}

قصيدة بدل الجسد

ندى منزلجي 3 سبتمبر 2018
يوميات قصيدة بدل الجسد
لوحة للفنان اللبناني كميل حوا

 أنا في صالة فوق مسرح قديم، صعدت إليها عبر سلم ضيق، بعد أن عبرت عدة أزقة وسط الويست إند، قلب لندن المعلن، حيث أشهر المسارح والنوادي الليلية، الثقافة والفن والسهر بكل أنواعه. حتى هنا ما زال بإمكان باحث دؤوب أن يعثر على مكان شبه سري رغم توافد أجيال من السياح والعابرين.

الإنارة خافتة، لكنها تسمح لعيني بجولات متكررة في الأرجاء، وكعدسة تسجل التفاصيل. الحضور لا يشبه جمهور صالات السينما أو المسرح، بقدر ما يشبه الممثلين أنفسهم. ثمة ألفة وبوهيمية في الأجواء، مع إحساس طاغ بخرق مرتقب وجميل للمألوف. والمفترض أننا الآن في نهايات القرن الجميل، القرن التاسع عشر.

لا أريد لفضولي أن يُشبع، أريد اكتشاف الأشياء، قضمة إثر قضمة. أترك للتجربة أن تصطادني جاهلة وغرّة لتذهب بي إلى أبعد مما تخطط له. وداعاً أيها الصندوق المغلق، وداعاً أيتها القوالب، نم قليلاً أيها الحارس- العقل. لا أريد أن أتساءل.. فقط أحلم بما أراه وأسمعه. "المعرفة قاتلة، الضباب هو ما يجعل الأشياء ساحرة" يقول أوسكار وايلد، الذي كان يرتاد هذا المكان، وأظنه سيكون حاضراً فيه بقوة بعيد قليل، كشاعر، عاشق وماجن، يلهم هذه الليلة ثنائياتها وولعها.

الشعر

نحن نقتل من نحب... بقدر ما نستسلم للمعشوق، ونتيح له التغوّل في استلابنا، بقدر ما يتصاعد عنف المشهد الختامي، ليصبح قتل الحالة الاستثنائية اللا محتملة خلاصاً من تسوّلِ نفسٍ ناقصة، لا تتحقق إلّا بذوبانها فيه. بتشويهه، بتدميره، بمحيه بقسوة من الوجدان، أو بإزالته من الوجود بفعل واقعي عنيف، وهي الفكرة القلب في قصيدة طويلة لوايلد عن سجين أعدم مداناً بقتل حبيبته في سجن ريدينغ حيث كان وايلد يمضي عقوبة بالحبس 18 شهراً مع الأشغال الشاقة بعد انكشاف علاقته باللورد ألفريد دوغلاس، في وقت كانت فيه المثلية فعلاً فاحشاً يعاقب عليه القانون.

"إنما كل شخص يقتل من يحب

فليعلم الجميع

البعض يقتل بنظرة قاسية

البعض يفعلها بكلمة إطراء

الجبان يقتل بقبلة

الشجاع يقتل بالسيف".

كل شخص يقتل ما يحب إذن! ولعل أوسكار وايلد قصد أيضاً أن يقول حتى عاشق نفسه المستسلم لإرضائها بالملذات، يقتلها في النهاية، كما فعل دوريان غراي حين طعن لوحته، فغاص الخنجر في قلبه.

تزداد عيناي اتساعاً

تعلن مضيفتنا (المدام) بداية السهرة. العشق القاتل محورها، وأوسكار وايلد ملهمها. وايلد الرجيم، وإن استأثر شارل بودلير رسمياً باللقب، وهما طبعاً ليسا الوحيدين في ثنائية الإبداع والمجون. ثنائية تتوهج غالباً بفضل طرفها المركزي الثالث: الألم، بكامل تجلياته وقلقه الممض، أما التابع اللص، فهو الشغف.

(المدام)! لم تترك للالتباس مكاناً. عرفتنا بنفسها بوضوح، فهي مديرة "مبغى الشعر"، ومضيفة الأمسية، وقد وعدتنا بشعر كما لم نعرفه يوماً. شعر (عاهراتها) كما تدعوهن بكامل فجاجة الكلمة، تاركة لنا أن نفكر بالتداعيات كما يحلو لنا، فمن مثلهن لعب بنارالعشق. الجسد عبدُها وفتيلها. كوَيْن، اكتوَيْن، واحترقن!
وقبل أن تتركنا للشعر، تؤكد أن ما سيلي، معروض للبيع لقاء سعر محدد، كما تقتضي دلالات مسميّات الليلة.

بقدر ما يتطلب الأمر هنا تفسيرَ الحالة برمّتها، بمكانها ومسمياتها، وتقديم مسوّغٍ ما لخلط فاضح إلى حد كبير، وربما صادم، بين الشعر والبغاء، بقدر ما يغريني تأجيله.

لن نتوقع هنا أن تصعد الشاعرة ممسكة بكتابها أو أوراقها، ولن تجلس خلف طاولة، وترتشف من كأس الماء كلما ضاع منها صوتها. ما الذي علينا توقعه إذن؟
أثواب مكشوفة من الأعلى والأسفل، ريش على الأكتاف، سيقان تحت شبك أسود شفاف، صداريات بأربطة محزومة على الخصر، حمرة شفاه قانية، كحل يسيل على الخد في خطوط دموع سوداء كما تسيل الحياة نفسها، وردة مغروسة في الشعر جاهزة لمصيرها، سواء رمتها صاحبتها على الجمهور، أو مزقتها نتفاً على المسرح. كل من الشاعرات حالة درامية، تظنها لفرط تمثّلها، لا ماضي لها خارج جنون عالم القعر هذا. سرّ أسود من ملذات سرية، لحظة ماجنة، تمرد، قهر من قتل فرحه بيديه، تهتك من يختار ضحكة موجوعة كطريقة مخادعة في البكاء.

ثمة شعراء أيضاً في سراويل ضيقة وقبعات من ذلك القرن الجميل، غير أنهم يبدون إضافة واعية، هامشية الحضور، اقتضتها مراعاة أجواء قرننا الحالي، أكثر من كونهم ضرورة فنية حقيقية.

النصوص تذهب إلى أكثر الأماكن هشاشة، صبوات كما انكسارات، ظلمة، وانتقام الضعيف بحدّه المزدوج. ليس من قراءة هنا بل تمثّل، تقمص بالمظهر مثلما هو في الصوت الذي يحن ويغضب، ويصرخ مع تفاعل الجسد، ومسرحة أداء يتكامل مع الموسيقى أحياناً، ومع الرقص إن استدعى الأمر.

ينتشر الشعر حراً، ينفلش ليحتلَ تفاصيل المكان، بعيداً عن جدران المدرجات والصالات الباردة بإنارتها التي تذكر بممرات المستشفيات. يسخر من نحنحة الشاعر والأداء الرتيب والحروف الممطوطة بلحن أحادي، من أخطاء اللغة، من فكرة تحطيم التابو التي تبدو سهلة ومتعجرفة في آن. فالشعر هنا لا يعترف بالتابو أصلاً، إنه شعر المعلقين في الهواء خارج السرب، شعر المنبوذين والمهمشين. شعر لا يعترف بتعالي الشاعر، ويسخر من رهبة الجمهور. يوهمك أنه سيجلس على حجرك متهتكا لأجلك، لكنه لا يفعل شيئاً من هذا. فاجر بنفسه من دون ابتذال ولا ادعاء.

ما هو المعروض للشراء هنا؟ ما قصدَته المدام هو أن كل شخص من الحضور بإمكانه أن يشتري لقاء مبلغ محدد خلوة شعرية، إلقاء فردياً خصوصياً (Tête-à-tête) كما يقول الفرنسيون، من الشاعرة أو الشاعر المفضل لديه.

قصيدة بدل الجسد، ومتعة حواس بدل لذة أعضاء. اشترِ إلهامك، واسمع نبض قلبي بعينين مغمضتين....

في الحجرات الصغيرة كالعلب في خلفية الصالة، ضوء أحمر خافت، أشبه بغرف اعتراف ماجنة. تعال اعترف لي كم تستهويك فكرة الشراء، واستحوذ على دقائق من حياتي مقابل حفنة من المال.

بعدد تردد، وحياء قديم، وشيء من وجل المجهول، تغلبني اللعبة، أو أن فضولاً يشبه الشعر غلبني. أختار شاعرتي المفضلة، وردَت في إحدى قصائدها عبارة مذهلة، تدور في رأسي، وأود المزيد. أكبرهن سناً، في شِعرها شيء استوى على مهل، أداء رائع، وصوت مجروح، ثوب أسود مع وشاح من الريش ووردة حمراء في شعرها المصبوغ القصير، شبك أسود يشدّ ترهل ساقيها الطويليتين ولا يخفيه. أعطيها قسيمة شرائي دقائق من وقتها، فتصحبني بابتسامة المرغوب إلى إحدى الغرف- العلب. في المشهد ما يدفعني لضحكة صغيرة، لكنني كتمتها. لم يخطر لي يوماً أن أدفع لقاء أي نوع من الخلوات! لكن للتجربة الشعرية سطوتها. تجلسني على مصطبة صغيرة، وتجلس مقابلي على كرسي قصير، تربط الشاعرة الغانية عصابة على عينيّ، تسألني كيف سمعت بهذه الليلة؟ أجيب باقتضاب. لا أريد أن أفسد غرابة اللحظة في حوارات عادية، سأصدق الكذبة. تقرّب فمها من أذني، وتهمس لي قصائدها. تصل إلى تلك العبارة "قلبك تحت كعبي العالي"، ما يهمّني هو قدرتها على حملي على إغواء نفسي لأتورط في الحالة، متناسية باختياري أنها تتقمص شخصية أخرى.

أستمع بسكون، لكن لم أعد أنصت، وإنما أهيم في قصيدة خيالي. أشكرها بحرارة، ويفرحها وصفي "ملهم فعلاً"، وأخفي عنها أنني أيضاً اختلقت حالتي. باعتني دقائقها دون أن تعلم. أنا السارقة المغمورة أتسلل كقطة إلى مطابخ حيوات الآخرين!

من أين أتت هذه الليلة، وما هو "مبغى الشعر"، ولماذا هذا الربط بين الشعر وتجارة الجنس؟ أسئلة تقصدت ألّا أبحث لها عن أجوبة إلّا لاحقاً، كي لا أخسر براءة الدهشة.

بعد التقصي، الذي لا بد منه لإرضاء فضولي قبل فضولكم، عرفت: بدأت الفكرة قبل نحو عشر سنوات في نيويورك، صاحباها هما الشاعران ستيفيني بيرغيس ونيكولاس أدامسكي، كردّ على المشهد الشعري في نيويورك، الذي بدا في نظرهما جافاً وإقصائياً محصوراً بالنخبة. وبحثاً عن صيغة شعرية مبتكرة، حيوية وحميمية، قادرة على جذب شرائح جديدة ليست عادة من جمهور الشعر، خطر لهما استيحاء أجواء (البورديل) أو بيوت الدعارة في القرن التاسع عشر، وبالطراز الذي كان معروفاً في نيو أوريالنز وباريس، وخصوصا أنها كانت ملتقى- وأحيانا كثيرة بمثابة المأوى الوحيد- لعديد من الفنانين والشعراء، وشهدت بداياتهم، وتركت بصمتها في تجربتهم وإنتاجهم. تحت مثل هذه الصيغة اعتبر بيرغيس وأدامسكي أن الشعراء يمكن لهم إطلاق العنان لمخيلتهم في تقديم قصائدهم بأبعد الطرق عن التقليدية، في فضاء بوهيمي فني متكامل يخلقون فيه شخصيات ويتقمصونها بأسماء، وخلفيات لها مظهرها وملابسها، بحيث يجمعون بين شعرية النص والمشهدية وفن الأداء، بل والطرافة أيضاً. وسواء اتفقنا أو اختلفنا معهما، فالشعر برأيهما يشترك مع مهنة الجنس بكونهما المهنتان الأقدم في التاريخ، وإذا كانت الأولى تغذي حاجة الروح والثانية تلبي حاجة الجسد، ومع الفرق الشاسع بين الاثنتين، فالحاجتان تشتركان بذهابهما إلى المخفي والمسكوت عنه، إلى النوازع الجامحة الدفينة، والتنفس خارج السائد وبعيداً عن النظم المرعية، والتمرد على فكرة الرقيب، وربما في الهشاشة كما في الغواية. وفي الحالتين لا بد من لعبة الخيال.
في مبغى الشعر، ليس الجسد هو المعروض للبيع بالطبع، وإنما القصيدة. وهو يتيح تفاعلاً حميمياً بين الشعراء والمتلقي، فالشاعر يلمس تأثير قصيدته في الآخر، ويسمع رأيه مباشرة وبخصوصية غير مسبوقة، ويتيح للمتلقي سماع نصوصه المفضلة والاقتراب من شاعره المختار بعيداً عن الكليشيهات أو رهبة الكاتب، فضلاً عن الإبداعية المتكاملة والسخرية الكامنة في كل التفاصيل من جذور فوقية الكاتب وتعالي النص. أما الثمن المادي الذي سيعتبره البعض مزيداً من الانتهاك لسمو الشعر، فهو لا يشكل إلا إضافة دخل صغيرة للشعراء المشاركين، صورية في الحقيقة أكثر مما هي تجارية.  

بعد أن أثبت مبغى الشعر نجاحه واستقطابه لجمهور جديد، نال اعترافاً من جمعية الشعر في نيويورك، وقد يشارك في أمسياته أحيانا ضيوف شرف مثل الشاعر الإيرلندي الشهير بول ملدون، المحرر الشعري في مجلة "ذا نيو يوركر" والحائز على جائزتي "بالتزار" و"ت. س. إليوت" في الشعر، أستاذ مادة الشعر سابقاً قي جامعة أوكسفورد، وهو اعتراف يمنح ثقلا أدبياً فنياً لمبغى الشعر. انتشرت الفكرة لاحقاً إلى مدن أخرى مثل باريس، برشلونة، كركاس، أوكلاند، ولندن التي أظن أنه وصلها قبل نحو عام ونصف العام، ليس أكثر. وهو لا يزال هنا نشاطاً "أندرغراوند" خالصاً، ولا يحصل على دعم من أية جهة ثقافية أو شعرية.

الأمسيات في مبغى الشعر في لندن غير منتظمة حتى الآن، ولا تقام إلا مرات معدودة في السنة، وكل منها في صالة مختلفة وتحت ثيمة محددة أو اسم شاعر معين، والاختيارات دائما حمّالة لدرامية وإشكالية، وتمردية عالية مثل "حفلة الأقنعة"، "أوسكار وايلد"، "عن الحب وشياطين أخرى" و"شبح سيلفيا بلاث". أما الشاعرات والشعراء المشاركون فيتم اختيارهم بعناية وفقاً لبراعتهم الشعرية ومواهبهم الأدائية، والقدرة على استلهام الشخصيات، وامتلاك كاريزما وحضور. أما جمال الشكل، فلا يدخل بالطبع في الحسبان. ومنهم شعراء مكرسون ولديهم كتب مطبوعة، ومنهم من لا يزال في بداية الطريق، لكن معظمهم درسوا فن الأداء، أو لديهم تجارب في المسرح. وإن كانت اللغة هي الإنكليزية، فالجنسيات متنوعة، واللهجات تضيف ملحاً خاصاً على الأداء. لكل شاعر أو شاعرة اسم فني خاص بمبغى الشعر، يناسب الشخصية الشعرية مثل، الناقمة: سكارلت ويدوو، اللطيفة: بيين برلين، وحادة الطباع: ماد بيرفان، الدلوعة: هين لين ليني، والمعلمة: البروفيسور... شيء ما يذكر من بعيد بالشعراء الجوالين (التروبادور). فرقة شبه عائلية بالرغم من غياب روابط الدم، وثمة شعور لطيف ومعدٍ ينتقل إلى الجمهور، إنها المتعة التي تجزم أنها لا بد رافقت التحضيرات لكل أمسية، متعة خلق هذا الفضاء الموازي الحميم، خارج الأعراف الشعرية، لكن في صميم جرأة الشعر. وإذا كان لا بد من ختام؟ فقد يليق هنا أن نتصور... أترك الخيال لكم، أرمي السؤال، ولا أضع ملعقة الجواب في فم أحد.   

إضاءتان

أوقفتني على السلم الداخلي. مددتُ يدي إلى جيبي لأبرز لها البطاقة. قالت: لا، لا، لا أسألك عن رقم المقعد.. أنا القوادة! هل تريدين شراء قراءة خلوة؟

 

في نهاية السهرة، طلب مني شاعر كان يجلس بقربي وطامح إلى المشاركة مستقبلاً في سهرة مماثلة، أن أرسل له بعض قصائدي. عاجلني بطلب صداقة على فيسبوك ونحن لا نزال عند المخرج، وقبل أن تعود الغربة بيننا. "لكنني أكتب من مكان آخر تماماً، موروثي وما أعيشه كسورية لا يغادرانني حتى وإن تحايلت على المباشر"، وكأنّ ردي أشعل حماسه "أرجوك. لم أقرأ لشاعرة سورية قط".
وفيت بوعدي وأرسلت له قصيدة، وبينما أهمّ بأن أختم بالثانية، أشارت العلامة في صندوق الرسائل إلى أنه فتح الرسالة الأولى، واكتفى... قصيدتاي المثقلتان بحمولتهما، أولهما دخلت بيتاً غريباً لا تعرف لماذا دعوها إليه، ولا أحد يتعطف على المعنى بنظرة، والثانية جامدة في مكانها في صندوق الرسائل، لا تملك لأمرها دخولاً ولا عوداً، فالمرسل إليه لم يتكلف عناء فتح الرسالة. قصيدتان تشفّان، لا تكشفان ولا تداريان. من عالم مثقل غير صالح للاقتباس.

 

 

قصيدة "مع الطريدة في شرك واحد"، ليس فيها على الإطلاق من قصيدة الشاعرة - الغانية  سوى عبارة "قلبك تحت كعب حذائي". وإلا أي بؤس هذا أن أفضح مصادر سرقاتي!

 

 

مع الطريدة في شرك واحد

 

 

قلبك تحت كعبي العالي 

دملٌ من دم 

 قلبك الطري 

تحت كعبي الخنجر.

وثمة ظل على شاشة خيالك  

أهيف، خفيف  

ممسوح الملامح 

ببعد أحادي لا يثير الارتباك

 

قلبك الغرّ تحت كعب حذائي الخبير 

والوخزة تحت ثديك الأيسر ليست 

من مؤثرات العرض  

 

قلبك الفاتر تحت كعب حذائي  

والجواب ليس لدي إن كان مناسبا أن تَحِلَّ ربطة عنقك 

وتخرجَ من صورة السيد المهذب في سهرة السبت؟

 

قلبك مغرور وكعبي أرعن

تقترب من لحظة ارتمائك المرتقب في حضن الإغراء

أنا مرة إثر مرة التقطني الإغراء 

مثل مغناطيس

أنا دبوسه في كومة القش

 

 

تمضغ قشرة ليمون لتحيّد رائحة السيجارة التي أحرقتها للتو!

رائحتي عالقةٌ بي

عطر فريسة نفاذٌ 

يذهب بالعقول

 

شوقك صريح لتجربة تستثمرها ربما في لحظة عاطفية

أنا، لم يكن الحب سجاني 

بل قاتلي 

جرّعني السم 

وضع الكأس في يدي 

ومضى، 

وما من أثر يدل عليه

 

ساقاي ممشوقتان 

وحوضي قوي 

لكنها

 روحي!

 

 

 

المحبوبات أرواحهن حقول دفلى 

لا يتمكن من زهوها مرور شتاءات 

وتشبهني الأراملُ السودُ

 بينهن، أضيع، ولا يميزني أحد،

أتلفتنا قبلاتنا القاتلة 

 

جئتَ شارياً ، ولم تبخسِ الليلة حقها    

أنا عادتي، ألّا اشتري ولا أبيع

أنسلُ خيطَ نفسي غافلةً عني

وأبددُ بلا ندم ما ليس لي.

 

لا تخشَ أن يمرَ الوقتُ 

ولا تأخذَ ما جئتَ لأجله 

أنا أكرم مما تظن!

أتوهُ عما أهبُ

 فلا تحصيه.

 

لستُ امرأة 

ولا تعاقب عليّ رجال

كنتُ بعيدةً 

وعزلاء

أتساءل كم من الوقت سيمضي 

وأنا أتمشى على شاطئ البحر

بطمأنينة العارف

 الموج 

الموج يعيد للرمل براءته

دائما يفعل

 

 

لست امرأة

 

أنا قصيدة نيئة 

وأنت وحش لطيف في ملابس السهرة

 

 

أغمض عينيك الآن

أغمض..

وتخيّل معي

قلبك 

تحت كعبي العالي 

وانا أسحقه كصرصار ليل

وأشهق بدلاً عنك!

_____________________

*شاعرة من سورية

 

 

مقالات اخرى للكاتب

شعر
9 سبتمبر 2020
يوميات
3 سبتمبر 2018
شعر
2 مارس 2017

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.