}

رسالة إلى الروائي أمين الزاوي..

بشير لعراجي 16 أكتوبر 2017
آراء رسالة إلى الروائي أمين الزاوي..
أمين الزاوي
 قررت أن أكتب لك بعد أن ترددت فيما سبق عدة مرات، لكن ما شجعني على خوض غمار تجربة الكتابة لك، هو أنني قرأت أكثر من سبع روايات من تأليفك. في الحقيقة كنت معجبا بك أيما إعجاب. على المستوى الشخصي، تعجبني أناقتك وذوقك في اختيار الثياب وشعرك المنسدل، كما تظهر لي على أنك شخص لطيف ومحبوب ومتواضع أمام قرّائك. وعلى المستوى الإبداعي، يعجبني نشاطك وحصصك التي أدرتها وقدّمتها تلفزيونيا وإذاعيا، كما أعتبر نفسي من بين المعجبين بمقولتك: "شعب يقرأ، شعب لا يجوع ولا يُستعبد".

   مع مرور السنين بدأت أتبيّن بعض الهنات والثغرات والهفوات التي تعتور مسارك، والتي ما فتئت تتنامى وتتعاظم بشكل متسارع يدعو إلى التأمل. البداية كانت قبل سنوات مع مقالاتك الاستعراضية المتتالية التي قللت فيها من شأن الشاعر العربي "المتنبي"، والمفكر "ابن خلدون"، مستصغرا نتاجهما وغير معترف بأسبقيتهما وريادتهما. وقد كنتَ إذ ذاك جد متحامل وغير موضوعي في طرحك. والمسلك الذي سلكته وقتذاك في تبرير وتسويغ ادعاءاتك لا يليق بكاتب في مقامك مطلقا.

      قبل أيام قرأت حوارا أجرته معك صحيفة "الخبر" الجزائرية (ونُشر لاحقا في موقع "ضفة ثالثة") غطى تقريبا صفحة بأكملها، قرأت الحوار وأعدت قراءته أكثر من مرة، في حقيقة الأمر اكتشفت أن الأيديولوجيا طاغية على الحوار، كما ظهر لي استعجالك في إبداء تصريحات تصنف في خانة الإثارة، وكأنك تحرّك براميل فارغة كي يسمع من هم حولك الضجيج! فأنت تطلق أحكاما جاهزة على القارئ باللغة العربية، وتصنّفه، ككل واحد، جامدا، عازفا عن القراءة الإبداعية، لا يجتهد ولا يقبل الآخر وينفيه، غير متسامح ولا يؤمن بالتنوع، كما تتهمه بممارسة الوصاية الفقهية على الروائي وأنه "قارئ داخل العنعنة"، لا يقرأ إلا الصحف الصفراء!! هل يُعقل أن تضع كل من يقرأ باللغة العربية في سلة واحدة، وتتفنن في شتمه وتصفه على أنه هو "الذي يطلب منك أن تهديه الكتاب والذي تخيفك رقابته والذي يمارس مهمة الرقيب الديني"، بينما تمدح القارئ باللغة الفرنسية وتبذل قصارى جهدك في التغني بصفاته الخارقة وتُضفي عليه هالة القداسة: "يتميز بكثير من التسامح وقبول الرأي الآخر، يشتري الكتاب، قارئ جيد للأدب، يحاول أن يجتهد، يبذل جهدا في الفهم وطرح السؤال...إلخ. كما من المهم أن أنبهك إلى أن التصنيف الذي أدرجته في حوارك، لا يمت لواقع اليوم بأدنى صلة، بقدر ما هو استعادة لماضٍ ولّى، زمن الأيديولوجيات والصراع بين المعرب والمفرنس في الجزائر، فاليوم القارئ بالفرنسية يقرأ باللغة العربية، كما أن القارئ بالعربية يقتني كتبا وروايات باللغة الفرنسية، وحتى وإن كان هناك قارئ أحادي اللغة (العربية أو الفرنسية) فهو متفتح على مختلف المنجزات الإبداعية المحلية والعالمية من دون أدنى عقدة. في حين أنّه من المهم أن ألفت انتباهك إلى أن هناك فئة من القراء من أعمار متفاوتة تبحث عن أعمال إبداعية خارج دائرة اللغات التقليدية في الجزائر العربية والفرنسية، فأضحت مؤخرا "الأمازيغية" لها نسبة من القراء من خلال طلب المنجزات الإبداعية بذات اللغة أو مترجمة إليها، كما ظهر قراء شباب يقرأون باللغة الإنجليزية والإيطالية والإسبانية وغيرها من اللغات الحية الأخرى.

      أول ما قرأت لك رواية (قبل الحب بقليل)، ثم رواية (الملكة)، لم أخف إعجابي بهذين النصين الجميلين والمتقنين، ما دفعني إلى التلهف خلف اقتناء إصداراتك الأخرى، قرأتها الواحدة تلو الأخرى، وكلما كنت أواصل القراءة لك كنت أصدم وكانت خيبتي تتعاظم ويأسي يتضاعف! كل رواياتك الخمس أو الست الأخرى التي قرأتها بعد الروايتين المذكورتين كانت تقريبا نسخة طبق الأصل من بعضها بعضاً، كأنها تتناسل بشكل مقزز من بعضها، لا يمكن تشبيهها سوى "بالاستنساخ" المخيب للآمال، لا إبداع ولا تجديد، ولا اجتهاد ولا احترام للقارئ، وأقصى درجات الاستغفال هي إعادة صياغة روايتك (نزهة الخاطر) التي نشرتها عام 2013، وتغيير عنوانها (الساق فوق الساق)، ونشرها على أنها رواية جديدة عام 2017 بعد إضافة بعض البهارات عليها. للأسف استغفال تام للقارئ باللغة العربية، هذا القارئ الذي يتلهف على اقتناء جديد رواياتك وروايات غيرك، والذي يحتفي بك وبغيرك، ويجتهد في اقتناء صور تذكارية معك، كاتبه المكرس إعلاميا وإبداعيا. أنت تتهم القارئ العربي بأنه ينتمي إلى مناخ أو محيط سوسيو-ثقافي رهين التدين الفاسد، تسود فيه لغة الخشب السياسي، لا مجال فيه للأسئلة الفلسفية والجمالية! بينما أنت في كل روايتك التي قرأتها لا تخرج من دائرة الإثارة الجنسية وزنا المحارم، لا حبكة متينة ولا بنية قوية ولا أسلوب مبتكر ولا لغة لافتة ومبهرة، كأن رواياتك جرائد صفراء مثل التي اتهمت القارئ بالعربية أنه يفضل اقتناءها ويعتمد عليها في توجيهه وبناء رأيه.

     عزيزي أمين الزاوي، لن أمارس عليك دور الرقيب الديني، ولن أزن منجزك الروائي بميزان الحسنات والسيئات كما سبق واتهمت القارئ بالعربية، فقط سأتجاوز الديني لصالح الفني، فأنا لا أجيد تقمّص مهمة الفقيه، وأعتقد أن الأدب لا يخضع لأي سلطة أو وصاية، ما يهم في اعتقادي هو الجانب الفني في أعمالك؛ عقدة الأب عندك متكررة في رواياتك بشكل فج، لأنك غالبا ما تصف هذا الأب بالخيانة وارتكاب فاحشة زنا المحارم، إما مع ابنته أو مع أخت زوجته أو أم زوجته... لماذا لا تجتهد قليلا كأن تفكر مثلا في إلصاق تهمة أخرى مقنعة على الأقل بهذا الأب، وأن لا تبقى أسير التهمة ذاتها، كان الأجدر أن تختلف التهم من رواية إلى أخرى، لا أن تكون متماثلة حد التطابق! ففي رواية (حادي التيوس) تتهم الأب بإقامة علاقة جنسية مع ابنته: "في قمة انتشائها لم تكن تتردد في التصريح علانية بأن هناك علاقة عاطفية مشبوهة وسرية تجمع ما بين أبي وأختي.. لم يكن ليتردد في احتضان كاترين بطريقة غريبة ومثيرة، وأنها لمرات كثيرة فاجأتهما متعانقين شبه عاريين في السرير أو فوق أريكة الصالون... وهو يقبّلها من فمها ويمص شفتيها الممتلئتين" ص 25 رواية (حادي التيوس). وفي ذات الرواية تتهم أبا آخر بمضاجعة خالة ابنه: "حين فاجأت أمي أختها صفية في حضن والدي وهما عاريان يمارسان الجنس بجنون فوق سريرها الزوجي ص 86 رواية (حادي التيوس). وفي رواية (السماء الثامنة) الأب يضاجع أم زوجته، وعلاقة حب بين ابنه وزوجته. انظر رواية السماء الثامنة، ص 106. كما نجدك كذلك في رواية (يصحو الحرير) تجعل الابنة تعشق والدها: "...لقد قررت أن أتزوج من والدي... إن عشقي له كحبه لي، لماذا لا نتزوج ونرحل... ص 72. "... لم أتزوج أبي لقد خطفته من زهرة الثخينة" ص 74 رواية (يصحو الحرير). "عاودتني نوبات الحب الجنوني لوالدي الذي هرم فجأة... كلما حاولت الهروب منه أشعر أنه ساكن في دمي، في نفسي... يديه البيضاويتان بأصابع رقيقة من شمع وهما تقلبان صفحات الكتب في آخر الليل. موسيقى حفيف الأوراق تلهبني..." ص 31 رواية (حادي التيوس).

     صديقي أمين الزاوي، يؤرقك هاجس البرود الجنسي، فنجده متكررا بطريقة تثير الملل في منجزك الروائي، حتى يشعر القارئ مع كل رواية جديدة لك بأنك لم تقدم أي جديد، وأنك لا تحب المغامرة ولا تهوى الابتكار، بقدر ما يستهويك الركون إلى المستهلك في أعمالك السابقة، وتظل تجرّ تيماتك القديمة وتكرر مواضيعك المتهالكة والمهترئة من كثرة إعادتها في جل منجزاتك الإبداعية، حتى يترسخ انطباع لدى كل من يقرأ رواياتك، بأنك من الكتاب الذين لا يبرحون زاوية ما، يظلون قابعين في ذات المكان لا يملّون من إعادة تكرار ذواتهم المجروحة في كل مرة، كأنك تريد التخلص من عبء ثقيل عشته أو مرتبط بسيرتك الذاتية ظل يتبعك كظلك في جل أعمالك. ففي رواية (حادي التيوس) تذكر: "الأعضاء الجنسية الفرنسية، إنها صغيرة وباردة كقوالب الثلج تذوب بين فخذي الملتهبين باستمرار، عشت سبع تجارب... وفي كل مرة كنت أصاب بخيبة أمل"، ص 117 من رواية (حادي التيوس). وتواصل ذات الهاجس في رواية (نزهة الخاطر): "...خلع زوجها، متهمة إياه بعجز في أداء واجب الفراش" ص 14 رواية (نزهة الخاطر). كما لا تلبث أن تكرر الأمر ذاته في رواية (السماء الثامنة): "...خلافها معه أساسه السرير كان زوجها باردا، كانت عمتي فائضة دائما بركانية..." ص 135 رواية (السماء الثامنة). وتزيد، كقولك: "العمة لرجل بارد جنسيا والأخت لشاب مخنث" ص 137 رواية (السماء الثامنة). كذلك تتحدث عن مقويات البرود الجنسي: "...وتنادي على زوجها بإحضار دواء تقوية الرغبة الجنسية..." ص 86 رواية (نزهة الخاطر). وتستمر على نفس النهج عندما تذكر "حيث يتزاحم عليه الناس... لشراء دواء للتقوية الجنسية.." ص 90 رواية (الساق على الساق).

       العزيز أمين الزاوي في روايتك (يصحو الحرير)، بمجرد تمرير صفحات فقط، وقع لك التباس في اسم شخصية وفي اسم بلدها، هل هو برازيلي أم برتغالي: مرة تكتب "...أي الشاب البرازيلي، اسمه أنطوني ص13". ثم نقرأ لك في الصفحة 95 "...أنطونيو البرتغالي". وفي رواية (السماء الثامنة) يخونك خيالك وتعجز عن تقديم تسمية شخصية إسبانية، فتكرر ذات الاسم الذي سبق ووظّفته في رواية (يصحو الحرير): "قبل أن ينتهي أنطونيو مكالمته ويعود" ص 28 رواية (السماء الثامنة). والأمر ذاته وقع لك مع أصناف السيارات، فدوما هناك (سيارة 404 بيجو) حاضرة في رواية (حادي التيوس)، وفي رواية (السماء الثامنة)، وفي رواية (نزهة الخاطر)، وكذلك في رواية (الساق فوق الساق)...إلخ: "عاش عمي بلقاسم حزيناً... حين عاد من باريس... عاد راكبا سيارة من نوع بيجو 404 تشبه السمكة البرية" ص 108 رواية (حادي التيوس). ومرة أخرى وفي رواية (نزهة الخاطر) تقرن عودة العم من السفر باقتناء سيارة: "أن يعود عمي ذات يوم إلى قرية باب القمر يقود سيارة بيجو 403..." ص46 رواية (نزهة الخاطر). ثم كتبت "...الرحيل ذات يوم إلى فرنسا ومثله ساقتني سيارة من نوع بيجو 404 وأعود للبلد..." ص 154 رواية (حادي التيوس). "أما أنا فقد اخترت أن أرث سيارة بيجو 404" ص 87 رواية (السماء الثامنة). كما لا تلبث في رواية أخرى وأن تعود إلى التشبث بتكرار عودة العم المغترب إلى قريته بنفس ماركة السيارة، "عمي إدريس... يعود ذات يوم إلى قريته خلف مقود سيارة من نوع بيجو 403 أو 404..." ص 37 رواية (الساق فوق الساق).  الانتقال إلى سيارة تويوتا رباعية الدفع 4X4 في رواية (حادي التيوس) ورواية (يصحو الحرير)، كأني أحس بك كطائر صغير لا يقوى على التحليق والطيران في سماء الأدب الرحبة، أو ككاتب ناشئ يعوزه الخيال ما زال يتدرب على المشي في خطواته الأولى: "أحلم دائما بشراء سيارة من نوع 4X4 بعد أن نسيت شكل بيجو 404" ص 154 رواية (حادي التيوس). "سيارة تويوتا رباعية الدفع 4X4" ص 179 رواية (يصحو الحرير).

     الغالي أمين الزاوي، لماذا يتكرر في العديد من رواياتك أن العمة أو الخالة تعشق ابن أخيها أو ابن أختها وتداعب أعضاءه الحميمية برغبة عارمة، بينما نجد في مختلف نصوصك الروائية أن البنت دوما تقع في عشق عمها جنسيا، ألم يسبق وأن نبهك أحد من مقربيك لهذا التكرار الفادح وغير المبرر فنيا! نجد صورة العمة في رواية (حادي التيوس) تغالي في هوسها الجنسي مع ابن أخيها: "...عمتي التي اكتشفت الآن أنني أحبها وأن حركاتها وهي تصوبن بعض أعضاء جسمي الحميمية في الحمام حيث كانت تصحبني معها، لم تكن بريئة نظر لمغالاتها في لمس هذه المواقع الحساسة من جسدي..." ص 158 رواية (حادي التيوس). وتكرر الأمر نفسه في رواية الساق على الساق، الطفل والعمة في الحمام، "...تعجبني وتثيرني حركات وأنامل عمتي ميمونة وهي تداعب قضيبي الصغير بقصد أو بغير قصد... أشعر بمتعة فائقة وفقاعات الصابون تغرق قضيبي الصغير كما القطن..." ص 99 رواية (الساق على الساق). أما في رواية (السماء الثامنة) تكاد تكون الصورة منطبقة تماما: "...ومع عمتي المطلقة التي تعشق أخي الأكبر عشقا لا تخفيه على أحد... لا تترك الفرصة تفوتها كي تقبله على شفتيه، وتلمّه بين فخذيها وتداعب أشياءه الحميمية..." رواية (السماء الثامنة) ص135. ولا تلبث وأن تكرر ذات الأمر بشكل يكاد يكون حرفيا في رواية (يصحو الحرير):  "كانت تحتضنني تحت الفراش... احتضانها لي فيه شيء من الشوق والرغبة الدنيوية إلى جسد الرجال... كانت تقول لي أنت ابن أخي، أنت لست ابني" ص 121 رواية (يصحو الحرير). ومرة أخرى في رواية حادي التيوس: "أخذتني خالتي في حضنها، قبلتني بكثير من الشهية، أيقظت فيّ الذئب بكل رغبة الافتراس... كان عطرها مشهيا ومثيرا للفتنة" ص 86 رواية (حادي التيوس). كذلك تواصل المشي على نفس الدرب في رواية (يصحو الحرير): "...في حركاتها وفي عناقها لي ولعبها بعضوي الجنسي... على كل هذه عمتي" ص 121 رواية (يصحو الحرير). ومرة أخرى تنتقل بنا إلى عشق البنت الممنوع لعمها: "بأنه طلق أختي فاطي عاشقة عمي قمر الدولة" ص 117 رواية (يصحو الحرير). كما تنهل مجددا من نفس النبع في رواية (نزهة الخاطر): "كانت أختي هاجر متعلقة بشكل غريب بعمي سليمان، وكان هو الآخر يحبها حد الجنون والهوس" ص 42، ثم تكتب "لماذا لا يتزوجها ويرتاح ويريحها ويريح أمي... رجل مثل عمي سليمان لن يكون سوى الزوج المناسب لهاجر... في خلوة هادئة، بعيدا عن عيون أهل البيت الكبير، لكم صادفت ولمرات عديدة أختي هاجر وهي تحضن بدفء يد عمي..." ص 43، وتواصل في موقع آخر من ذات الرواية "الألسنة بدأت تندلق في القرية، وتهمس وتقص حكايات لا تنتهي عن هذه العلاقة" ص 44 رواية (نزهة الخاطر).

      عزيزي أمين الزاوي، لماذا عند إدراجك موضوع المثلية الجنسية في رواياتك وتتعرض للسحاقيات دوما ما تجعل بطلتك السحاقية تمارس الجنس مع المرأة والرجل في ذات الوقت، فسبق وأن أوردت أن "حياة معاشرة سحاقية... كانت عشيقة للرجل والمرأة" ص105 رواية (يصحو الحرير). وقد تكرر الأمر معك في رواية أخرى، حيث ذكرت على لسان بطلك "وقبلتني على خدي قبلتين، ثم قالت بخبث قاتل: إنها عشيقتي،... ما كان عليك أن تذهب، كان يمكنك أن تدخل معنا في السرير، أن تشاركنا، لقد انزعجت عشيقتي لخروجك كما لو أننا طردناك أو إن جسدينا لم يروقا لك" ص 157 رواية (نزهة الخاطر). وفي سياق آخر هناك تكرار لتحوّل الشخصية من الماركسية أو التروتسكية إلى التدين والدعوة في أكثر من عمل روائي، نجد "الماركسي الذي تحوّل إلى داعية إسلامي" ص 69 رواية السماء الثامنة. في حين "بدأ أمقران يغير من عاداته، قاطع كتب تروتسكي ودخل تجربة قراءة القرآن..." ص46 "...وقد أطلق لحيته وقص شاربيه، تحاشى أن يقبلني أو يسلم علي، كانت تتبعه امرأة محجبة"، ص49 رواية (حادي التيوس).

      الصديق أمين الزاوي، الرواية تجربة ومغامرة لذيذة وشاقة، وكتابتها تغرف أساسا من الخيال، من غير المناسب لفن الرواية أن نجعلها نهبا لذكريات وأحداث عائلية بعينها، عملية التوثيق "للحدوتات" والأخبار والأحداث العائلية تتطلب جنسا آخر غير الرواية، ولنفرض أنك خصصت "رواية سيرية" لعائلتك، وأن القارئ سيتغاضى عن عدم إدراج أو كتابة "رواية سيرية" على غلاف الكتاب سهوا أو قصدا، لكن هذا القارئ لن يغض الطرف ولن يوافقك لما تصب وتفرغ أحداثا عائلية بعينها وتكررها بطريقة مملة وفجة في جل رواياتك. نجدك تنقل حادثة أليمة حلت بقريبتك وتكررها بشكل متطابق في أكثر من عمل روائي، لقد حدثتنا عن تفاصيل "تأخر ابنتها الكبرى عن موعد الزواج وذلك لعاهة... وهو ما أخر الزواج عن الخمس الأخريات من أخواتها الأصغر منها" ص 108 رواية (حادي التيوس). ثم في رواية أخرى تتكلم عن ذات العاهة أو تصف ذات المرض الخبيث، كما تكرر تداعيات ومضاعفات تلك العاهة على أخوات الفتاة المصابة في تأخر زواجهن، "لقد أصيبت أختي هاجر منذ طفولتها المبكرة، كان عمرها آنذاك لم يتجاوز السابعة، بمرض خبيث يسميه أهل القرية بمرض الخنزير..." ص 34 رواية نزهة الخاطر، وتواصل "كان زواج هاجر بالنسبة لأمي لعنة سقطت على الأسرة بأكملها، فبمرضها، وعدم تقدّم الشباب لخطبتها، تكون قد قطعت طريق الزواج أمام أخواتي الأخريات واللواتي عددهن أربعة... وهن جميعا أصغر منها، وقد بلغن سن الزواج..." ص 35 رواية نزهة الخاطر.

       أعتقد أن النقد جاملك كثيرا، وقد حان الوقت لتستريح وتتوقف عن تسويد الصفحات لفترة، تراجع فيها تجربتك في الكتابة بعيدا عن المجاملات الزائفة، فأغلب النقاد في هذا الزمن للأسف أضحوا متملقين و"خبزيست"، يبتعدون عن حيتان الأدب الكبيرة، ويلقون بسهامهم ونبالهم على أسماك الأدب الصغيرة.

صديقك بشير لعراجي

باحث دكتوراه تخصص سرديات معاصرة

 

 

مقالات اخرى للكاتب

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.