}

ماذا لو رفضت دور النشر أهم الكتب في التاريخ؟

11 يناير 2019

 

يُقدّمُ كتاب "عزيزي الكاتب" الصادر عن داز ر نينوى/ دمشق لكاتبه ريكاردو بوزي، بترجمة الشاعر اللبناني محمد ناصر الدين، رسائل ساخرة ومتخيلة لرفض دور النشر أعمالاً خالدة في التاريخ، خمسون رسالة رفضٍ يحتويها الكتاب الصادر عن دار "هيليوم آكت سود". الرسائل وإن كانت متخيلة فهي موجهة إلى كتّاب معروفين، حققوا حضورهم منذ مئات الأعوام ابتداءً بهوميروس، شكسبير، مارسيل بروست، فلوبير، فرجينيا وولف، كافكا وغيرهم.

تسخر الرسائل من طريقة عمل دور النشر اليوم والتي كانت لترفض أعمالاً عظيمةً بحججٍ واهية كتلك التي تتعلق بالتسويق أو بالمزاج العام أو حتى بالقيود الاجتماعية، تاركاً للقارئ مساحةً للتخييل، فماذا لو جاءت آرثر ميلر رسالةُ الرفض هذه؟ هل كان ليقتنع أن عمله سيفشل لمجرد أن العالم يمرّ بأزمةٍ اقتصاديةٍ ولن يكون هناك مكان لعمله في الوقت الذي ينتظر العالم جرعةً من الثقة؟ وهل كان شارل بوكوفسكي سيعدل عن اليأس والحديث عن الكحول والفسق ليكتب عن المزاج الجيد والربيع أو حتى في أدب الطفل كما يقترح عليه الناشر في رسالة رفضه؟

أسئلةٌ تحيلنا إلى موقع دور النشر وما تطلبه من الكاتب حيث يتبع الكثير منهم وصفات جاهزة، لتتماشى الأعمال وسياسة الناشرين الماليّة ورغبات القرّاء، ليتحول إلى كاتب آلي تحت ضغوط عدّة ابتداء من الناشرين ومزاج القارئ انتهاء بالضغوط المادية. تعكس الرسائل إذاً ما تفعله العولمة والتي باتت تحكم عالمنا ابتداءً من أصغر تفاصيله.

يتابع الكاتب الساخر دي بوزي رسائله الخمسين بأسلوب فكاهيّ لكنه ينطوي على كثير من الأسئلة والحقائق والتي يتم تجاهلها اليوم، والتي قد يكون أهمها التابوات الاجتماعية والتي تقيّد عمل وخيال الكاتب، فيقول الناشر المفترض لسافو: "حسناً حين يتعلق الأمر بامرأة قد تمّ تصنيفها بأنها "الأكثر سحاقية" على مرّ العصور، للأسف قصائدك ليست على هذا القدر من الإثارة"، في مقابل الطهرانية المفرطة التي تظهرها الرسائل يطلب الناشر المفترض من فلوبير أن يضيف بعض المشاهد الجنسية لمدام بوفاري ليتمكن من وضعها في قسم البالغين وبالتالي تغدو في خانة التسويق الأفضل، إذاً التغيير هنا لا يلاحق المحتوى أو الأفكار وحسب والتي لا يمكن تجاهلها بالطبع لكن أيضاً يلاحق القارئ ذاته.

هذا القالب الفكاهي في تقديم الرسائل وفي العبارات التي صاغها الناشرون لتكون بأقل قدر من القسوة دون نسيان ذِكْر الطريقة التي يودون أن يظهر فيها الكتاب تجعلنا في نهايتها نطرح على أنفسنا الكثير من الأسئلة ابتداءً من كوننا قراءً نخضع كلّ يوم لسياساتٍ تسويقيّة في ما يتعلق بالكتاب وقد ننجر خلفها وربما يكون السؤال الأكثر رعباً هل نحن اليوم نتاج قراءاتنا أم نتاج ما يريدنا سوق الكتاب أن نقرأه؟ هل هذه الكتب تصل إلينا لأننا اخترنا ذلك ولأن كتّابها هم الأفضل أم كّل تلك الكتب التي تتصدر الواجهات ومواقع الإنترنت هي ما يريد لنا أحدهم أن يصلنا.

يبقى سؤال شروط النشر وسياسات الدور في ما يتعلق باختياراتها السؤال الشاغل لكثير من الكتّاب اليوم، وإن كنا في عالمنا العربي نمتلك رصيداً ضعيفاً في هذا المجال، يأتي هذا الكتاب تأكيداً لما يعانيه الكتّاب في حرب قاسية مع نشر الكتاب، ليكون القارئ المتسائل الأخير: "لماذا قرأت هذا الكتاب بالتحديد؟"

 

*من الكتاب:

 

- غراهام غرين

رجُلنا في هافانا

عزيزي السيد غرين:

نخشى بقوة من كون كتابك أذكى بكثير من عقول جمهور قرائنا العاديين.

رغم قسوة التعبير، نقترح عليك بأن تجعل من نفسك أكثر غباء بدرجة قليلة، عندها يمكننا التفاوض.

شكراً.

 

- هاربر لي

لا تقتل عصفوراً ساخراً

عزيزتي الآنسة لي:

"ليس هناك من أحد في قاعة المحاكمة هذه لم يكذب قطّ، ولم يرتكب عملاً منافياً للأخلاق"، يقول آتيكوس فينش في كتابِك.

لا أحد، إلا آتيكوس فينش خاصّتكم، تحديداً.

ولهذا لا يوجد أحد أيضاً، ليقتنع بهذه الشخصية، أو ليشتري الكتاب.

تحيّة صادقة.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.