}

رسالة افتراضية

رامي فارس أسعد 11 سبتمبر 2019
يوميات رسالة افتراضية
(لؤي كيالي)
رسالة، هي رسالة واحدة، رسالة واحدة أنتظرها منذ ساعات، منذ ساعات وأنا أقبع في مكاني مُسمّراً نظراتي أمام شاشة الهاتف الملونة أقلب بإبهامي هذا البرنامج وذاك وبين الاثنين أمر سريعاً على برنامج التواصل الخاص بنا علّني أجد شيئاً ما منك ولكن لا شيء أمامي سوى الصبر والانتظار.
الصبر والانتظار، نعم الصبر والانتظار، فهما صديقاي منذ الطفولة، لا أذكر لحظة واحدة عشتها في حياتي دونهما، كل شخص قابلته كان يوصيني بالتمسك بهما لدرجة بت أشعر بكراهية مطلقة في سري نحوهما، حتى في العالم الافتراضي الذي صار اللغة السائدة لعالمنا الصاخب يجب عليّ أن أتمسك بصديقي الطفولة، الصبر والانتظار.
كيف وضعني القدر فريسة لهكذا موقف، إنسان بانتظار رحمة افتراضية يسوقها له أثير افتراضي عبر كلمات مدمجة داخل مربع صغير من برنامج محادثة يؤمه الملايين من بني البشر.
أرفع عيني عن شاشة الهاتف، أرمي به جانباً، أشعل سيجارة، أنفث دخانها ببطء وأتلذذ بها رغم السعال الذي ينتابني بين الحين والآخر، أنهض من مكاني، أتجه نحو نافذتي اليتيمة بغرفتي، الشارع أمامي هادئ ويغرق في الظلام وبين الفينة والفينة تمر سيارة مسرعة كسرعة البرق تشق الظلام بأضوائها الساطعة.
رحت أفكر مع نفسي.. يبدو أني بالغت جدا بالحب والاهتمام بك.. لم أكن أعلم أن خلف الحب والاهتمام صفعة خذلان، هكذا أنا سرعان ما أسلم قلاعي بسهولة حتى قبل أن تطأ حوافر العدو
أرضي، أحب، أتعذب، أشتاق، تكويني نار الغرام وفي النهاية لا أتلقى سوى الصفعات والخذلان.
بعضهم يصفني بالعاطفي والرومانسي فوق العادة لكني لست كذلك وحتى لو كنت كما يصفون.. أين هو الخطأ في ذلك؟ ربما وجد خطأ لكن دون أن أنتبه الى نفسي.
أصطاد هاتفي، المرمي على السرير، بنظرة خاطفة ما تزال الشاشة سوداء كما هي والساعة تجاوزت الثانية صباحاً.. يبدو أنه ليس هناك أمل.
حنايا قلبي مملؤة بالفراغ لا أعلم ما الذي ينتظرني وما هو مصيري معك.. هل أكسر الحواجز وأتصل بك الآن أم علي البقاء هكذا حبيس سجون الانتظار والترقب.
كل شيء طرأ عليه التغير في زماننا حتى العلاقات الغرامية صارت حبيسة الانتظار والأجهزة اللوحية.
أستلقي على سريري، أغمض عيني، يسرح بي الخيال والتفكير بعيدا للحظة التي تمت فيها كتابة الفصل الأول من علاقتي بك.. لو كنت أعلم ما سيؤول إليه مصيري بعد هذه العلاقة المتعثرة لما أقدمت ولو على مجرد التفكير بإقامة علاقة عاطفية مع إحداهن.
لم أشعر بنفسي إلا وأشعة الشمس الصباحية تتسلل عبر النافذة لتداعب أجفاني الثقيلة، أفتح عيني، أتنفس بعمق، أنهض من فراشي، أتلفت حولي بحثاً عن هاتفي الجوال، فجأة تذكرت كل شيء.... تذكرت كيف أضعت هاتفي ليلة أمس عندما عدت ثملاً لا أعي شيئاً من حولي، تذكرت كيف تشاجرت مع أحدهم وما زلت أشعر بالوجع في صدري وظهري، تذكرت كل شيء... كل شيء.

*كاتب من العراق.

مقالات اخرى للكاتب

قص
24 ديسمبر 2019
يوميات
11 سبتمبر 2019
قص
8 أبريل 2019

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.