}

الباحثة الصينية يو ماي:الربيع العربي أشعل شرارة الوعي بالتغيير

محمود عبد الغني محمود عبد الغني 5 يونيو 2018
حوارات الباحثة الصينية يو ماي:الربيع العربي أشعل شرارة الوعي بالتغيير
يو ماي

تعمل الباحثة الصينية يو ماي أستاذة في كلية الدراسات العربية في جامعة الدراسات الأجنبية ببكين. انتسبت إلى هذه الكلية عام 2002، حيث تمارس التدريس وأيضا تزاول مهمة مساعدة للعميد. سافرت إلى مصر عام 2007، حيث تعلمت سنة دراسية واحدة في كلية الآداب بجامعة القاهرة كطالبة مبعوثة من قبل الحكومة الصينية. حصلت على شهادة الماجستير عام 2009 في تخصص اللغة العربية وآدابها من جامعة الدراسات الأجنبية ببكين. بعد التخرج بدأت العمل كمدرّسة في كلية الدراسات العربية في هذه الجامعة، وحصلت منها على شهادة الدكتوراه عام 2015 في تخصص الأدب العربي.

نشرت عددا من الترجمات من العربية أو الإنجليزية إلى الصينية، أو من الصينية إلى العربية. ومن الترجمات من العربية إلى الصينية "الكتابة في أفق المعنى- مختارات من نثر أدونيس"؛ ومن الصينية إلى العربية "الأغاني" (من الكتب الكلاسيكية الصينية).

نشرت إلى جانب ذلك عددًا من الدراسات الأدبية في المجلات الصينية أو العربية، منها: "العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في الروايات المصرية الحديثة"، و"وجود الأدب في أوقات التغيير: نظرة عامة على الأدب العربي 2016" و"تقرير حالة اللغة في جمهورية مصر العربية" وغيرها في المجلات الصينية، و"دراسة عن الأغاني الصينية" و"ماركس في عيون الصينيين" في المجلات والصحف العربية.

هنا حوار معها:

رصيد زاخر من التواصل

مع التراث العربي الإسلامي

(*) الأستاذة يو ماي، كيف تجدين العلاقة بين الثقافتين الصينية والعربية اليوم؟

- من المعروف أن الصين والدول العربية تنتميان إلى الحضارات العريقة التي تألقت في تاريخ البشرية، وشهد تاريخ العلاقات العربية الصينية تبادلا ثقافيا خلاقا أثناء طريق الحرير بشقيه البري والبحري. فالقوافل والسفن لم تحمل السلع فحسب، بل أيضًا الأفكار والاختراعات والمنتجات الثقافية بأنواعها. ومما يجدر ذكره أن الصين تمتلك رصيدا زاخرا من التواصل مع التراث العربي الإسلامي. وفي يومنا هذا، تدخل هذه العلاقة مرحلة جديدة، حيث تزداد التفاعلات الثقافية بينهما مع تطور التبادلات الاقتصادية الثنائية، ونتمنى أن تتعزز هذه العلاقة حتى تصل إلى مستوى يليق بهما كأعرق حضارتين.

(*) زرت العديد من الدول العربية. كيف تصفين هذه البلدان من وجهة نظر صينية؟

- نعم، أتيحت لي فرص زيارة العديد من الدول العربية، وصعب أن أصفها بجملة أو جملتين، ليس هناك نمط واحد فقط، إنما هي متنوعة ومتفاوتة، وبعضها تجمع بين الأصالة والحداثة وتستحق المعرفة الجيدة والإحساس الدقيق بها، ليس باعتبارها مكانا سياحيا أو منطقة معروفة في الأخبار الدولية، بل بصفتها ثقافة إنسانية مميزة. كلما تزيد معلوماتنا وتتعمق معارفنا عن بلد ما، نكتشف وندرك ما يميزه عن البلدان الأخرى.

(*) هل يمكنك الحديث عن بلدان بعينها؟

- كنت أدرس بجامعة القاهرة في مرحلة الماجستير عام 2007-2008 وبالجامعة الأميركية بالقاهرة في مرحلة الدكتوراه عام 2013-2014، وبعد ذلك زرتها عدة مرات للعمل. فمصر بالنسبة إليّ بلد يتمتع بمغزى خاص، وهي بلد عريق ساحري يرجع تاريخه إلى ما قبل سبعة آلاف سنة، وبلد تنصهر وتتلاقح فيه الثقافات المتنوعة بشكل منسجم. وزرت لبنان العام الماضي لحضور المؤتمر الأكاديمي، والحيوية والتعدد والانفتاح أمور تركت لنا انطباعا لا ينسى. أيضا زرت الإمارات والسعودية، وطبعا لكل منهما مزاياها الخاصة رغم أن كلتيهما من دول الخليج. كما زرت الأردن والجزائر، لكن بقيت فترة قصيرة جدا، وآمل أن تتاح لي فرص فيما بعد لزيارة دول عربية أكثر.

تدريس العربية في أكثر

 من خمسين جامعة صينية

(*) منذ متى بدأتم تدرسون اللغة العربية. ما أهمية هذا الأمر؟

-يرجع تدريس اللغة العربية في الصين إلى تاريخ طويل، وفي البداية كانت تُدّرَس في المساجد كلغة دينية للمسلمين الصينيين. ثم تأسس قسم اللغة العربية بجامعة بكين عام 1946، حيث أُدمج لأول مرة تدريس اللغة العربية كلغة أجنبية في الجامعات الصينية بشكل رسمي. وعلى أثر ذلك تطور تدريس اللغة العربية وآدابها بشكل متواصل. والآن يتم تدريسها في أكثر من خمسين جامعة على مستوى الصين. ليست اللغة مجرد آلة للتواصل، بل هي جسر بين الثقافات للتفاهم، اللغة تفتح لنا عالما جديدا وتدفعنا نحو الاجتهاد للإلمام بثقافة جديدة.

(*) هل يمكنك تحديد عدد الطلبة الذين يدرسون اللغة العربية؟

- للأسف لا أعرف العدد الدقيق للطلبة الذين يدرسون اللغة العربية في الصين، قيل إنه حوالي خمسة آلاف طالب وطالبة، وهذا العدد قد يزداد في المستقبل.

(*) كيف تقيمين الربيع العربي؟ ما آثاره؟ وما تداعياته؟

-هذا في الأصل مصطلح غربي، والآن يطلق عليه البعض "الخريف العربي" أو "الشتاء العربي"، إذ أنه لم يحقق ما استهدف من التغير الجذري والإصلاح الحقيقي، بل أدى في بعض الدول إلى مزيد من الفوضى والاضطراب. رغم ذلك كله، لا يمكن أن ننكره إنكارا تاما، فقد كان يدعو إلى إسقاط الثابت الذي كاد يحرم الناس من كل حقوقهم الأساسية والذي لا بد من تغييره، وأشعل شرارة الوعي بالتغيير.

(*) تهتمين أيضا بروايات الربيع العربي. كيف نبع لديك هذا الاهتمام؟

-كنت أهتم بالعلاقة بين المسلمين والمسيحيين في الروايات المصرية المعاصرة في مرحلة الماجستير والدكتوراه، وبعد عام 2011 بدأت أهتم بـ "الربيع العربي" وتجسيداته في الأعمال الأدبية. وقد أتت هذه الحركات الاحتجاجية بتغيرات للمجتمع العربي في مجالات شتى، فما يراودني أكثر هو تغيرات نفسيات العرب خلال وبعد الحركات، وكيف يفكر العرب وخاصة النخب حول مستقبلهم.

(*) ما هي النصوص التي تعتمدينها؟

- بدأت أهتم بالروايات المتعلقة بـ"الربيع العربي" أو "الثورة" منذ عام 2011، ولا سيما الروايات المصرية ذات الصلة، وحتى الآن وجدت وجمعت أعمالا عديدة، بعضها تسجيلات خلال فترات "الثورة"، مثل "لكل أرض ميلاد: أيام التحرير" لإبراهيم عبد المجيد، و"اسمي ثورة" لمنى البرنس، وبعضها يحاول إجراء تفكير جدّي وعميق عن "الثورة"، مثل "باولو" ليوسف رخا و"عطارد" لمحمد ربيع. ولاحظت أن هناك اتجاه dark fantasy و dystopia في الإبداع الروائي خاصة بين الكتاب الشباب، وباعتقادي أن وراء هذه الظاهرة أسبابا تستحق الدراسة الدقيقة فيها. قيل إن الكتاب ضمير الأمة، فهم يحملون رسالة الأمة في التأمل الذاتي وإيقاظ وعى التنوير بين الجماهير. سأستمر في البحث وأتطلع إلى قراءة مزيد من الأعمال الشيقة حول هذا الموضوع.

الصين تترجم الأدب العربي

منذ أواخر القرن الـ19

(*) ما هو وضع الترجمة من العربية إلى اللغة الصينية؟

- كتب أستاذي بسام شوي تشينغ قوه مقالا بعنوان "الأدب العربي في الصين" حيث قدم معلومات مفصلة عن الأدب العربي وترجمته في الصين. وحسب ما جاء في مقاله، مرت ترجمة الأدب العربي في الصين بأربع مراحل. المرحلة الأولى بدأت من أواخر القرن التاسع عشر حتى تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949، وخلالها تُرجم أول عمل أدبي- ديني عربي إلى اللغة الصينية وهو قصيدة "البردة" لمحمد شرف الدين البوصيري، ولم تشهد هذه المرحلة نشاطات مكثفة في ترجمة الأعمال الأدبية. والمرحلة الثانية بدأت من الفترة التي تلت تأسيس الصين الجديدة إلى ما قبل "الثورة الثقافية"، فقد ترجمت إلى الصينية عدة دواوين شعرية تضم قصائد وطنية أو ثورية لأبي القاسم الشابي وعبد الوهاب البياتي وشعراء آخرين من أقطار عربية عديدة. والمرحلة الثالثة تمتد من عصر الإصلاح والانفتاح في أوائل ثمانينات القرن الماضي حتى منتصف التسعينات، حيث دخلت الترجمة العربية عصرها الذهبي.‏ فقد ترجم خلال أقل من عشرين عامًا نحو 150 عملا بين الروايات ومجموعات قصصية ومختارات شعرية أو نثرية. والمرحلة الرابعة هي مرحلة هادئة، شهدت انضمام الصين إلى المنظمة العالمية للملكية الفكرية في منتصف تسعينات القرن الماضي. وربما نكون الآن قد دخلنا المرحلة الخامسة، حيث تتكاثر الترجمات بفضل التواصلات الثقافية الثنائية في ظل مبادرة "حزام وطريق"، حيث تتلقى مشاريع ترجمة متنوعة دعما حكوميا واسعا. لكن بينما تزدهر الترجمة من حيث الكم، نجد هناك مشاكل وتحديات في جودة الترجمة، لكننا سنواصل الجهود لمواجهتها والارتقاء بالترجمة إلى مستوى أفضل.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.