}

صنع الله ابراهيم: يرفض جائزة مبارك ويتوج بجائزة الشعب

وائل سعيد 9 فبراير 2018
هنا/الآن صنع الله ابراهيم: يرفض جائزة مبارك ويتوج بجائزة الشعب
صنع الله ابراهيم
 

الرفض أولا..

عُقدت الجلسة الختامية للدورة الثانية من جائزة "ملتقى القاهرة للإبداع الروائي العربي" في الثاني والعشرين من شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2003، في حضور كل من وزير الثقافة المصري -آنذاك- فاروق حسني ود. جابر عصفور الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، واستقرت لجنة التحكيم على إعطاء جائزة هذه الدورة للروائي المصري صنع الله ابراهيم.

في الدورة الأولى للملتقى ذهبت الجائزة للروائي السعودي عبد الرحمن منيف سنة 1998 وكان مقررا عقده كل سنتين، إلا أنه لظروف مادية خاصة بتوفير القيمة المالية للجائزة –مائة ألف جنيه والتي تضاعفت بعد ذلك- تأخر انعقاد الدورة الثانية خمس سنوات كاملة لتكون من نصيب "صنع الله".

تفاجأ الحضور وقتها برفض الجائزة المقدمة من حكومة الرئيس الأسبق حسني مبارك، الأمر الذي أثار استهجان وزير الثقافة مُعتبرا رفض الجائزة ما هو إلا محض بحث عن مجد وشهرة من قبل الكاتب، لا سيما وقد أضاع جهد لجنة التحكيم المكونة من نخبة من المفكرين العرب والتي رأسها الروائي السوداني الطيب صالح. واعتبر وزير الثقافة أن منحه الجائزة ورفضه لها بهذه الطريقة هو دليل على القدر الكبير من الحرية والديمقراطية التي يسمح بها النظام السياسي في مصر.  

وإذا كان الشيء بالشيء يُذكر؛ فحين حصل الطيب صالح على الجائزة في دورتها التالية "الثالثة"؛ اتضح من خلال كلمته أنه لم ينس لصنع الله ضياع جهد لجنته الذي تحدث عنه فاروق حسني، مُشيرا للحماقة التي ارتكبها حين رفض الجائزة قائلا: ".. أما وقد جاءت الجائزة من مصر فأهلاً بها، ومن الحماقة أن يرفض إنسان مثل هذه الجائزة!".

بينما كان تعليق الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة –الجهة المانحة للجائزة- بأن "صنع الله ابراهيم لم يرفض تلك الجائزة من الحكومة المصرية، وإنما الرفض من الأمة العربية جمعاء".

وقد بدأ صنع الله كلمته لرفض الجائزة بهذا الاعتذار: "أعلن اعتذاري عن عدم قبول الجائزة لأنها صادرة عن حكومة تقمع شعبنا وتحمي الفساد، وتسمح للسفير الإسرائيلي بالبقاء في مصر في حين أن إسرائيل تقتل وتغتصب".  

... "لم يعد لدينا مسرح أو سينما أو بحث علمي أو تعليم، لدينا فقط مهرجانات ومؤتمرات وصندوق أكاذيب، لم تعد لدينا صناعة أو زراعة أو صحة أو عدل، تفشى الفساد والنهب، ومن يعترض يتعرض للامتهان وللضرب والتعذيب. وفي ظل هذا الواقع لا يستطيع الكاتب أن يغمض عينيه أو يصمت، لا يستطيع أن يتخلى عن مسؤوليته".

 

جائزة الشعب..

لا شك في أن موقف صنع الله ابراهيم برفض الجائزة نال استحسان الجبهة الأكبر في الواقع الثقافي المصري؛ خاصة ورافض الجائزة أحد أبرز كُتاب الستينيات اليساريين، وضمن من اصطدم بنظام عبد الناصر، وبالتالي لم ينجُ من دخول المعتقلات، في الفترة الأشهر من حكم عبد الناصر، حيث الصدام كان على أوجه بين السلطة وبين الجبهة الثقافية، ولم يكن هناك حد لذلك سوى السجن.

ولهذا، كان من الموفق أن تذهب "جائزة الشعب" الحديثة في أول دورتها لكاتب مثل صنع الله ابراهيم، لا سيما وأن أهمية الجائزة المعنوية أولا، تكمن في أنها نتاج جهود المجتمع المدني، حيث شاركت مجموعة من المثقفين ومن عدة جهات أخرى كجمعية أصدقاء بهاء الدين واتحاد كتاب أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية؛ في ميلاد هذه الجائزة التي تهدف لتكريم رموز الفن والفكر في المجتمع المصري.

أما عن القيمة المادية للجائزة فسنجد أنها ضعف جائزة مُبارك المرفوضة من قبل صنع الله، حيث بلغت قيمة جائزة الشعب أربعمائة ألف جنيه مصري. وقد شهدت قاعة النيل للآباء الفرنسيسكان التابعة للمركز الكاثوليكي للسينما بالقاهرة حفل تسلم الجائزة بحضور نخبة من المثقفين والكتاب والفنانين، وبمشاركة كل من الروائي رؤوف مسعد صاحب الفكرة، د. محمد أبو الغار صاحب المبادرة، والكاتب محمد سلماوي، رئيس اتحاد كتاب آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، وفي غياب تام للتمثيل الرسمي من وزارة الثقافة.

وجاءت كلمة الكاتب المقتضبة حاملة لملامح الجو العام الذي عايشه منذ صدامات عبد الناصر مرورا برفضه لجائزة مبارك ووصولا إلى الواقع الراهن: "أشعر بالسعادة والفخر بهذا التكريم لأنه صادر عن شخصيات وطنية، وما يجدد سعادتي أن هذه المبادرة قد جرت في ذكرى أيام مجيدة، والتي رفضت فيها جموع الشعب تكدسات عقود من الاستبداد.

وما يُعكر هذه السعادة هو غياب من ضحوا بحيواتهم وأعينهم في سبيل ثورة 25 يناير، وكنت أتمنى لو شاركني الفرحة أولئك القابعون خلف القضبان بسبب جريمة التعبير عن الرأي.

شكرًا لكم جميعًا، وأمنيتي بوطن حر ومستقل".

جدير بالذكر أن "صنع الله ابراهيم" من مواليد القاهرة 1937. من أعماله.. تلك الرائحة، اللجنة، نجمة أغسطس، بيروت بيروت، ذات، شرف، وردة، أمريكانلي "أمري كان لي"، التلصص، العمامة والقبعة، القانون الفرنسي، الجليد، برلين 69، ورواية، وله إسهامات في مجال الترجمة، كما نال العديد من الجوائز، منها جائزة غالب هلسا عام 1992، جائزة العويس عام 1994، جائزة ابن رشد للفكر الحر عام 2004، وجائزة كفافيس عام 2017.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.