Print
سناء عبد العزيز

"الجوكر" يتصدّر ترشيحات أوسكار 2020

15 يناير 2020
سينما
بعد أقل من أسبوع من إعلان القائمة القصيرة لجوائز بافتا (جوائز الأكاديمية البريطانية للأفلام)- التي أثارت الكثير من الانتقادات جراء هيمنة كل من الذكور والبيض على ترشيحاتها حتى من طرف الرئيس التنفيذي للمنظمة نفسه- ظهرت ترشيحات أكاديمية الفنون والعلوم السينمائية يوم الاثنين الماضي مغايرة تماما من حيث "التنوع" على نحو لافت للانتباه، وذلك بترشيح سينثيا إريفو لأفضل ممثلة عن دورها في "Harriet" حول سيرة حياة هارييت توبمان، الناشطة في مجال إلغاء الرق وحقوق الإنسان، أما فيلم "طفيليParasite " للمخرج وكاتب السيناريو بونغ جون هو المشهور بالكوميديا السوداء من كوريا الجنوبية فقد سجل ترشيحات لست جوائز، بما في ذلك أفضل مخرج وأفضل تصوير، وهو الفيلم الحائز على جائزة السعفة الذهبية بمهرجان كان السينمائي الدولي 2019 في دورته الـ 72.


أوسكار تتفوق على بافتا
سجل أيضا فيلم "نساء صغيرات Little Women"، للمخرجة جريتا جيرويغ، والذي تم التغاضي عنه حتى الآن والمقتبس عن رواية لويزا ماي ألكوت الكلاسيكية، ستة ترشيحات، بما في ذلك أفضل تصوير وأفضل سيناريو مقتبس، مع فيلم "الإيرلندي The Irishman"، و"الأرنب جوجو Jojo Rabbit"، و"الباباوان The Two Popes"، و"الجوكر Joker". لكن جيرويغ لم يتم ترشيحها في قائمة أفضل مخرج التي جاءت كلها من الذكور: مارتن سكورسيزي عن فيلمه "الإيرلندي"، الذي خرج خالي الوفاض من جوائز "جولدن جلوب"، وبونغ جون- هو عن فيلمه "طفيلي"، وكوانتن تارانتينو عن "حدث ذات مرة في هوليوود Once Upon a Time in Hollywood"، وسام ميندز عن "1917"، وتود فيليبس عن "الجوكر".
ومن المرجح أن تكون مثل هذه التحركات كافية لتجنيب الأكاديمية الغضب العارم الذي استقبل به إعلان بافتا يوم الثلاثاء الماضي بشأن ترشيحاتها، فقد تجاهل أعضاؤها جميع الممثلين المرشحين من غير البيض، وكذلك المواهب المحلية مثل رابمان وجوانا هوغ، وحصل "الجوكر" على معظم الموافقات.


إغفالات مثيرة للغضب
في عام 2015، قام الناشط أبريل رين بإطلاق هشتاج #OscarsSoWhite في حفل توزيع جوائز الأوسكار الـ88، بسبب ما وصفه بقلة التمثيل العرقي للأميركيين من أصل أفريقي في الترشيحات للجائزة. ويعلق رين على ترشيحات هذا العام قائلا: "في الماضي، كان الرد على حملة #OscarsSoWhite، بأنه لم تكن هناك عروض كافية للترشيح.. حسنا، الحال ليس كذلك هذا العام؛ فهناك ثروة من المواهب وليس فقط من الفنانين السود ولكن من مختلف المجتمعات المهمشة التي تم تجاهلها. وهذا أمر يدعو حقاً للأسف".
ومع ذلك، أعرب العديد من المعلقين عن استيائهم من العديد من الإغفالات من طرف الأكاديمية، لا سيما عدم الاعتراف في فئة جائزة أفضل ممثلة بالكينية لوبيتا نيونغو، نجمة فيلم الرعب والإثارة "نحن Us" للمخرج الأميركي جوردان بيل، ونورا لوم، المعروفة مهنياً باسم أوكوافينا ودورها القيادي في الفيلم الدرامي الكوميدي "الوداع "The Farewell والاستبعاد التام للدراما الصينية التي تحظى بإعجاب واسع، وكذلك مارييل هيلر عن فيلم "يوم جميل في الحي A Beautiful Day in the Neighborhood"، وورد فيها باستثناء سينثيا إرفيو عن فيلم "هارييت"، كل من رينيه زليغر عن فيلم "جودي"، وتشارليز ثيرون عن فيلم "مفاجأة مذهلة Bombshell"، وسكارليت جوهانسون عن دورها في فيلم "قصة زواج Marriage Story"، وسيرشا رونان عن فيلم "نساء صغيرات".


الجوكر يرسخ لكراهية المرأة
نال فيلم "الجوكر" النصيب الأكبر في ترشيحات أوسكار 2020، وذلك بعدد 11 ترشيحاً، بما في ذلك أفضل تصوير وأفضل مخرج وأفضل ممثل لخواكين فينيكس، وهو الفيلم الثاني الهزلي الذي يحصل على ترشيح أفضل تصوير سينمائي، بعد فيلم "النمر الأسود Black Panther" في عام 2018. وحسبما ذكرت الغارديان البريطانية فقد تم تجاهل فيلم "فارس الظلام The Dark Knight" قبل تسع سنوات، الذي قام بإخراجه، وإنتاجه، والمشاركة في كتابته المخرج كريستوفر نولان للحصول على جائزة أفضل تصوير سينمائي- وهي الخطوة التي شعر الكثيرون بأنها تسلط الضوء على نحو سلبي لما عليها الأذواق المختلفة للمصوتين في أوسكار. ومع ذلك، رأى البعض أن احتلال "الجوكر" قمة الترشيحات يعد دليلاً إضافياً على كراهية المرأة المستشري في صناعة الأفلام. تقول ميليسا سيلفرستاين، مؤسسة مجلة "المرأة وهوليوود Women and Hollywood": "لا يتعين عليك أن تنظر إلى أبعد من أن الأفلام المرشحة لمعظم جوائز الأوسكار هذا العام توضح مدى هيمنة الرجل الأبيض في هوليوود. فيلم حرب، فيلم عصابات وفيلم عن العزوبة غير الطوعية (مصطلح يشير إلى الأشخاص الذين أصبحوا عُزاباً رغماً عنهم ذكوراً كانوا أو إناثاً، إمّا لأنهم لا يجدون شخصاً آخر جذاباً أو بسبب أنهم لا يمكنهم أن يجذبوا شخصاً على ممارسة الجنس معهم أو للدخول في علاقة غرامية)". وتتساءل سيلفرستاين: "لماذا نواصل تمجيد هذه القصص مراراً وتكراراً؟ ذلك لب المشكلة".


عشرة ترشيحات لثلاثة أفلام
ويأتي في المرتبة الثانية بعشرة ترشيحات فيلم "1917" للمخرج البريطاني سام ميندز والذي يسرد حقبة الحرب العالمية الأولى من خلال جنديين بريطانيين يكلفان بمهمة شاقة جدا تلزم دخولهما أرض العدو أثناء الحرب من أجل إيصال رسالة فورية وعاجلة لقائد المجموعة. وقد حصد الفيلم جائزة جولدن جلوب كأفضل فيلم في الدورة الأخيرة للمهرجان.
كذلك ملحمة الغوغاء لمارتن سكورسيزي "الإيرلندي"، المعتمدة على كتاب "سمعت أنك تطلي المنازل" للكاتب والصحافي الأميركي تشارلز براندت والصادر عام 2004، وقد بلغت مدة عرضه ثلاث ساعات ونصف الساعة، أي حوالي 210 دقائق تقريبا، ما جعل البعض يقترح تحويله إلى مسلسل قصير، بدلا من الوقوع في فخ الملل.
ويعد "الإيرلندي" من مشاريع سكورسيزي التي تعطلت عدة سنوات بحثا عن تمويل، ولم يخرج إلى النور إلا بعد أن تولت نتفليكس إنتاجه. ويبدأ بمشهد استباقي- "فلاش فوروارد"- لرجل في نهاية العمر، يشرع في قص مذكراته من خلال خطين زمنيين. الأول وهو لا يزال شابا يخطو خطواته الأولى في عالم الجريمة، والثاني وهو كهل في عالم المافيا.
أما الفيلم الثالث الذي حصل بدوره على عشرة ترشيحات فهو عبارة عن رسالة حب من كوينتين تارانتينو إلى لوس أنجلوس في الستينيات من القرن الماضي، "حدث ذات مرة في هوليوود". وفيه يعرض تارنتينو لأفلام رعاة البقر في التلفزيون والسينما، وهو ليس عن الهيبز ومانسون وشارون تيت، رغم ظهورهم في الأحداث، ولكنه بالأحرى يطرح واقعا زائفا من خلال ثلاث شخصيات تعمل فى هوليوود.
ووصلت ترشيحات "قصة زواج"، دراما الطلاق للمخرج نوح باومباخ، وكذلك "نساء صغيرات" إلى ستة ترشيحات، بما في ذلك ترشيح كل من البطلين آدم درايف وسكارليت جوهانسون. ما يجعل جوهانسون بدورها في "الأرنب جوجو" تخوض أيضاً في سباق أفضل ممثلة مساعدة هذا العام على الرغم من أن دور لورا ديرن كمحامية ساخرة لها في الفيلم يرشحها لأن تكون المفضلة.


نيتفلكس تتصدر ترشيحات الأوسكار
كما تضمنت قائمة أفضل فيلم تسعة أفلام، "حدث ذات مرة في هوليوود"، "الإيرلندي"، "طفيلي"، "1917"، "قصة زواج"، "الأرنب جوجو"، "الجوكر"، "نساء صغيرات"، "فورد ضد فيراري".
وبذلك حصلت "نيتفليكس Netflix"، على 24 ترشيحاً متصدرة المجموعة للمرة الأولى، ولكن لا يزال أقل من المتوقع، بسبب الغياب الكامل لترشيح "دولوميت هو اسمي Dolemite Is My Name" بطولة كيغان مايكل كي وتيتوس بورغيس وألكسندر فيليمونوفيتش، والتصويت المخيب قليلاً لفيلم "قصة زواج"، وفيلم "الباباوان".
أما "ديزني Disney" فقد حصلت على 23 ترشيحاً، بينما حصلت "سوني Sony" على 20 ترشيحاً.