}

كمَنْ يتصوَّرُ أنَّهُ ذاهبٌ لحفلةِ عرسٍ أو لمَوعدِ حُبّ

فتحية الصقري 21 نوفمبر 2017
يوميات كمَنْ يتصوَّرُ أنَّهُ ذاهبٌ لحفلةِ عرسٍ أو لمَوعدِ حُبّ
لوحة الفنان آزاد حمي

 

أَخْرُجُ مِن البيتِ، كمَن يتصوّرُ أنَّه ذاهبٌ لحفلةِ عرس، أو لموعدِ حُب، بوجهٍ حالمٍ تنزُّ منه الطمأنينةُ، يحملُ ابتسامةً خفيفة، وهدوءا أنيقًا وعينينِ توَّاقتينِ لمعانقةِ جَمالٍ ما. أَخرجُ ومَؤونتي في قلبي " وبينما كانَ الآخرونَ يبكون، بدأتُ بالرَّقْص .. نَعَمْ، الرَّقص. قال الآخرونَ: لقد جُنَّ زوربا . أنا لو لمْ أكنْ رقصتُ، لكنتُ مُتّ".



غائبةٌ عن الحاضر وغيرُ متَّصلةٍ معَ المستقبل

أَشتري البالوناتِ والحلوى الملوَّنةَ من الباعةِ المُتجوَّلينَ، أشتري الأشياءَ اللَّمَّاعةَ والمزركشةَ، الأشياءَ المُشاكسةَ اللعُوبَ،  الخادعةَ، الأشياءَ التي تتشقلبُ، تقفزُ، وتتسلَّقُ ظَهْرَ الحياةِ بعنفٍ ورقَّة، الأشياءَ المُراوغةَ التي تصرخُ في وجهِ الأيَّامِ (أيامٌ سيِّئةُ السُّمْعةِ، أيامٌ تشبهُ البطَّيخَ الفاسدَ، لن تستطيعَ اللحاقَ بي، لن تستطيعَ كَسْرَ ساقي، أو طَعني بكلمةٍ غيرِ لائقة)


كنتُ دائمًا..

مثلَ هذه الأصواتِ التي تخرجُ هكذا دونَ موعدٍ سابقٍ بيننا، مثلَ هذه الأصواتِ التي تجلسُ أمامَ مِرآتي، وتستخدمُ  أدواتِ زِينتي، مثلَ هذه الأصواتِ التي ترتدي أجمَلَ ما عندي، تستقلُّ أقربَ تاكسي، وتخرجُ في نُزهة، مثلَ هذه الأصواتِ التي ترقصُ ببدلةٍ مزركشةٍ في الشارع، مثلَ هذه الأصواتِ التي تعاقبُ سوءَ الحظِّ والأوقاتِ الداكنةِ بمزيدٍ من صُورِ وفيديوهاتِ مِهرجانِ (هولي)، مثلَ هذه الأصواتِ التي برقصٍ خفيفٍ متواصلٍ تطفئُ أضواءَ العالم، وتديرُ مِروحةَ الألوانِ، مثلَ هذه الأصواتِ التي سمحتْ للريحِ الجائعةِ بالتهامِ ثيابِها الأنيقة.

 ............................

إلى الحُبِّ، إلى الحياةِ، إلى الصوتِ  المتأمِّلِ الذي يأتي متأخِّرًا دائمًا، إلى الرُّوح التي تدورُ كفراشةٍ حولَ صَمْتِها، إلى الصباحِ النائمِ في حِجْرِ والدتِه، إلى الجَمالِ المَرمِيِّ مع الأصدافِ في شاطئِ العُزلةِ، إلى الغائبينَ للقاءِ أنفسِهم في مكانٍ ما، إلى الذينَ يجمعونَ الأسئلةَ بعيونِهم من أفواهِ المارَّة، ويَلفُّونَها بشريطٍ أحمرَ كُتِبَ عليه: " أتَّفقُ مع ويليام بليك، عندما قال: النُّمورُ الغاضبةُ أكثرُ حكمةً من الأحصنةِ المُلقَّنة، " ويتركونها على طاولاتِ المقاهي تحتَ أعمدةِ الإنارة، وفي المقاعدِ الخلفيَّةِ لسياراتِ الأجرة.

 

ارقُصْ

ارقصْ داخلَ البيتِ، خارجَ البيتِ، في عَملِك، في الشَّارعِ، في الأماكنِ العامَّةِ، في الحدائقِ بين الأشجار، أمامَ الجبال، حولَ النار.

ارقصْ وَحدَك

ارقصْ مع أصدقائِك

مع أعدائِكَ، حتى لو كنتَ لا تعرفُهم

ارقصْ وسْطَ المعارضين

والمُؤيِّدين

والراغبينَ بقتلِكَ.

ارقصْ رقصْةَ الحُبِّ، رقصةَ الحياة، رقصةَ الحُزن، رقصةَ التَّعب.

ارقصْ ارقصْ

يبدأُ الكلامُ

يبدأ الغناءُ

تبدأ القوَّة.

ارقصْ فوقَ طاولةِ اللاعبِ

شَتِّتْ نظراتِه

بَعْثِرْ أدواتِه

يَمْنَةً ويَسْرَة.

دَعِ المِقَصَّ يُسقِطُ

اللصْقَ

عُلبةَ الألوان

مَنْفَضةَ السَّجائرِ

نظراتِه، كلماتِهِ، أفكارَهُ النَّتِنة.

ارقصْ

ارقصْ

ارقصْ

حتى تتساقطَ أيّامُكَ:

ألعابًا، دفاترَ، بيوتًا، ستائرَ، كُرَاتٍ مَطاطيَّة، أقمشةً،

طُبولَ، شتائمَ، قلوبًا حمراءَ خضراءَ زرقاءَ  درَّاجاتٍ هوائيَّة.

ارقصْ ارقصْ

وامنحْ كلَّ هذه الوجوهِ الواجمةِ لسانًا قَذِرًا

وقًبَّعَةً مِن الرِّيش

*زوربا للكاتب نيكوس كازنتزاكيس 

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.