}

"مهرجان قدموس الشعريّ الأول".. من الشعر وإليه

ليندا نصار ليندا نصار 19 سبتمبر 2019
هنا/الآن "مهرجان قدموس الشعريّ الأول".. من الشعر وإليه
أعاد المهرجان الاعتبار للشعر وأثبت استمراريته ووجوده

في ظلّ الواقع الذي نعيشه ووسط انعدام الأمل، باتت القصيدة تسير في طريق الانحسار بعيداً عن التّخييل، وصار الاستسهال بالشعر كبيراً وضاقت الرؤية. وقد أصابت هذه الأزمة اللغة التي صارت مقترنة بالتراجع والتّسطيح، وصار الخوف عليها كبيراً خصوصاً في المستقبل.
جاءت فعاليّات "مهرجان قدموس الشعريّ" ردّة فعل تجاه هذا الواقع. انطلق المهرجان من بيروت في دورته الأولى تحت شعار "من الشعر وإليه"، وهو الاحتفاء بالشعر وترسيخ قيم الحب والجمال والتلاقح والتواصل والتمرد بهدف بناء الحضارة. وقد ضمّ أربع فعاليات استمرّت على مدى أربعة أّيام: افتتاح وثلاث أمسيات وختام. ونُظّم المهرجان بمجهود أفراد وشعراء لبنانيّين وبدعم من بعض البلديات والمنتديات.
افتتح المهرجان في منطقة العبّاسيّة وسط حضور كبير من الجمهور ومن إعلاميّين وشعراء وفنانين وكتّاب فحلّقت القصيدة في فضاءات من الإبداع.
قدّم للافتتاح الشاعر الفلسطيني جهاد الحنفي، ثمّ تلته كلمة رئيس البلديّة الدكتور محمد حمود، ثمّ قرأ الشاعر المؤسس مردوك الشامي ما يشبه البيان التّأسيسيّ، وبعده قصائد الشعراء أجود مجبل من العراق، وجاسم الصحيح من السعودية، ولؤي أحمد من الأردن، وحنان فرفور، الشاعرة المؤسسة ومنظّمة الاحتفال، ومن ثم كلمة وقصائد لنائب الأمين العام لاتحاد الكتاب اللبنانيين الشاعر الشيخ فضل مخدّر.
أعاد المهرجان الاعتبار للشعر وأثبت استمراريته ووجوده، كما تميّز بتنوّع فضاءاته وبامتداده على مختلف المناطق والمحافظات اللّبنانيّة من الجنوب إلى البقاع وصولاً إلى بيروت. وهو يعدّ خطوة أولى نحو المثاقفة والانتشار والاستمراريّة، وترجمة لنقاء الإنسان وداخله الحقيقيّ الذي لا يخرج ساطعاً صادقاً إلّا من خلال القصيدة، كما أنّه السفر عبر القصيدة والإقامة في الكتابة والانفتاح على القيم الإنسانيّة وتوسيع الرّؤى والانتصار للحياة، ما يثبت أنّ الشعر ما زال بخير وسيظلّ يحافظ على حضوره مهما ازداد الضيق، وما زالت هناك تجارب وحساسيّات شعريّة نضجت ثمارها، وهذه الأصوات ساهمت في إعادة النّظر في المشهد الشعري وإعادة تشكيله بدءاً من بيروت.
يعتبر هذا المهرجان فرصة لاجتماع جغرافيّات متجاورة من الدول العربيّة تحت سقف بيروت التي لطالما حملت همّ الثقافة وزارها روّاد الشعر العربيّ وتذوّقوا فيها ماء الشعر.



ما يشبه البيان التأسيسي

هنا مقتطفات من الكلمة التي ألقاها الشاعر المؤسس للمهرجان مردوك الشامي بعنوان "ما يشبه البيان التأسيسي"، في افتتاح المهرجان في العباسية:
"نريد لقدموس أن يكون مهرجانا للبنان كله، يستمر معنا، وبعدنا، وشعارنا من الشعر وإليه.
لأننــا نؤمنُ بالشّـعر، نؤمنُ به طريقاً وملاذاً ومخلّـصاً ..
نؤمن به وسيلةَ عناقٍ، لا وسيلةَ شقاق، وأسلوبَ حياة نرتفع بها على كل الخراب الذي يستبد بهذا الكوكب، لا مجردَ كلام على الورق..
(...) لسـنا جهة رسميةً، ولا نتبعُ طائفة أو مذهباً، أو عشيرة أو عائلة، نحن لا ننتمي سوى للشعر، وكنا حين بدأنا هذا المشروع قلـة قليلة جداً، لكننا اليوم كثيرون بكم، بكل شاعر يدرك أنه من الشعر يأتي وإليه يعود .وغدا سنكون أكثر، وسنزداد كل يوم وكل مهرجان، وكل قصيدة مباركة.
(....) نحن استعدنا قدموس لنقول: لا تنتهي اللغة، ولا يحتاج الكلامُ سفنَ إنقاذ، هو يحتاج إلى أجنحة ترتفع به عن المستنقع ليرسم في التيه فضاءات اليقين ويرصع البحر بجمهورياتِ وممالكِ النوارس والأيائل والبرتقال.
(...) نريد لقدموس أن يكون مهرجاناً للبنان كله، يستمر معنا، وبعدنا، لأننا نؤمن بالعمل الجماعي، وباستمرارية السطوع.
وسيكون مشروعنا الشعر وكل ما يخدم الحركة الشعرية، وهذا يتضمن التأسيس لثقافة النقد، وبناء تيار حقيقي لقصيدة عربية تتنكب دورها في ريادة الحياة والمجتمع".



أجرت "ضفة ثالثة" مقابلات سريعة للتعرف إلى آراء الشعراء وتجربتهم في المهرجان:
حنان فرفور (عضو منظّم ومؤسّس في المهرجان)
في انطلاقته الأولى، اختارت اللجنة التأسيسية اسم "قدموس" ليكون عنواناً لمهرجانها الأول نظراً لبعده الأسطوري والحضاري الجامع، حيث تسعى لنشر رسالة القصيدة الرائية حراكاً يحرض على الحب والجمال والتلاقح والتواصل والتمرد البناء. وقد انطلقت فعاليات المهرجان يوم 15 أيلول/سبتمبر وامتدّت على مختلف المناطق اللبنانية على الشكل التالي: الافتتاح في المنتدى الثقافي العباسية، تلته أمسيات في منتدى شواطئ الأدب في بشامون، ومسرح بلدية سن الفيل، ومنزل الشاعر خليل مطران في بعلبك، وذلك بمشاركة أسماء عربية هامة من أبرزها: من العراق أجود مجبل، من السعودية جاسم الصحيح وناجي حرابة، من الأردن وسورية نجما أمير الشعراء لؤي أحمد وإباء الخطيب، أما من لبنان فشارك نائب اتحاد الكتاب اللبنانيين الشيخ فضل مخدر، حنان فرفور، علي دهيني، مردوك الشامي، أسيل سقلاوي، حسن المقداد، عصمت حسان، د. محمد الموسى وخليل عاصي.

جاسم الصحيح (السعوديّة)
لا شكّ في أنّنا عندما نلتقي تحت مظلّة الشعر، فإنّنا نلتقي تحت مظلّة الإله. هو لقاء مليء بالحب والعطاء الإنسانيّ والصداقات، وهو فرصة كبرى لأن نلتقي بأصدقائنا من العرب، ونجدد عهدنا معهم على طريق الشعر الإنساني، ونقدّم ما نملكه من جديد الشعر ونستمع إلى جديد الآخرين. الشعر فرصة لتكاتف العالم، لأن يتعايش العالم بسلام. الشاعر هو الإنسان ومن دونه نحن نحمل جنازة الإنسان إلى مقرّها الأخير.


مردوك الشامي (لبنان)
تمّ تنظيم المهرجانات العربية منذ القديم ولغاية اليوم، ولبنان قدّم عدة مهرجانات ولكنها لم تكن بشكل ثابت ومستقرّ. فكرة مهرجان قدموس السنوي للشعر بدأت معي ومع الشاعرة حنان فرفور، وتحققت بفضل بعض الأصدقاء المخلصين الحريصين على حضور الشعر. خطّطنا بجهد وكان المهرجان الأول باستضافة عدة دول وفي المراحل المقبلة سيزيد عدد الشعراء من لبنان وعالمنا العربي. إننا نتعب لكنّ الشعر يستحق أن نتعب من أجله فلنمنحه فرصة لأن يوحّدنا ويجعلنا نشعر بأننا أصحاب أجنحة وأن يفتح لنا فضاءات ومزيداً من الحياة التي نحلم بها.


لؤي أحمد (الأردن)
أجمل ما في هذا المهرجان هو وجوده على الأراضي اللبنانيّة. لبنان الذي يعلّم كلّ المنطقة العربية بأن بإمكانه أن يقف سدّاً منيعاً أمام القبح الذي تعيشه أوطاننا وأن ينتصر الجمال وتنتصر الفنون على السيف والدم والرصاص.
مثلما نشر قدموس الفينيقي الأبجدية الأولى فلبنان بشعرائه وشاعراته ينشر اليوم الشعر العربي بأبهى أثوابه وأبهى صوره. وأنا شخصيّاً سعيد بهذه الكوكبة من الشعراء والشاعرات الذين اطّلعت على تجربتهم وتوقّعاتي أنّ الدورات المقبلة من المهرجان ستكون جسراً وقنطرة ونافذة للبنان على العرب وللعرب على لبنان على الصعيدين الثقافي والفني.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.