فرجته، وهو أوَّل مؤلِّف مسرح فرجوي عربي شخوصه تسخر من موتها؛ تضحك من مأساتها، شخوص تنتصر للحياة. فهو كمؤلِّفٍ مسرحي لا يُحاكي الواقع، بل ينقلبُ عليه؛ فيضعُنا كمتفرجين مع حدثٍ في صورة فعلٍ/ أفعالٍ شاعريةٍ شاعرية، بقدرِ ما هي ملحمية، كونها صوت صهيلِ أرواحنا والجلادُ يضربُها بسياطه. وهذا نراه في أعماله الدرامية التي بلغت 65 عملاً تنتمي إلى مسرح الفرجة، كانت للمسرح، مثل: (إنَّهم يقتلون الحمير) من إخراج جلال الشرقاوي عام 1974، وهي أولى مسرحياته، علي بيه مظهر، بالعربي الفصيح، تخاريف، عفريت لكل مواطن، انتهى الدرس يا غبي، أهلاً يا بكوات، وجهة نظر، سعدون المجنون، الكابوس، الشيء، الهمجي، إعقل يا دكتور، سك على بناتك، من بطولة وإخراج فؤاد المهندس. أو للسينما مثل: القنطرة شرق، العميل 13، الإرهابي، فرصة العمر، البداية. أو للتلفزيون
لينين الرملي يكتبُ أو يصنعُ فرجته من فيض روحه؛ الروح الجَماعية للناس، من ألمها، من جسارة وعيها بمأساتها، من ثقافتها، من أحوالها الاجتماعية والسياسية البائسة، لذا ستنبع وتنمو الأفعال/ الصراعات في مسرحياته من خلال الحوار بينها؛ الحوار الذي يولِّد الصراع الذي يكشف عن بؤسنا وجوعنا للعدالة والحرية، بقدر ما تراه وقد انفجر بالضحك - تنقلب التراجيديا إلى كوميديا.
قد يذهب إلى الهزل. ولكنَّه الهزلُ الذي يسعى إلى تحقيق الحريَّة، فنرى شخصياته تعيش مصائرها مهما كان لونها وشكلها وجنسها وحجمها وطولها وعرضها ووزنها السياسي والاجتماعي والاقتصادي، نرى كما نسمع حواراتها، وقد خلعت أقنعتها، فتقف وتتحدَّث كما بذاتية مهما بدت مُغرقة في تخلفها، أو في وعيها العلمي، كما في موضوعية، وهذا ما يحقِّق تلك الضحكة اللئيمة.
لينين الرملي عندما يهزل/ يسخر حتى ممَّا هو سامٍ ومقدَّس، خاصة إذا استعمله المُستبدُّ استعمالاً يبرِّر فيه أفعاله اللاإنسانية، فيضرب السامي بالاستخدام التافه - سموُّ وتفاهة، هو ما يولِّد الضحكة القاسية. اصطدام العظيم بالوضيع، الجد بالسخافة، العاقل بالمجنون. لينين الرملي لا يكتب أو يُمسرح النكتة/ الطُرفة، حتى لو كانت النكتة ذكية ذكيةً ولاذعة، ومغزاها السياسي والاجتماعي عميقاً. هو يلعب بالحدث، يصنع الحدث المأساوي وينسلُ منه الضحكة، وعلى الخشبة. فهو من المؤلفين المسرحيين، وإِنْ كان يكتب باللهجة (العامية)، وليس الفُصحى - يكتبُ عرضاً حيَّاً، ليحيا على الخشبة وليس على الورق. فكلُّ مسرحياته أو دراماه التي ألَّفها؛ كَتَبَها لتُمثَّل، وحتى عندما نضحك، فنضحك ضحكاً حقاً؛ ضحكاً سامياً - قد تضجُّ الصالة
الألم هو ما يبرزه لينين الرملي حين يكتب (فرجته) المسرحية، ومنه - لا يجترُّ؛ بل يولِّدُ الضحكة الحقَّة، ضحكة السامي النبيل الذي يُذِلُّهُ الوضيع التافه، كانَ ما كانَ وزنه، وكانت قوَّته، ومن ثمَّ يقومُ بتحطيمه، تحطيم الوضيعِ فَيَذِلُّهُ، يذلُّه كُرْمًى (عيون) السامي الذي ذُلَّ فنشعرُ كمتفرجين بأنَّ لينين الرملي ينتصرُ لنا، يأخذُ حقَّنا، فنضحك تلك الضحكات السمحة التي ما يزال صوت رنينها في صدورنا، لأنَّها ضحكةٌ من جدلٍ حقيقي.
*ناقد مسرحي سوري.