}

فيصل البريهي.. رحيل موجع في لحظة انكسار

صدام الزيدي صدام الزيدي 8 فبراير 2020
هنا/الآن فيصل البريهي.. رحيل موجع في لحظة انكسار
فيصل عبد الله البريهي (1967- 2020)
ترك رحيل الشاعر اليمني فيصل عبد الله البريهي (1967- 2020)، الذي فارق الحياة صباح الخميس الماضي بإحدى مستشفيات القاهرة، صدمة كبيرة لدى الوسط الثقافي والأدبي اليمني، الموعود كل يوم بنبأ جديد يضيف حزنا طارئا إلى سلسلة أحزانه وتشظياته بينما تمضي الحرب في عامها السادس في اليمن.

هنا، الموت بسلام ودونما عذابات وآلام، بات حلما لدى الأدباء والكتّاب والفنانين، في بلد يتمزق ويمضي إلى الهاوية، إلى درجة أن مجرد الحديث عن الثقافة والإبداع صار شيئا فائضا عن الحاجة، فالأهم لدى كل مبدع يمني الآن، لا سيما الذين ما زالوا في الداخل، هو أن لا يصيبه مرض طارئ أو يصيب أحدا من أفراد عائلته. لا أحد هنا ينقذ أهل الإبداع إذا مرضوا أو تشردوا وتقطعت بهم السبل، حتى بيانات التضامن والمناشدات الموقعة فيسبوكيا، هي في معظم الأحوال تزيد من اتساع الجرح، والمحظوظ فقط يلقى دعما بسيطا بعد مناشدات وهتافات قد يحمله إلى محطة بعيدة كالقاهرة، لكن الكلفة أكبر مما يُقدّم، والمآلات أكثر قهراً، وهذا ما حصل مع الشاعر فيصل البريهي عندما خطفه الموت في غرفة للعناية المركزة بمستشفى في القاهرة، دون أن يجد طريقا ومالا للعلاج في الهند أو ألمانيا بسبب انتهاء منحة مالية رمزية قدمت له قبل أسابيع، بتوجيه من رئيس الحكومة في عدن معين عبد الملك، استجابة لحملة مناشدة قادها الشاعر والناشط زكريا الغندري وآخرون في مواقع التواصل الاجتماعي.
ترجّل الشاعر البريهي بعد حياة إبداعية حافلة حصيلتها ثمانية دواوين شعرية (بالفصحى وقليل منها بالعامية)، هي على التوالي: "أسرار الرماد" 2003؛ "روائح الصمت" 2004؛ "بسمة في شفاه الفجر" 2004؛ "بروق الخريف" 2005 (ضمن سلسلة "إبداعات يمانية" التي كان يصدرها عبادي للنشر بصنعاء)؛ "انتحار الزمن" 2006؛ "عزفٌ على أوتار الجراح"؛ "مقامٌ في رحاب الحب"؛ "وللربيع طقوسٌ أخرى"، وهناك أيضا أربعة دواوين لم تطبع بعد هي: "على ضفاف الأمنيات"؛ "ومضات هاتفية"؛ "أجراس القلوب"؛ "العبور إلى مرافئ الضوء"، اضافة إلى بحث موسع بعنوان "مفاهيم الثقافة العسكرية وانعكاساتها على حياة الرجل العسكري" لم ير النور هو الآخر، لشاعر هو في الأصل ضابط في الجيش (بكالوريوس في العلوم العسكرية من الكلية الحربية)، وواحد من أوائل الضباط الذين انضموا إلى ساحات الثورة الشعبية السلمية في اليمن - 11 فبراير/شباط 2011.


صندوق لرعاية الأدباء
ولد فيصل البريهي يوم 27 يونيو/حزيران 1967 بقرية الحمامي- دمام- جبل الشرق (آنس) بمحافظة ذمار (وسط اليمن). وبقدر ما تميز البريهي كصوت شعري مجدد في قصيدة العمود، كان غزير الإنتاج، مرهف الإحساس، تحفزه لحظة نقاء ومحبة وجمال لكتابة قصيدته إلى درجة أن رسائله عبر واتس آب إلى حزمة من الشعراء والأصدقاء كانت تجيء شعرا خالصا. كما كتب لفلسطين ولقضايا الأمة.
هو عضو باتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين (الذي غاب صوته وتلاشى حضوره مع البواكير الأولى للحرب في البلاد)، كما أنه كان عضوا بمجلس أُمناء بيت الشعر اليمني وعضو رابطة الأدب الإسلامي وعضو مؤسِّس لملتقى الإبداع الأسبوعي بـ"مؤسسة الإبداع للثقافة والآداب والفنون بصنعاء"، وعلى مدى سنوات ترأس لجنة تحكيم جائزة رئيس الجمهورية للشباب (مجال الشعر) بأمانة العاصمة (2003- 2011).

شارك في مهرجانات وملتقيات شعرية يمنية وعربية، وكُتِبت دراسات عن دواوينه ومنجزه الشعري. منذ نحو شهر أسعف الى القاهرة بعد مناشدات استجاب لها رئيس الوزراء بحكومة عدن لكن المنحة المالية لم تكن كافية إذ كان يتطلب نقله للعلاج بألمانيا أو الهند، وهناك قبل أن يُعلَن نبأ وفاته صباح الخميس 6 فبراير/شباط 2020، كان أُدخِل العناية المركزة بعد تدهور حالته الصحية، ولم يعد إلى الحياة.
نعته الأمانة العامة لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، وجاء في بيان النعي: "ننعي للوسط الثقافي اليمني والعربي رحيل شاعر مختلف أضاف الكثير للقصيدة العمودية، ومثّلت تجربته منعطفاً هاماً في مسيرتها اليمنية من خلال حرصه ودأبه على تجديد مضمونها ومناخها الفني وتمكينها من التحليق بصوته ورؤيته متضوعة بعلاقته الخاصة بالشعر". وغير بعيد، اتشحت صفحات الأدباء والشعراء اليمنيين في فيسبوك ومواقع التواصل بالسواد ونبرة حزن في وداع شاعر لطالما كان قريبا من الشعراء الشباب تحديدا، ليبقى كثير من مبدعي اليمن رهن المرض والآلام في طابور على مشارف الموت، ما يستدعي هنا التذكير بمقترح كان أدباء وشعراء تبادلوا الحديث والنقاش حوله قبل سنوات يتلخص في "إنشاء صندوق رعاية الأدباء في اليمن"، لكن الفكرة تلاشت والأنين اتسع، والحرب "لا تبقي ولا تذر".

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.