأخيرة التي يقودها الرئيس الفرنسي لجمع الطرفين الأميركي والإيراني إلى طاولة المفاوضات، في ظل التوترات الأمنية المتصاعدة في منطقة الخليج. لكن سعي باريس الدائم إلى بناء علاقات طبيعية ومستقرة مع طهران، قائمة على المصالح الاقتصادية والتفاهمات المشتركة، لم يسعف تاريخا طويلا تأرجحت فيه هذه العلاقات بين التقارب الهش والقطيعة، إذ استمر السلوك الإيراني في المنطقة، والضغوط الأميركية، والتزامات باريس الأوروبية، عاملاً حاسماً يحدد طبيعة تلك العلاقات.
وتحت عنوان "الاستراتيجية الإسرائيلية في الشرق الأوسط" قدمت وحدة تحليل السياسات في مركز أسبار قراءة في المسح الاستراتيجي الإسرائيلي الصادر عن "معهد دراسات الأمن القومي في إسرائيل" للعام 2019 في ضوء أحداث الصيف الفائت.
وفي الملف الاقتصادي كتب محمد مصطفى عيد عن "رجال الأعمال الجدد: إعادة الإعمار وتبييض أموال الحرب"، وتساءل: على من يقع عاتق الإشراف على إعادة إعمار سورية بالمقام الأول؟ ليرى أنه بعد أن برزت  الاستحقاقات الاقتصادية المترتبة على إعادة الأعمار يبرز دور رجال الأعمال الجدد في المشاركة في عملية البناء المقبلة، الذين يستحوذون على القسم الأكبر من الموارد المالية السورية، في ظل تراجع مكانة الطبقة البرجوازية التقليدية، وتراجع قيم الإنتاج بما فيها قيمة التراكم لمصلحة الربح الريعي السريع، حيث من المتوقع أن تشهد هذه الفئة، التي نجحت في تهميش دور البرجوازية التقليدية، صراعا بينيا، نتيجة التنافس على احتكار السلطة والنفوذ من جهة الداخل، وعلى بناء العلاقات مع القوى الإقليمية والدولية التي تعد نفسها منتصرة في الحرب السورية. وليس ثمة بديل بعد لهذه الفئة خصوصاً في ظل غياب الحل السياسي، وفي ظل احتكار النظام للعمل السياسي الداخلي.
وكتب محمد حلاق الجرف في باب "وجهة نظر" مقالاً بعنوان "العدالة والظلم والعدالة المكانية"، مؤكدا ضرورة وضع النقاش حول العدالة المكانية في سياق تفكيرٍ عام حول التعريفات الرئيسية للعدالة.