}

في الحبّ كما في الحرب

عماد الدين موسى عماد الدين موسى 23 مايو 2017
شعر في الحبّ كما في الحرب
لوحة للفنان السوري سامر اسماعيل

 

1-

في قلبِ كلِّ شجرةٍ

ثمّةَ ذكرى

في ذكرى كلِّ قلبٍ

ثمّةَ شجرة

تحت شجرةِ كلِّ ذكرى

ثمّةَ قلب؛

الشجرةُ تبقى

بينما القلبُ يرتدي الذكرى

ويمضي.

***

طائرٌ ما

لا اسمَ لهُ

يتذكرُ شجرة ما

لا اسمَ لها..

حيثُ الحرب الطاحنة

تأخذ معها كل الأشياء.

***

 

ماذا ينبغي أن أقوله

لما بقي من التراب البارد؟

وماذا ينبغي على التراب البارد

أن يقوله؟

كلانا في حيرةٍ

نرنو إلى الجهة الخامسة/

حيثُ اللا أحد

ينظر - هو أيضاً-

في حيرةٍ.

***

في الحربِ

لا تموتُ الأشجارُ..

كلّ عصفورٍ

يخبئ في قلبهِ شجرةً

ويمضي.

 

2-

كل ما قلتهُ قبلَ قليلٍ

وما سأقولهُ بعدَ قليلٍ/ أيضاً؛

المياهُ التي تيبّستْ في المرافئ،

والنوارس وهي في الأعالي..

الغيوم التي لم يقتلها

سوى أنينِ صمتها،

والمطر الناعم

دونما خدوش

أو أثر يُذكر.

الحياةُ أنشودةٌ خرساء

لا يتقنها

سوى

ذوي السمع الثقيل،

وأمّا الموت

فملاذنا الوحيد/ جميعاً..

دونَ شك.

***

إصبعكِ

التي

سالَ منها دمٌ عزيزٌ

بعد عراكٍ مع الحياة،

إصبعكِ

التي

كأغنيةٍ

في مرفأ بعيد،

إصبعكِ

التي

ليسَتْ غُصناً أو وردةً..

لا

يغادرها

قارب

قبلاتي

الثمل.

***

 

لا طائر هذا الصباح

يصغي إلى غنائكَ

وأنتَ تودّع المراكب/ مدندناً،

لا سمكة ترنو

إلى ماءِ حنينكَ العذب..

أو يدنو عندليبٌ ما

من أثر القبلات

على

شفاهِ مرافئكَ،

وما منْ شجرةٍ تعلو

لتظلّل صغار عطشكَ؛

أيّها البحرُ

أيّها البحرُ

من لا يغادر المرافئ

سوفَ يظلُّ..

مؤلماً كذكرى

ووحيداً كشجرةٍ

أو

عشّ في الخريف.

 

3-

- لا الربيعُ بأزهارِهِ

ولا الخريف بلا إزهارِهِ أيضاً؛

الطفلُ وهو ينظرُ

في قاربِ حياتهِ،

العجوزُ وهو يغمضُ قلبهُ

كوردةٍ..

ماذا ينبغي أن نفعل؟

وماذا نقول؟

الأشياءُ بموسيقاها الهادئةِ

إلى زوالٍ مُحتمٍ،

والكائنُ كذلك.

***

 

- خريفٌ آخر

يبتر قدم آخر ورقةٍ

وآخر عصفورٍ أيضاً.

خريفٌ أخيرٌ

كحطّابٍ ثملٍ

وقطيع حيوانات رماديّة.

تُرى؟

ما الذي سيفعله الفجرُ

إن استيقظ غداً

دونَ عصافير أو غصن،

والندى..

ماذا سيفعل بغيومهِ؟.

***

- حياتُنا كلاحياتنا

الأبيضُ أسود

والنهارُ ليل.

أُغنّي من أجل اللاشيء

وأرنو إلى اللاأحد..

بينما الأزهارُ تتساقط

كسحابةِ صيف.

 

4-

- لمْ يبق لنا

سوى الشمسِ المغبرّةِ

والقمر الخائف؛

شعاع الأمل المفقود

والنور الخافت

كأنشودةٍ بعيدة.

سيلُ الحنينِ الجارف

وأُغنية الحالم

في أبدِ العتمةِ الجارحة.

العصافيرُ أيضاً..

وهي ترنو إلى غصنٍ

في سفحِ شجرةٍ

لا

   ظلَّ

        لها.

***

 

- شجرةٌ..

في تمامِ الخريف؛

الشجرةُ

التي

بثوبها المخمل

وصفيرٍ مؤلم.

التي

ترفرف

كسربِ سنونوات.

التي

لا حولَ ولا قوّة..

ما من عاشقٍ

يأوي إلى ظلها الوارف.

***

 

- في الأعالي/ نجمةٌ صامتة؛

النجمةُ

التي

لمْ يأكل القطّ لسانها.

التي

كغيمةٍ

في أوان المطر.

التي

ليستْ صامتة فحسب

بل اغتالت الأعالي

حبال صوتها.

***

 

- كلُّ طائرٍ لا غصنَ له

كلُّ غصنٍ لا شجرةَ له

كلُّ شجرةٍ لا غابةَ لها

كلُّ غابةٍ لا شمسَ لها

كلُّ شمسٍ لا سماءَ لها

كلُّ سماءٍ لا ناظرَ إليها

كلُّ ناظرٍ لا عينَ له

فلينظر..

فلينظر بقلبه.

 

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.