}
عروض

في ذكرى رحيل رضوى عاشور.. توقيع كتاب مقالاتها بعمّان

عمر شبانة

24 أكتوبر 2019
أمسية شعريّة حافلة سبقت توقيع كتاب للناقدة والروائية الراحلة رضوى عاشور، والذي وقّعه كل من الشاعرين مريد البرغوثي وتميم البرغوثي، وقد حظيت بقدر كبير من الاحتفاء، فكان الحدث الثقافيّ جزءاً مما تستحقّه الغائبة الحاضرة، لما حقّقت في مسيرتها الثقافية من إنجازات إبداعية، نقدية وروائية وقصصية وفاعليّات ثقافية ونضالية.

هذا الحدث الثقافيّ شهدته العاصمة الأردنية عمّان، في قصر الثقافة، بحضور زاد عن ألف وخمسمائة شخص، غلب عليه "جمهور الشاعر النجم" تميم قبل أي شيء.

الراحلة عاشور (1946- 2014)، وفضلاً عمّا صدر لها من كتب في حياتها، تركت عدداً كبيراً من المقالات ضمَّها هذا الكتاب "لكلّ المقهورين أجنحة: الأستاذة تتكلّم" (دار الشروق- القاهرة، 320 صفحة قطع كبير)، وهو يتضمّن مقالات في اتّجاهات عدة، بعضُها كُتب في مناسبات ومؤتمرات ثقافية وأدبية، والبعض في تناول قضايا وتجارب أدبية عربية وعالمية، وقد نشرت في الصحافة العربية، وتَمهرها جميعاً روح رضوى عاشور الكفاحية والنضالية التي عُرفت بها. وهي مقالات رصينة رغم أن الكثير منها كان يعتبر آنيّاً في حينه.
عنوان الكتاب "لكلّ المقهورين أجنحة"، وهو يستعير حكاية "لكلّ أبناء الربّ أجنحة"، الحكاية المعروفة في التراث الشعبي الأفريقي- الأميركي، هو كتاب يستكمل أحد الجوانب الثقافية في حياة الراحلة عاشور، وذلك في اشتباكها مع النظريات النقدية ومع النقد التطبيقيّ. كما ينطوي الكتاب على صور من مساءلتها لتجربتها الروائية، وإعادة تعريفها لفن الرواية والتاريخ. ويحتوي الكتاب أيضاً على ما يحيل إلى صورة رضوى الأكاديمية المُعارِضة بقوة وشجاعة ضد الأوضاع الضاغطة في الجامعات المصرية، وتصديها المبكر لممارسات سياسية وأكاديمية واجتماعية ناضلت لتصويبها.
في الكتاب بوحُ رضوى عن بواعثها للكتابة، وعلاقتها باللغة العربية تراثاً وجمالاً، فضلاً عن مقاومتها التطبيع مع الصهيونية قبل أن يلتفت أحد إلى هذا الأمر. وفي التقديم للكتاب نقرأ ما يعيدُنا إلى إنسانية هذه المرأة المبدعة في أدقّ تفاصيل حياتها ومساهمتها الثقافية، وآرائها الموزّعة في مجالات الثقافة والحياة، ويلفتنا قول رفيق حياتها الشاعر مريد البرغوثي حول شخصيّتها، حيث يقول إن "ابتسامتها رأي، وموضع خطوتها رأي، وعناد قلبها رأي، وعزلتها عن ثقافة السوق رأي. رضوى جمال رأيها، ورأيها جمال". 
كتاب رضوى "كوكتيل" من عوالمها المتعددة. ستة أبواب تنطوي على جوانب من عطاءاتها، بعضها في اللغة والأدب، والبعض مخصص لفلسطين، وثمة باب للحديث عن "الجامعة والثورة"، وباب آخر بعنوان "عن الرفاق"، وباب للحديث عن الجوائز وقبولها، وباب للمقالات التي كتبتها بالإنكليزية. ففي باب الرفاق مثلا أحاديث عن إدوارد سعيد ولطيفة الزيّات ونصر حامد أبو زيد وعبد العظيم أنيس ومحمود أمين العالم، وعن إحسان عبّاس ابن قرية عين غزال، ومقابلة مع فنان الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي وغيرهم.

ومن تأمّلاتها في الرواية ونشأتها العالمية والعربية، وعوامل هذه النشأة، وأبرز المؤسسين، إلى بحثها المعمّق في العلاقة بين إدوارد سعيد وكتابات فرانز فانون وخصوصاً كتاب فانون "المعذّبون في الأرض"، علاقة تشكّلت أساساً من خلال الباكستاني إقبال أحمد الذي يعتبر سعيد أن حياته كانت "شِعراً وملحمة، مليئة بالطواف واجتياز الحدود والعبور إلى حركات التحرر، حركات المقهورين والمضطهَدين.. في فيتنام والعراق".
ومن بين عناوين وقضايا كثيرة، تبرز حميمية رضوى في أحد المقالات، حين تتناول علاقتها التاريخية بالقضية الفلسطينية، القضية التي تقول إنها بدأت الانشغال بها منذ طفولتها المبكرة، وتتوقف خصوصاً لتتناول هذه المسألة من خلال روايتها الشهيرة "الطنطورية"، وذلك في مناسبة توقيعها لها، فتتحدث عن الرواية بعدد من الملاحظات، ومنها أن شخصيات الرواية وهي بالعشرات "كلّها متخيّلة.. جاءتني كالعفاريت، لكنّها عفاريت غريبة.. مجبولة بطين التاريخ والجغرافيا والوقائع". وتضيف أنها تتصدى للتاريخ على طريقة الروائيين حيث الوقائع تتحول بقدرة قادر إلى روح أو إيقاع أو حياة. وأنها تريد للحكاية أن تصبح ذاكرة ووعياً وحسّاً وخبرة، وأن "تصبح الطنطورة أليفة كأننا أمضينا طفولتنا على شاطئ بحرها وأكلنا من صبّارها ولوزها الأخضر... إلخ".      

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.