}

أيرلندية شمالية "تقتنص" جائزة "مان بوكر"

سناء عبد العزيز 20 أكتوبر 2018
هنا/الآن أيرلندية شمالية "تقتنص" جائزة "مان بوكر"
آنا بيرنز

 

بفوزها بجائزة مان بوكر، أصبحت آنا بيرنز أول مؤلفة من أيرلندا الشمالية تفوز بالجائزة التي تبلغ قيمتها 50 ألف جنيه إسترليني عن روايتها التجريبية "بائع الحليب"، وهي الرواية الثالثة لبيرنز بعد روايتيها "بدون عظام 2001"، و"منشآت قليلة 2007" بالإضافة إلى نوفيلا التي صدرت عام 2014 بعنوان "بطل على الأغلب". 

أبطال دون مسمى 

وفي بائع الحليب، تروي فتاة تبلغ من العمر 18 عاما، لم يمنحها السرد اسما، اكتفى بإطلاق عليها "الأخت الوسطى"، مثلها مثل بقية شخوص الرواية، إذ استغنت بيرنز عن الأسماء مفضلة الأوصاف، تقول الكاتبة "لم يتوافق الكتاب مع الأسماء. لقد فقد قوته وتحول إلى كتاب أقل - أو ربما وجدته كتابًا مختلفًا فحسب. في الأيام الأولى، جربت منح شخوصي أسماء عدة مرات، لكن الكتاب لم ينسجم معها، أصبحت الحكاية ثقيلة تفتقر إلى الحياة وترفض التحرك، حتى حذفتها مرة أخرى. وفي بعض الأحيان كان الكتاب يتخلص منها تلقائيا".

تتناول الرواية معاناة ومتاعب امرأة شابة تتعرض للتحرش الجنسي من قبل رجل شبه عسكري كبير في السن، يتسم بالقوة والسلطة هو بائع الحليب. وقد وصفتها الغارديان البريطانية نقلا عن رئيس التحكيم كوامي أنتوني أبيا الفيلسوف الأميركي بريطاني المولد، بأنها رواية "بديعة بشكل لا يصدق.. لم يقرأ أحد منا شيئا من هذا القبيل من قبل"، معلنا فوز بيرنز في حفل عشاء في غيلد هول في لندن. وتحدث عن صوت بيرنز المميز والذي يتحدى التفكير التقليدي والشكل بنثر مفاجئ وغامر. إنها قصة وحشية وانتهاك جنسي ومقاومة مسرودة بخفة دم".

شخصياتي تخبرني بقصصها

حين أعلنت الجائزة، لم تجد بيرنز كلمات تقولها. وفيما بعد قالت الكاتبة في المؤتمر الصحافي، إن عملها كروائية يتطلب منها الانتظار "كان علي أن أنتظر شخصياتي فحسب لتخبرني بقصصها". وعندما سئلت كيف ملأت الفجوة الطويلة منذ حصولها على جائزة أورانج لعام 2002 عن روايتها "بدون عظام"، قالت إنها قامت بأشياء تجارية وغيرت منازل. وعماذا ستفعل بالمال؟ قالت: "سأسدد ديوني وأعيش على ما تبقى".

وبهذا الفوز تكون المؤلفة البالغة من العمر 56 عامًا أول فائز من أيرلندا الشمالية - فالفائزون الأيرلنديون السابقون، ومنهم جون بانفيل وآن إنرايت ورود دويل، جميعهم كانوا من جمهورية أيرلندا. كما أن الجائزة تجعلها أول امرأة تحقق الفوز منذ عام 2012، حين حصلت هيلاري مانتل على الجائزة بروايتها "أخرجوا الجثث".

لقد تغلبت بيرنز على منافسيها في القائمة القصيرة، بمن فيهم ريتشارد باورز، الكاتب الأميركي البارز، وديزي جونسون، البالغة من العمر 27 عامًا، وهي أصغر مؤلفة على الإطلاق تم اختيارها للمشاركة في الجائزة، والكندي إسي إيودجيان. وفقا لأبيا، فإن المحكمين وهم يختارون من قائمة مختصرة تمحورت حول موضوعات مظلمة، أجمعوا على اختيارهم للفائز – دون التأثر بمخاوف من أن اختيار فائز أميركي ثالث على التوالي قد يثير الجدل.

سطوة المكان في بائع الحليب

  استمدت بيرنز، التي ولدت في بلفاست وتعيش الآن في شرق ساسكس، خبراتها الخاصة من نشأتها في ما وصفته "بالمكان الذي ينتشر فيه العنف وانعدام الثقة والبارانويا". وبينما يواصل بائع الحليب التقدم الذي أحرزه على الأخت الوسطى التي تقاومه بضراوة، تبدأ الشائعات بأنها على علاقة غرامية به.

"لكنني لم أكن على علاقة ببائع الحليب. لم يعجبني بائع الحليب، وكنت خائفة ومرتبكة بسبب سعيه الحثيث لإقامة علاقة معي". وفي موضع آخر، تقول: "أنا لا أعرف من هو بائع الحليب. لم يكن بائع الحليب خاصتنا. لا أعتقد أنه كان أي شخص. لم يأخذ طلبات الحليب. لم يكن هناك حليب حوله. لم يكن يوزع الحليب أبداً".

 يقول أبيا: "هذه المرأة التي تعيش في مجتمع منقسم تتعرض لمضايقات من قبل رجل يهتم بها جنسياً". فهو يستفيد من الانقسامات في المجتمع لاستغلال سلطته، وملاحقتها. وتلعب الطائفية والانقسامات في أيرلندا دوراً هائلاً في الرواية، [لكن] أيرلندا الشمالية ليست المكان الوحيد في العالم الذي يضربه الانقسام... يقول تي. إس إليوت إنه لا يمكن أن تكون عالميًا دون أن تكون خاصًا، وهذا أمر خاص ولكنه عالمي باهر كذلك".

 

القصة التي تحولت إلى رواية

بائع الحليب تتحدث أيضا عن مخاوف اليوم. يقول أبيا: "أعتقد أن هذه الرواية ستساعد الناس على التفكير في حركة  #MeToo ... وهي جديرة بالثناء لأنها تقدم لنا صورة عميقة ودقيقة وأخلاقية وفكرية عما يدور حول #MeToo". ويضيف أبيا الذي انضم إلى لجنة التحكيم مع كاتب الجريمة فال ماكيرميد، والناقد ليو روبسون، والكاتبة النسوية جاكلين روز، والفنانة والروائية المصورة ليان شابتون: إن راوية بيرنز، وهي فتاة تقرأ وهي تمشي، تمتاز بصوت "استثنائي". "فهي بارعة بحسها الجيد، عبر روح الدعابة وعبر قراءتها. كما وصفها أبيا "إنها شخصية أدبية في مجتمع غير أدبي في الواقع".

وقالت بيرنز للغارديان إن فكرة "بائع الحليب" تناولتها في "بضع مئات من الكلمات التي كانت غير ضرورية في رواية كنت أكتبها". حاولت أن أصنع منها قصة قصيرة، ولكنها تحولت إلى رواية.

من كواليس الجائزة

يقول الروائي والمحكم فال مكديرمد: "لقد فازت آنا بيرنز بجدارة بجائزة مان بوكر 2018، وهكذا تعود الحياة إلى طبيعتها بالنسبة للجميع عدا بيرنز. فلا مزيد من الاجتماعات والمداولات، ولا مزيد من قلق المؤلفين".

لقد التقى أعضاء هيئة التحكيم الخمسة للمرة الأخيرة يوم الثلاثاء، للنظر في الكتب الستة المتبقية من بين 171 رواية تقدمت لنيل الجائزة، وكان من الواضح جدا في وقت مبكر من عملية الاختيار أن بعض تلك الكتب الكثيرة لن تحقق فوزا. (كانت هناك رواية واحدة، واحدة فقط، لم تكن لتفوز بالجائزة حتى ولو كانت دون منافس).

وكان الجزء الأصعب بالنسبة للجنة التحكيم هو التعامل مع تلك الروايات التي لاقت إعجابهم بشدة: "الروايات التي سحرنا سردها. وتأثرنا بحبكتها، وجعلتنا نعيد النظر في أفكارنا، في البداية كنا مترددين حول طرح أي عنوان على الطاولة؛ لم نكن نعرف بعضنا البعض بشكل جيد بما يكفي للحكم على أفضل طريقة للتعبير عن عدم حبنا لرواية بعينها".

 وفي غضون اجتماعين أو ثلاثة، كانت اللجنة قد توصلت لطريقة أفضل في العمل معا بفعالية. دون انفعالات مبالغة أو نوبات الغضب، من محكمين يهددون بإلقاء أنفسهم من النوافذ، أو صرخات من قبيل: "على جثتي". أعلم أن ذلك قد يكون مثبطا لأي شخص يقرأه، لكننا لم نحكم بهذا النوع من الانفعال. وإن لم تعوزنا العاطفة والحماس تجاه الأعمال التي أعجبتنا، أو لم تعجبنا. حتى عندما اضطررنا إلى اتخاذ خيارنا النهائي، تزودنا بالقهوة والشوكولاته، وتحدثنا في طريقنا من خلال القائمة المختصرة عن إيجابيات وسلبيات كل رواية. بعد بضع ساعات، أصبح لدينا ثلاثة كتب، وبعد المزيد من الشوكولاتة وساعة أخرى تقريبًا، ظهرت رواية آنا بيرنز الرائعة لتقتنص الجائزة.

على الجانب آخر، ذكرت كلير ارميستيد في مقال آخر أن "بائع الحليب" خيار جريء ولكن من غير المحتمل أن يرضي باعة الكتب، ومنذ أن حصلت النيوزيلندية كيري هولم عام 1985 بروايتها "عظام البشر" لم تقم هيئة التحكيم بإلقاء قنبلة أكبر من تلك. واصفة إياه  بالاختيار المستفز.

 

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.