}

حصاد 2019.. جديد الحياة الثقافية العربية (3)

عماد الدين موسى عماد الدين موسى 5 يناير 2020
هنا/الآن حصاد 2019.. جديد الحياة الثقافية العربية (3)
"الثقافة فعل إنساني للتقارب بين الشعوب"
تبقى الثقافة فعلاً إنسانياً قد يكون الأمثل للتقارب بين الشعوب، سواء عبر الفعاليّات الثقافيّة، أو من خلال الترجمة بوصفها جسر عبور للثقافات. عامٌ آخر يمرّ ولا تزال منطقتنا في أوج الاشتعال، وعلى الرغم من كل ذلك، ثمّة نافذة مضيئة هنا أو هناك، كتب عديدة صدرت، وفعاليّات ومهرجانات ثقافيّة تقام في معظم العواصم والمدن.

في هذا الاستفتاء السنوي نستطلع آراء مجموعة من الكتاب والمثقفين حول أبرز الكتب التي صدرتْ في العام 2019 وكذلك حول أهم الفعاليّات من معارض ومهرجانات ونشاطات أخرى، أدبيّة أو ثقافيّة.
هنا الجزء الثالث:

 

شريف الشافعي (كاتب وصحافي مصري): عام المسرح
في تصوري، أن العنوان العريض لحصاد 2019 الثقافي هو المسرح، كفن وفرجة بصرية وظاهرة جمالية ومعرفية، وأيضاً ككتب وإصدارات. لقد أثبت المسرح على مدار العام، خصوصاً في مصر، أنه "أبو الفنون" فعلاً وليس مجازاً، فهو الفن الأعرق والأشمل، الذي يحتوي جملة من الإبداعات، من نص أدبي وسينوغرافيا وشعر وموسيقى وغناء ورقص حديث وباليه وحركة وتشكيل في الفراغ وشاشة عرض سينمائية وغيرها من تقنيات المسرح المستحدثة وأبجدياته المعاصرة، وهو فن المواجهة المباشرة مع الجمهور والتأثير في المتلقي وتمرير مشاهد إمتاعية تشويقية جاذبة وكذلك رسائل ذهنية محفزة للوعي والتخييل ومحرضة على التغيير وإعادة اكتشاف الذات وصياغة الواقع بما يليق بكرامة الإنسان وقيمته. المسرح كذلك هو الفن الذي بدا أكثر جرأة في التمرد والمقاومة، والأكثر ذكاء ومهارة في استغلال هامش الحرية الضيق، والتحايل على البطش السلطوي من خلال الأقنعة والرموز والإسقاطات التاريخية وغيرها من الوسائل. وقد لقيت العروض المسرحية، المصرية والعربية والعالمية، رواجاً استثنائيّاً على مسارح القاهرة على مدار العام، خصوصاً أثناء المهرجانات الدولية المتميزة، من قبيل المهرجان القومي للمسرح، ومهرجان الفنون المعاصرة "دي كاف"، ومهرجان المونودراما، والديودراما، ومهرجان القاهرة للمسرح التجريبي، وغيره من الفعاليات التي فتحت ذراعيها للعروض المبتكرة التي حققت ثورة على العُلبة الإيطالية التقليدية، ووسعت مفهوم الدراما والأداء الجسدي والتعبيري.
على صعيد الكتب كذلك، فإن الإصدارات الخاصة لهذه المؤتمرات والمهرجانات المسرحية، وإصدارات أكاديمية الفنون بالقاهرة، وإصدارات دائرة الشارقة، حول فن المسرح، هي الأبرز أيضاً في مجال التنظير للظواهر المسرحية الجديدة، التي صار لها حضور لافت في القاهرة والعواصم العربية، خصوصاً بين قطاعات الشباب.

 

وليد هرمز (شاعر وروائي عراقي): الرجّة الشعبية
على إيقاع الانتفاضات الشعبية السلمية التي تجددت، مؤخراً، في كل من لبنان والعراق، تنزاح بوصلة المشهد الثقافي، قليلاً، عن إيقاع البصر والبصيرة. لكن لو دققنا جيداً في جوهر هذه التظاهرات نرى أن جيلاً من الشباب، من المشاركين فيها، يحمل هماً ثقافياً عالياً يرتفع صوته مع انشقاق على واقع سياسي ـ اجتماعي مزر. جيل الانعتاق هذا، في أوله يُبشر بتحرير الجو الثقافي أيضاً، من ترهات سلطات التحزب لتمزيق شرنقة إرهاب العقل لكل مُقدَّس لا يُسمح الخوض فيه. هذه الرجة الشعبية هي جزء من الحصاد، أيضاً، في آخر أيام هذا العام 2019.
على الصعيد الثقافي، هناك حدثان بارزان لهما وقع خاص عندي شخصياً:
الأول: ترشيح جائزة البوكر رواية المبدع الكبير سليم بركات: "ماذا عن السيدة اليهودية راحيل". وأخيراً أشرقت شمس هذه الجائزة على سماء الشمال الاسكندنافي لتلقي بالقليل من دفئها على سليم بركات بعد أن تخطت إصداراته الـ 50 كتاباً، لحد الآن.

  رواية "ماذا عن السيدة اليهودية راحيل" مؤثرة وصادقة 


















العمل الروائي الأخير هذا لسليم يؤشر إلى أنه ما زال يجد ضرورة الحفر في موضوعة اضطهاد مكونات بشرية مسالمة، متعددة الإثنيات والقوميات، وأسباب اقتلاعها من مكانها الأزلي الأول بحكم عوامل سياسية، ودينية وثقافية، وبأوامر من سلطات عليا، وإجبارها على الهجرة هرباً، وتهريباً. هذا ما تناولته هذه الرواية، إثر أحداث حرب الـ 1967 العربية ـ الإسرائيلية لمصائر السوريين اليهود، والأرمن كذلك.
تعتبر هذه الرواية الضخمة (560 صفحة) مؤثرة وصادقة لأن كاتبها هو سليم بركات "ديك الحي الفصيح" الذي عاش وانعجن في طفولته ومراهقته في روح أحياء اليهود والأرمن الملاصقة لأحياء الكرد السوريين. أما لماذا لهذه الرواية وقع خاص عندي، فليس سراً أنني قد صففت أحرفها بأصابعي، وأحتفظ بمخطوطة الرواية.
الحدث الآخر المهم هو ولأول مرة يقام مهرجان غوتنبرغ للفيلم العربي. يعود الفضل لتحقيق هذا المهرجان للمخرج الفلسطيني المقيم في السويد فجر يعقوب.

عرضت في هذا المهرجان العديد من الأفلام لمخرجين من عدة بلدان عربية، من أبرزها:

   ـ "حمَّام العَليل" ـ للمخرج العراقي أمجاد ناصر.

   ـ "مواجهة الموت بقاطع أسلاك"، للمخرج العراقي سروار عبد الله.

   ـ "أغنية البجعة"، للمخرجة السعودية هناء العمير.

   ـ "هزيع الباب الأخير"، للمخرج البحريني خالد الرويعي.

   ـ "صمت الزنازين" للمخرج المغربي محمد نبيل.

   ـ "نحنا أولاد المخيم" للمخرج الفلسطيني سامر سلامة.

اختتم المهرجان بندوة سينمائية بعنوان "تحولات الإنسان والوجود" تناولت تجربة المخرج السويدي روي أندرسن، شارك فيها المدير الفني للمهرجان المخرج فجر يعقوب، والكاتب وليد هرمز.

 

أحمد فضل شبلول (كاتب مصري): حالة الشِعر العربي
أرشح تقرير حالة الشعر العربي الأول 2019 الذي صدر عن أكاديمية الشعر العربي بجامعة الطائف بالسعودية وجاء في 900 صفحة ليكون كتاب العام لأنه يعرض للحالة الشعرية العربية بمشاركة 30 باحثا عربيا منهم 7 نقاد مصريين يشخصون ما وصلت إليه حالة الشعر العربي في العام 2018 بطريقة علمية منهجية، وتنوي أكاديمية الشعر العربي إصدار تقرير سنوي يتابع حالة الشعر في كل عام.
ملتقى القاهرة الدولي للإبداع الروائي الذي عقده المجلس الأعلى للثقافة خلال شهر نيسان/أبريل 2019 يعد أهم حدث ثقافي لأنه استطاع أن يجمع أكثر من 360 ناقدا ومبدعا روائيا عربيا من داخل الوطن العربي وخارجه، ليتحدثوا عن الرواية العربية وما وصلت إليه، وكان الملتقى باسم الروائي السوداني الراحل الطيب صالح، وفاز بجائزة الملتقى الروائي الفلسطيني يحيى يخلف.
أختار الشاعر الكبير أحمد سويلم لشخصية العام الثقافية لأنه كان الأكثر نشاطا ومشاركة في الفعاليات الثقافية والشعرية المختلفة سواء في القاهرة أو الإسكندرية أو الأقصر أو بورسعيد وغيرها من المحافظات، إلى جانب مشاركاته في ندوات وملتقيات خارج مصر مثل تونس والمغرب، فضلا عن أنه كان الأكثر إنتاجا للشعر والدراسات الأدبية وسط أبناء جيله، وإصداراته المتدفقة تدل على ذلك، فاستحق أن يكون – من وجهة نظري – شخصية العام الثقافية.
مما أحلم به للعام الجديد 2020 هو تأسيس "بيت للشعر" في الإسكندرية على غرار بيوت الشعر المختلفة في الوطن العربي التي تؤسسها دائرة الثقافة بحكومة الشارقة، مثل بيت الشعر بالأقصر، وبيت الشعر في القيروان التونسية، وبيت الشعر بالخرطوم، وبيت الشعر في أبو ظبي والمفرق الأردنية ومراكش المغربية وغيرها، وقد وعد حاكم الشارقة الدكتور سلطان بن محمد القاسمي بإنشاء ألف بيت شعر في الوطن العربي خلال السنوات القادمة، أتمنى أن يكون للإسكندرية نصيب منها خلال 2020.

 

خالد شاطي (كاتب عراقي): أنشطة خجولة ومحدودة
يؤشر هذا العام إلى غياب للأنشطة والفعاليات والإنجازات الثقافية العربية المهمة، والتي إن وجدت سابقاً فإنها في معظمها خجولة ومحدودة في تأثيرها وما يتمخض عنها من نتائج. ولم تقدم المهرجانات والفعاليات الثقافية السنوية إضافات يمكن أن تُدرج في خانة الأنشطة التي تثري الحياة الثقافية.
الأمر نفسه يكاد ينطبق على إصدارات دور النشر العربية، فأبرز إصدارات الكتب لهذا العام كان عن طريق الكتب المترجمة لا المؤلفة باللغة العربية. وعلى الرغم من ذلك، فإننا لا نزال في ذيل قائمة الدول التي تعنى بالترجمة. وهذا حال مؤسف؛ لا يتناسب ومعطيات كثيرة؛ أحدها وجود أكثر من أربعمئة مليون نسمة يتكلمون العربية.
ويحيل عدم وجود إصدارات عربية مهمة إلى جملة من المسائل المتعلقة بقطاع النشر والكتّاب والقراء والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية الراعية للكتاب ونشره وإلى التعليم والبحث العلمي؛ والتي جعلتنا كذلك أسفل قائمة الدول القارئة.

 يأتي منح جائزة نوبل للآداب كأهم حدث أدبي عالمي لعام 2019


















يأتي حدث منح جائزة نوبل للآداب كأهم حدث أدبي عالمي لعام 2019 حسب وجهة نظري؛ وذلك لسببين: الأول، منحُ الجائزة هذا العام مرتين؛ واحدة للنمساوي بيتر هاندكه لعام 2019، والثانية للبولندية أولغا توكارتشوك عن العام 2018 والذي أجل فيه منح الجائزة بسبب فضيحة التحرش الجنسي التي هزت الأكاديمية الملكية السويدية. وقد أثار هذا الفوز المزدوج الذي حصل للمرة الثانية في تاريخ الجائزة الاهتمام بأدب الفائزَين من قبل القرّاء والنقاد العرب؛ خاصة أدب توكارتشوك الذي يكاد يكون مجهولاً لدى القراء والمثقفين العرب.
السبب الثاني، ما أثاره فوز هاندكه من نقاش ولغط ربط بين الأدب والسياسة، دار حول مواقف وآراء هاندكه السياسية وبالتالي أحقيته في نيل الجائزة المرموقة.
أما أهم إصدارات الكتب لعام 2019، فكانت أربع روايات: (رحالة) لأولغا توكارتشوك وهذه الرواية فازت بجائزة مان بوكر الدولية للرواية، ترجمة: إيهاب عبد الحميد. و(غراميات) لخافيير مارياس، ترجمة الراحل صالح علماني. و(الشيطان فوق التلال) لتشيزرة بافيزة، ترجمة: كاصد محمد. و(دون جوان يحكي عن نفسه) لبيتر هاندكه، ترجمة: سمير جريس.

 

محمد ناصر الدين (شاعر لبناني): أعمال بسام حجار
كتبٌ كثيرة صدرت عام 2019 استرعت انتباهي، ووضعتها ضمن جدول قراءتي اليومية الذي اتسع هذا العام بسبب الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد. في طليعة هذه الكتب تأتي المجموعة الكاملة لأعمال الشاعر بسام حجار الشعرية والنثرية والتي صدرت بطبعة متميزة عن دار الرافدين. المجلدان الاثنان بصورة بسام عليهما ولفرط ما انمحت الحدود بين بسام وشعره، نكاد نرى الكلمات وقد تحولت إلى تجاعيد تغضِّن العينين عند الأرق، إلى ذلك "التوتر في القدمين أو المسافة ما بين النافذة والنافذة".

الروائي البرتغالي أنطونيو لوبو أنتونيش 


















روايتان عن منشورات الجمل (إست يهوذا) للبرتغالي أنطونيو لوبو أنتونيش بترجمة سعيد بنعبد الواحد و(طقوس) للهولندي (سيس نوتيبوم) بترجمة علي عبد الأمير الصالح أتتا بعد طول انتظار، إذ لم يترجم للعملاق البرتغالي الذي لا تقل شهرته في بلاده وفي أوروبا عن شهرة مواطنه ساراماغو أي عَمل قبل (إست يهوذا) الى العربية، وأظن أن الرواية التي تدور أحداثها بين البرتغال الأم ومستعمراتها المتهالكة وتسرد التاريخ السياسي والاجتماعي والثقافي للبلاد على لسان راوية مخمور، ستفتح شهية القارئ والمترجم العربي على أعمال أخرى لأنتونيش، مثل (ذاكرة الفيل) أو (موت كارلوس غارديل). عمل سيس نوتيبوم (طقوس) يحيلنا الى كاتب هولندي رحّالة، كنت قد تعرّفت إلى عوالمه الساحرة مترجماً إلى الفرنسية في كتاب بعنوان (تومبا) عن دار آكت سود، وهو عبارة عن رحلات الى قبور شعراء ومفكرين، ليرشدني هذا العمل الى تقفي أثر روائي ومفكر وشاعر فذ، فيه شيء من البورخيسية ممزوجة بالتأمل الشرقي والفلسفة الغربية، وهو خليط لا تنجو منه (طقوس) بمزاجها الغرائبي التأملي. رواية ثالثة شيقة صدرت هذا العام هي (اعترافات شرسة) ترجمها مارك جمال للكاتب الموزمبيقي ميا كوتو عن البرتغالية (دار التنوير)، وهي أيضا شكلت فرصة للتعرف على ما يشبه "ماركيز" أفريقي، نبحر معها الى عوالم قرية أفريقية هي أشبه بماكوندو، مع فارق معتبر قوامه وجود الأُسود بدل الفراشات، ولكن مع الجو العجائبي ذاته.
في كتب التراث، كتاب لطيف عن مؤسسة الانتشار العربي بعنوان (المطبخ العربي) للمؤلف قيس كاظم الجنابي، وهو عبارة عن دراسة تاريخية - فكرية في أنثروبولوجيا الطعام والجسد، يجول بنا على موائد الخلفاء وخفايا المطعم العربي بجناحيه المشرقي والمغربي لنكتشف قارة من الذوق والألوان والطعم مرتبطة بالثقافة والشعر والدين والاجتماع والاقتصاد والطقوس.
في الكتب المترجمة وبعد طول انتظار، صدر كتاب أوكسفورد (المرجع في سوسيولوجيا الدين) بجزأين عن الشبكة العربية للأبحاث والنشر، بترجمة لربيع وهبة، وهو كتاب موسوعي ضخم يبحث آراء علماء تاريخ الأديان كافة من دوركايم الى موس وإلياد وليفي شتراوس وغيرهم في سوسيولوجيا الدين والروحانية ومدى تأثيرهما في السياسة والثقافة والتربية والصحة في عالمنا المعاصر.
كتاب أخير انضم للمكتبة العربية في 2019 هو (حدّادون وخيميائيون) لعالم الأديان الروماني مرسيا إلياد عن دار الرافدين، ترجمة محمد ناصر الدين. عرفنا إلياد في (معجم تاريخ الأديان) و(تاريخ الأفكار والمعتقدات الدينية) و(المقدس والعادي) وها هو أول كتب سلسلة إلياد حول الخيمياء واليوغا والشامانية ينتقل للغة الضاد، في كتاب يلاحق أصول المعتقدات القديمة حول الحدادة والتعدين والفلازة والخيمياء، ويباغت إلياد القارئ باستشهادات من التراث العربي والإسلامي، وتحديدا لابن الرومي حول السيف، وتلقيح النبات لابن وحشية النبطي، ووصية الإمام جعفر الصادق.
الفعالية الثقافية التي اعتبرها الأبرز تمثّلت في إطلاق دار المتوسط لمجلة ثقافية فصلية بعنوان براءات، صدر منها أعداد ثلاثة حول (الشعر والجنس)، و(الشعر والله)، و(الشعر والعولمة)، وهي محاولة جدية لخلق فضاء إبداعي يضم مادة نظرية تنطلق من الشعر وتعود إليه، وتطبيقات عملية تربطه بقضايا الوجود والزمان.

محمود خير الله (كاتب وصحافي مصري): افتتاح متحف نجيب محفوظ
الحق أن ظروفاً ساعدتني في قراءة عدد وافر من الكتب هذا العام، في مجالات مختلفة، لذلك سأختار كتباً أعجبتني في بعض المجالات، مثل الرواية والشعر وغيرها، فمن بين أجمل دواوين الشعر هذا العام ديوان "تلك لغة الفرائس المحظوظة" للشاعر عماد فؤاد، وفي مجال الرواية أعتقد أن هناك أكثر من عمل، وأفضل أن أبدأ برواية "طعم النوم" للروائي طارق إمام، لأنها تتميز بسمة مفتقدة في ثقافتنا الروائية، وهي إطلاق العنان للخيال، كي يتجول بين مراحل وحقب زمنية وروايات سابقة، ليخرج بمصفوفة حكائية فريدة.
هناك أيضاً رواية الكاتب وحيد الطويلة، "جنازة جديدة لعماد حمدي". وفي المجموعات القصصية أختار مجموعة "خطط طويلة الأجل" للكاتب محمد فرج، وفي الأعمال الكاملة أعتقد أن الأعمال الكاملة للكاتب الراحل سليمان فياض، الصادرة عن دار ميريت 2019، كانت أهم مجموعة أعمال كاملة لكاتب واحد، كما أعتقد أن أفضل كتاب نقدي هو "لكل المقهورين أجنحة" للروائية رضوى عاشور، الصادر عن "دار الشروق".

أعتقد أن أهم حدث ثقافي في عام 2020 سيكون افتتاح المتحف المصري الكبير بجوار الأهرامات 


















أما أهم سيرة ذاتية صدرت هذا العام فهي "مذكرات فتوة"، للمعلم يوسف أبو الحجاج، وهي المذكرات التي جاءت من تقديم وتحقيق الكاتب الراحل صلاح عيسى، وصدرت في 2019 عن "الهيئة المصرية العامة للكتاب"، كواحدٍ من أطرف وأهم المذكرات، التي اكتشفها المؤرخ الراحل بالصدفة، وهي تحكي مذكرات فتوة الحسنية، الذي أملى قصته على رئيس تحرير جريدة "لسان الشعب" عام 1926، في القاهرة، وطلب منه نشرها، فقام الرجل بنشرها على صفحات الجريدة ثم في كتاب، بعد أن قام بتدوين رواية تعطي صورة جلية عن أخلاق وعادات وآداب واصطلاحات، اختصت بها طبقة من عامة المصريين هم الذين يلقبون بـ "الفتوات".
أما بالنسبة إلى أفضل فعالية ثقافية، فأنا أعتقد أن معرض القاهرة الدولي للكتاب في كانون الثاني/يناير 2019 كان الحدث الثقافي الأبرز، حيث كان يحتفل بالانتقال الحضاري إلى مقر جديد، في مركز المنارة بالتجمع الخامس، في اليوبيل الذهبي للمعرض الأقدم عربياً. ومن بين أهم أحداث 2019 الثقافية في ظني افتتاح "متحف نجيب محفوظ"، الذي طال انتظاره. وأعتقد أن أهم حدث ثقافي في عام 2020 سيكون افتتاح المتحف المصري الكبير، بجوار الأهرامات، المقرر افتتاحه خلال العام الجديد بحضور نخبة من أبرز زعماء العالم.

 

محمد يويو (شاعر مغربي): جائزة الأركانة
أجد أنّ أبرز حدثين استحوذا على اهتمامي وأخصّ الشعر بالذكر هما جائزة الأركانة العالمية للشعر في دورتها الثالثة عشرة، التي يمْنحُها بيتُ الشعر في المغرب، وتبلغُ قيمة جائزتها اثني عشر ألف دولار أميركي، تُمْنحُ للشّاعر الفائز. وقد تفيّأ ظلالها هذا العام الشّاعر اللبْناني وديع سعادة الذي قدّم، طِيلة نِصف قرنٍ، مُنجزاً شِعريّاً متفرّداً، أسْهم بجماليتِه العالية، في إحْداث انْعطافةٍ في مسار قصِيدة النّثر العربيّة؛ ممّا يذكره تقرير لجنة التحكيم.
أمّا الفعالية الثقافية الثانية التي تحوّلت إليها الأنظار والتي أسعدتني شخصيّاً فهي حيازة الصديق العزيز الشاعر والمترجم العراقي هاتف جنابي على ميدالية هومر الأوروبية للشعر والفن؛ ومقرها في بروكسل، كما أصبح عضواً في لجنة تحكيمها مدى الحياة، وتسلّمها أثناء فعاليات اللقاء الشعري العالمي الثاني الذي انعقد باليونان.
وفيما يخصّ الإصدارات أتوقّف عند مؤلفين تلقّيتهما هدية: الأول "آلام ذئب الجنوب" من القريب جدا إلى القلب محمد المطرود الذي نكتشف في مؤلفه مشروعاً أجناسياً جديداً يتطلع من خلاله إلى إرساء معالم ما ورائية بنفس حكائي دون الشروع في بنائه، وشعري دون أن ينساق مع مقولاته، إخلاصا منه للنص ولا شيء غير النص. وبنبرة ذئب/بدويّ يشقّ الدروب الموحلة لجنوب الرّد ويرصد ألمها المدهش!
كما كان لي السبق لأطّلع على ديوان "صمت" للمخلص دائما هاتف جنابي الذي سيصدر بداية العام الجديد عن دار نشر بولندية بتعاون مع دار ميزوبوتاميا بالعراق. شعر هاتف جنابي يسترعي انتباهاً جديّاً، ويقظة عالية، وعازفاً أزليّاً هو الصمت.

 

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.