Print

أكاديميون مغاربة يستحضرون الذاكرة المغربية البرتغالية المشتركة

15 فبراير 2020
أجندة

شهدت قاعة مراكش برواق وزارة الثقافة ضمن فعاليات المعرض الدولي للكتاب بالدار البيضاء، حضورا مكثفا للباحثين المغاربة والأجانب، بالإضافة إلى مجموعة هامة من الطلبة والمهتمين بالحقل التاريخي،  في حفل تقديم وتوقيع الكتاب الجماعي الهام الذي أصدرته مؤخرا المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير والموسوم بـ"المغرب والبرتغال: تاريخ مشترك وذاكرة متقاطعة"، حيث شارك في هذا العمل الأكاديمي الذي أشرف عليه الدكتور أنس الفيلالي، حوالي  أربعين باحثا وباحثة من المغرب ومصر والبرتغال وإسبانيا والجزائر.
قدمت خلال الندوة مجموعة من المداخلات لكل من الدكتور عثمان المنصوري، أحد كبار المتخصصين في تاريخ العلاقات المغربية البرتغالية وأستاذ التعليم العالي بكلية الآداب بالمحمدية، الذي أشاد بالمجهود المبذول في إنجاز العمل، مركزا في كلمته على الإضافات التي جاء بها هذا العمل في الذاكرة المشتركة بين المغرب والبرتغال، بالإضافة إلى مداخلات هامة للدكتور محمد العمراني، أستاذ التعليم العالي بالمركز الجهوي التربوي بمكناس، والدكتور أسامة الزكاري، ممثلا لمؤسسة ايت يدر للدراسات والأبحاث بالدار البيضاء، والدكتور  عمر المغيبشي، أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب بن المسبك بالدار البيضاء، والدكتور أنوار الترفاس، الباحث المتخصص في الأدب العربي والتحقيق، ثم الدكتور كمال النفاع أستاذ التعليم الثانوي بأكاديمية الرباط.
وحاولت المداخلات تأطير الذاكرة المغربية البرتغالية المشتركة من التاريخ الوسيط (غرب الأندلس)  مرورا بالتاريخ الحديث إلى التاريخ المعاصر، مركزة  على  الإضافات الجديدة التي انفرد  بها الكتاب في الذاكرة المشتركة بين المغرب والبرتغال، حيث توقفت على المواضيع التي كان سباقا لطرحها على المستويات الثقافي والأدبي والفني والوجودي، بالإضافة إلى تركيزه على قيمة الأوراق البحثية التي تضمنها الكتاب، حيث عرفت مساهمة نخبة من ألمع الباحثين المتخصصين في الذاكرة المشتركة بين المغرب والبرتغال في مختلف الفترات التاريخية.
كما أشارت مجموعة من المداخلات في هذا اللقاء، الذي قام بتسيير فعالياته باحترافية واضحة الدكتور عبد الحميد الموذن، إلى الدور الكبير الذي يمكن للكتاب أن يلعبه على مستوى الدبلوماسية الموازية.
وكان الدكتور مصطفى الكتيري، المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، قد أبرز في تقديمه للكتاب أنه "يضاف إلى سلسلة من المشاريع الأكاديمية التي أطلقتها المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير  حول الذاكرة والتاريخ المشتركين مع الشعوب الأخرى، في كونه ينطلق من الحدود الفاصلة بين الذاكرة والتاريخ المشتركين بين المغرب والبرتغال، حيث تناول المشاركون الأكاديميون المختصون في التاريخ مختلف التقاطعات التاريخية التي تجمع المغرب والبرتغال، سواء  في التاريخ الوسيط من خلال  وضع عدة تيمات وشخصيات علمية في غرب الأندلس داخل سياقها التاريخي، على اعتبار أن هذا المجال يدخل تاريخيا في المجال البرتغالي في صورته الحالية بعد أن أضحت البرتغال دولة في سياق الدولة الحديثة،  وما صاحب ذلك من تبلوُر العديد من العوامل التي وسمتْ العلاقات المشتركة بين غرب الأندلس والمغرب خلال العصر الوسيط،  مرورا بتيمات  ومواضيع في التاريخ المشترك في العصر الحديث، بما فيها التي تخص معركة وادي المخازن وما خلفته من انعكاسات ذهنية واجتماعية وعسكرية على البلدين، مرورا بمواضيع  في التاريخ المشترك تهم التاريخ المعاصر والراهن". كما أكد أنه "على مستوى الذاكرة، كانت مساهمات الباحثين في هذا المجال متجددة ومُحيّنة، وذلك من خلال دراسة وتوظيف عدة زوايا وعلوم معرفية مختلفة همت الشعر والموسيقى والرواية والمسرح، كما همت مجال الذهنيات وتيمة الموت وغير ذلك. فإذا كانت معركة وادي المخازن، أو معركة القصر الكبير كما يسميها البرتغاليون، قد عرفت لدى المغاربة من خلال الأبحاث التاريخية بشكل أخص، فإنّ هذا العمل حاول أن يكون سباقا لإبراز أهميتها ومكانتها في الذاكرة المشتركة على المستويين الأدبي والفني، وهي جوانب نعتقدُ أنها تحتاجُ إلى المزيد من الدراسة والبحث لأجل استشراف آفاق جديدة من الدراسات التاريخية التي لا تقف عند دراسة الظواهر، بل ترومُ أساسا المساهمة في وضع التاريخ كأساس لفهم الحاضر وصناعة المستقبل".

 شارك في هذا العمل الأكاديمي الذي أشرف عليه الدكتور أنس الفيلالي، حوالي  أربعين باحثا وباحثة من المغرب ومصر والبرتغال وإسبانيا والجزائر

















وبخصوص معركة وادي المخازن أو القصر الكبير، أبرز الدكتور الكتيري أنها "استنفدت كما هائلا من الإصدارات والمقالات والندوات في المغرب وجل دول أوروبا والوطن العربي، من خلال الأهمية التاريخية التي تمثلها على المستوى الكوني ليس فقط في عالم القرن السادس عشر، بل إن نتائجها ظل مفعولها قائما خلال باقي الفترات الموالية، خاصة بالنسبة للمغرب والبرتغال.  لكن حضور هذه المعركة في الذاكرة والتاريخ المشتركين في المغرب والبرتغال في هذا العمل كان بصورة مغايرة وجديدة وغير مسبوقة في البحث التاريخي المغربي. لقد حاول هذا الكتاب مقاربة المعركة من منظور تاريخي من خلال مقاربة أسئلة جديدة يشتغلُ عليها العديد من الباحثين المتخصصين في هذا المجال، حيث كانت مساهمات مجموعة من الباحثين الذين أفنوا حياتهم في العلاقات المغربية البرتغالية مساهمات نوعية في هذا المبحث التاريخي، ونخصّ بالذكر المؤرخ المغربي البارز الدكتور عثمان المنصوري والمؤرخة الأكاديمية البرتغالية الدكتورة أوجيستا".