عن بيروت 1975 ودائماً

أحفر في الأرض

هناك بقدر استطاعتك

ستجد عظاماً زائدة

وجوهاً بإيماءات خفيفة

تريد أن تقول الحقيقة..

ثمة على التراب

ما يوحي بحوادث سيئة السمعة

حصلت على مدى خمسة عشر عاماً

حين خذل الإله ومحبوه بيروت..

أحفر أكثر

في الرأس

الشاعر مرهق

الموت لا يتوقف

الاثنان صارا واحداً..

أريد أن أتحدث

عن الأشياء سيئة السمعة

بالإمكان رؤيتها من ثقب عميق

لا يندمل في الرأس..

عليك أن تقرأها أمام الأشجار المقطوعة

أو على سقيفة مدينة محطمة

أو على طاولة شعراء تتناقص

عاماً تلو عام

دعها تقول نفسها

فقد حوّلت حياتنا

إلى خراب لا يتوقف

الحقيقة لا تُقال إلا مرة واحدة

وقولها يحتاج إلى يوم غائم حزين

وإلى الشعور بأن الموت قريب..

بيروت وأخواتها

آلامنا

مكتوبة في القصائد

أمام الجرحى والحجارة والأطفال

ابتسامة مهرّج تتحوّل إلى عويل

شجرة واحدة تدخل تحت قميصي

هل تكفي لقلب هذا الوطن على الوجه الآخر

حيث الضمادات والحبوب المهدّئة

والأضداد التي تتشاجر بعيون غربية وشرقية

من يموت أولاً

الشجرة أم العصفور

العمر قصير

والملك يغسل قدميه من جرائم

ارتكبها فقراؤه ببعضهم

ليبقى ملكاً

الصلاة تتلو نفسها

أمام الضحايا والصحف اليومية

والقلب حطاب المدينة

يضرب كل يوم

موعداً مع الموت.. 

الطائر

الطائر على حافة الشرفة الخلفية

يردّد: متى يمكننا الذهاب..

يوم الأحد

قطة متسخة نائمة على ظهر سيارة

فتاة تفتش عن مسقط رأسها

في كشك لبيع الكتب

وسط شارع للوحيدين والمنهزمين

لا تريد من الحياة إلا القليل

لا تذكر كيف بدأت هذه الحياة

لكنها تعرف أنها ستنتهي

على نحوٍ سيء..

شجرة تنبت من رقبتي

قد تنكشف على جميع حيواتي السابقة

إذا لمستها

تتكلم بلا انقطاع

لتُخرج منها دخاناً كثيفاً

لكنها تفضّل الصمت الرطب..

لا يمكنني أن أحبك أكثر

أحببتك بما يكفي

لملء قصيدة..

هناك محاولة

لإيقاظ ميت في داخلي

الرحلة مأهولة بالألم

كل ما علينا فعله

أن نبرز ساقينا للنهر

ونتجاهل الحياة صامتين..

وجهك ينعكس على النافذة

وسط يوم مليء بالغبار

ما الذي سيظلّ بعدئذ

طائرٌ تبتلعه الريح

وقطة نائمة على ظهر سيارة

تنتظر وحيداً يلمّها

من مدينة متسخة..