}

مهرجان "الأصوات الحية" في توليدو: الشعر جسراً للحوار

ميسون شقير ميسون شقير 5 سبتمبر 2017

للعام الخامس على التوالي، تحتفي مدينة طليطلة/ توليدو باستضافتها فعاليات المهرجان الدولي لشعر دول البحر الأبيض المتوسط/ مهرجان الأصوات الحية، في الفترة من الأول حتى الثالث من شهر أيلول/ سبتمبر الجاري، إذ استمر المهرجان لثلاثة أيام متتالية، وإسبانيا هي إحدى الدول الأربع لهذا العام التي احتفت بمهرجان الأصوات الحية، إذ كانت قد احتوته مدينة جنوا في إيطاليا في الفترة ما بين العاشر والحادي عشر من شهر تموز/ يوليو الماضي، ومدينة سيت في فرنسا في الفترة ما بين الواحد والعشرين والتاسع والعشرين من شهر آب/ أغسطس الماضي، وبعد توليدو سوف تحتضنه مدينة رام الله في فلسطين في الفترة ما بين الحادي عشر والرابع عشر من شهر تشرين الأول/ أكتوبر القادم.

 مدينة طليطلة الإسبانية التي تدخلها من خلال خمس بوابات عربية، هي مدينة تحتفي بالملامح العربية فيها، يحطيها النهر الذي أطلق عليه العرب نهر التاج "التاجو" أو "التاخو"، وتشكل بكل ما فيها متحفاً مفتوحاً في الهواء الطلق، لكثرة ما تضمه من آثار ومواقع تاريخية، حتى إنها دخلت سجل "اليونسكو" للتراث الإنساني في عام 1986، وقد زارها في العالم الماضي ما يزيد على خمسين مليون سائح، وهي لم تزل تزدهي بإرثها الحضاري الغني، الذي جعلها تسمى مدينة السلام، بسبب وجود ثلاث حضارات متعايشة فيها لفترة زادت على الأربع مائة سنة. إنها تسمى أيضا "المدينة المحصنة"، وقد ازدهت توليدو هذا العام بالشعر والشعراء من مختلف دول العالم. فشكل الشعر جهة جديدة تطل منها هذه المدينة الساحرة على العالم، وعلى نفسها من جديد.

أربعون شاعراً، تسع لغات

يضم الفريق العالمي للمهرجان: مايتي بالتيس/ مديرة المهرجان، الشاعر صلاح ستيتية من لبنان/ رئيس شرفي، بالإضافة إلى الشعراء المؤسسين الأوائل للمهرجان وهم: الشاعر صافو/ فرنسا – المغرب، الشاعرة موني بينبغا/ إسبانيا، الشاعر محمد بينيس/ المغرب، كاسيميرو دي بريتو/ البرتغال، الشاعر صالح دياب/ سورية، كاترين فرحي/ مصر، أوزديمير أنسي تركيا/ أنتونيو خوكي/ فرنسا، فينوس خوري غاتا/ لبنان، خوليا ميثيفيك/ البوسنة، الشاعر أمجد ناصر/ الأردن، بيير أوستير/ فرنسا، كلاوديو بازني/ إيطاليا، فيكتور نويث/ كوبا، أنتونيو سيمون/ فرنسا، فرانك سيميث/ فرنسا، إيسيف بنتورا/ اليونان، والشاعر غسان زقطان/ فلسطين.

 هذا العام، وفي هذه المدينة الشاعرة، ما يزيد على الأربعين شاعراً قدموا قصائدهم بتسع لغات مختلفة، ضمن ما يزيد عن ثلاثين فعالية، إذ شارك في الدورة الخامسة في مدينة توليدو كل من: الشاعرة ميموتا أميتي/ ألبانيا، الشاعرة كريستينا مورانو/ الشاعرة ديبرا فوكوثيك/ الشاعر فاني روبيو/ الشاعر إيفان بيريث/ الشاعر خافير خيم/ الشاعر خافير منثانو/ الشاعر خيسوس أورثيلو/ الشاعر خوردي بيارونخي/ الشاعر جوسيب بوركار/ الشاعر خوان فيثنتي/ الشاعرة كيبا موروا/ الشاعرة ليري بلباو/ الشاعرة ماريا أنخيليس مايسو/ الشاعر ميغيل أنخا كوريلي/ الشاعر ميكغيل بريكوفيك/ الشاعرة ميرين ميابي/ الشاعر بيدرو بروفينثيو/ الشاعرة سارا ثاباتا/ الشاعرة تيريسا راسكوال/ (إسبانيا) الشاعرة بريجيت باوميي/ الشاعر جيان بونسيت/ الشاعر ميتشيل توين/ الشاعرة نات يوت/ الشاعر سيرفيستلي غلانسير (فرنسا)،  الشاعرة كارينا بانسيلتي/ أنسيلمو البرتغال، الشاعر سيباستيان فلوريلي/ الأرجنتين، الشاعر كاريوس بيالوبس/ كوستاريكا، والشاعر رودولفو آسلر/ كوبا.

ومن بين الشعراء المشاركين عشرة شعراء عرب، هم الكاتب والمترجم المقيم في إسبانيا محسن الرملي من العراق، وهو من اللجنة المنظمة للمهرجان، والشاعرة السورية القادمة من باريس هالة محمد، الشاعر اللبناني عبده وازن، الشاعرة السورية المقيمة حاليا في إسبانيا ميسون شقير، الشاعر المصري محمد أبو زايد، الشاعر السوري المقيم في إسبانيا محمد عثمان، الشاعر العراقي كاظم جهاد من العراق، الشاعر أيمن حسن من تونس، الشاعر بشير شلش من فلسطين، الشاعر حميد طبوشي من الجزائر.



مقتطفات عربية



هنا مقتطفات لبعض الشعراء العرب الذين شاركوا:

هالة العبدالله، سورية

لم تترك الحرب بيتا لأحد

حتى البيوت لم يعد لها بيت

ولم يترك النابالم حيا أو طريقا

والطريق لم تجد طريقا تسير عليه

النابالم لم يترك طفلا

أو دمية

من سيروي الحكاية؟

 

محسن الرملي، العراق  

أنا وأمي أصدقاء

لأني أحب إخوتي والدجاجات

أنا صديق إخوتي

وأخو أصدقائي

لكني وحيد.

لأني الوحيد الذي

بلا أعداء

فكوني عدوتي أيتها الجميلة

كي أنافس غيري عليك

 

محمد عثمان، سورية

أنا لم أقطع عنك ذاتي

لكني مذ رحلت

لا أجد نفسي

معي

 

عمري جسد

مغطى بجريدة

داسته امرأة مسرعة

وهربت.

 

محمد أبو زايد، مصر

كلما نظرت إلى نفسي

في المرآة

أكتشف أن أبي يزداد كهولة

وأتذكر صور الموتى الذين أحبهم

جدي، جدتي

وصورة لرجل غريب

شاركت في جنازته

ربما

يكون أنا.

 

ميسون شقير، سورية

في مهرجان الأصوات الحية لدول البحر الأبيض المتوسط

أصوات الغرقى السوريين في هذا البحر

تملأ صوتي بالملح

 

يا زهر اللوز

يا أيها المباغت والقصير

خفف اشتعالك قليلا

فحبيبي

تحت التراب.




وبحسب ما صرحت به مديرة المهرجان مايتي بالتيس بييد، لـ"ضفة ثالثة"، فقد تميز هذا المهرجان بدقة التنظيم، بدءاً من رسائل الدعوات التي وجهت إلى الشعراء، حتى ليلة الاختتام التي شهدت أمسيات شعرية متعددة في كل من ساحة البلدية التي تقابل الكاتدرائية العظمى في توليدو، وساحة سلفادور القريبة من مسجد المردوم العربي و"ثيغرّال دل أنخل" (بيت الملاك)، الذي يعد تحفة معمارية على ربوة تطل على نهر تاخو، كما أضافت أن الشعر هو روح الثقافة التي يراهن عليها في حماية البشرية، وأن بناء الجسور الثقافية العميقة وإحياءها، هو أهم ما يمكن أن نقوم به لكي نواجه التطرف والعنف والاستبداد، وكي نواجه أي فكر استعماري وعنصري جاهل بالحياة وحقيقتها. لتنهي حوارها بقولها: "إني فخورة جدا بكل الذين شاركوا في المهرجان منذ بداياته، وبأهل توليدو الداعمين والمضيافين جدا، وفخورة بالإنسان أينما وجد، الإنسان الذي لم يتخرب بعد".

بالإضافة إلى الشعر

 ولأجل إحياء الروح الإبداعية والشعرية، وإحياء الجسور الثقافية التي تربط كل دول المتوسط،  نظمت إدارة المهرجان معرضاً للكتاب في ساحة البلدية "بلازا دل أيونتامينتو"، المجاورة لكاتدرائية طليطلة. وتميز هذا المعرض لهذا العام باحتوائه كتباً بلغات عدة، بالإضافة إلى الكثير من الكتب باللغة الأجنبية، وقد عرض بعض الشعراء المشاركين كتبهم، وخاصة المترجمة منها، كما أقيم احتفال خاص في اليوم الأخير في هذه الساحة، وأمام معرض الكتاب، وعلى شرفة مطلة على أجمل كاتدرائيات العالم. وتضمن الاحتفال قصيدة لكل شاعر ضيف مشارك، ألقاها بلغته الأم، وأعاد ألقائها مترجمون باللغة الإسبانية، وقد تميزت هذه الاحتفالية بعدد كبير من الجمهور وبجو من الألفة العارمة.

 

 عروض موسيقية متوسطية

كما تضمن مهرجان طليطلة الشعري هذا، في دورته الخامسة، عروضاً موسيقية للموسيقى التقليدية لبعض دول البحر الأبيض المتوسط، وهي عروض موسيقية تشمل الإيقاعات العربية ذات الأصول الصوفية، بالإضافة إلى إيقاعات تركية ويونانية وإسبانية أصيلة، وخاصة إيقاعات غناء الفلامنكو الفردي الموجع، إذ قدمت هذه الإيقاعات على عدد من الآلات الموسيقية القديمة منها والحديثة. وقد حضر العود العربي بكل أصالته، ولاقى كعادته حضورا حقيقيا مميزا، وقد قدم هذه الإيقاعات ثنائي متناغم تضمن المغنية إيزابيل مارتين، والعازف كارلوس رامييث، وهما إسبانيان تعود جذورهما إلى مدينة توليدو نفسها.

وفي حوارنا مع عضو اللجنة الوطنية المنظمة للمهرجان، الشاعر والروائي محسن الرملي، قال: "لقد ضم مهرجان طليطلة في دورته الخامسة عدة فعاليات من الشعر والموسيقى والمسرح ومعرض للكتاب، بمشاركة ما يزيد على أربعين شاعراً، وعدد من الموسيقيين والمسرحيين، وفي السنوات الماضية لم تتم دعوة أي شاعر من إسرائيل، لكن هذا السنة حرص المهرجان على دعوة شاعر يمثل التيار المعادي للصهيونية ويقف مع القضية الفلسطينية وحق الفلسطينيين في بلادهم، هو الشاعر رومي سوميك، كما ضم المهرجان عشرة أصوات شعرية عربية من دول مختلفة، وتعتبر مشاركة جيدة جدا تبعا لعدد الشعراء المشاركين، وقد تميزت مشاركاتهم بلغة شعرية كثيفة، وبقصائد تصل إلى عمق الوجع الذي تعانيه بلادنا، وقد نقلوه كسفراء حقيقيين.

إن أهل توليدو المشرفين على بلديتها يعتبرون المهرجان إضافة جديدة لروح المدينة الطاعن بالعراقة، لذا فهم يدعمون المهرجان من خلال ميزانية جيدة تقدمها بلدية توليدو تزيد عن الخمسة والعشرين ألف يورو، ومن خلال متطوعين من الشباب والشابات وطلاب المدارس والجامعات الذين ساعدوا كثيرا في إنجاحه والأهالي الذين قدموا باحات بيوتهم الأثرية التي تحمل في كل زواياها طعم البيوت الدمشقية، لكي يتم فيها تقديم بعض فعاليات المهرجان المتعددة". 

 

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.