}

صور أيقونية.. تظاهرة يافا بتوثيق بصري

هاني حوراني هاني حوراني 7 يناير 2020
فوتوغراف صور أيقونية.. تظاهرة يافا بتوثيق بصري
تظاهرة يافا (27/10/1933/ مكتب الصحافة والنشر في يافا)
على النقيض من تظاهرة القدس يوم 13 تشرين الأول/ أكتوبر 1933، التي حظيت بصورة فوتوغرافية يتيمة، رغم كونها الشرارة التي أطلقت سلسلة تظاهرات وإضرابات في المدن الفلسطينية الأخرى، فإن تظاهرة يافا يوم السابع والعشرين من الشهر نفسه، حظيت بتوثيق بصري أفضل، وبما لا يقاس، إذ وثقتها مجموعة كبيرة من الصور الفوتوغرافية، وفي أماكن مختلفة، حتى أن "مكتب الصحافة والنشر" في يافا أصدر ألبوم صور لتظاهرات القدس ويافا، لكن غالبيتها كانت توثق وقائع التظاهرة اليافاوية، وما سبقها وما تلاها من أحداث درامية ودامية (أنظر غلاف الألبوم المصور وتفاصيل أكثر عنه في خاتمة المقالة).


وقائع التظاهرة
جرت تظاهرة يافا يوم الجمعة المصادف 27 تشرين الأول/ أكتوبر 1933، بقرار من اللجنة التنفيذية العربية، وأوكلت مهمة وضع خط سير التظاهرة والترتيبات اللوجستية الخاصة بها إلى الجمعية الإسلامية المسيحية في المدينة، وقد انطلقت التظاهرة بعد صلاة الجمعة من الجامع الكبير للمدينة. وتصدر التظاهرة رئيس وأعضاء اللجنة التنفيذية العربية، وقادة الجمعية الإسلامية المسيحية، وشاركت فيها وفود عديدة، جاءت للمدينة من أنحاء فلسطين، بل ومن شرقي الأردن ودمشق.
كانت قوات البوليس البريطاني قد أقامت حواجز حديدية ضخمة في الساحة الرئيسية ليافا والشوارع المفضية إليها، بناء على أوامر حكومة الانتداب التي حظرت التظاهرة، ورفضت السماح بتنظيمها، شأنها في ذلك شأن تظاهرة القدس في وقت سابق من الشهر نفسه. كما حشدت أعداداً كبيرة من أفراد الشرطة والخيالة، مسلحين بالتروس المعدنية والهراوات، كما

أحاطت العديد من الشوارع والأرصفة بالأسلاك الشائكة للحيلولة دون مرور المتظاهرين.
على أن كل هذه الاستعدادات لم تفلح في منع تقدم المظاهرة، وهكذا اضطرت قوات الشرطة إلى الارتداد إلى الخلف، أمام تقدم المتظاهرين نحو ساحة المدينة، حيث احتمى أفراد هذه القوات خلف جدران مركز الشرطة، ثم قاموا بإطلاق النار على المتظاهرين، ما أوقع عشرات القتلى والجرحى في صفوفهم.
وثقت عدسات الكاميرا تظاهرة يافا بصور تفصيلية ومؤثرة، وتظهر أحدها لحظة الاشتباك بين المتظاهرين وخيالة الشرطة البريطانية في الساحة العامة للمدينة، حيث اصطدم الفريقان في مواجهات مباشرة. وتظهر صورة أخرى خيالة البوليس البريطاني وهو ينهال بالضرب على موسى كاظم الحسيني فيما يحاول رفاقه حمايته من هراواتهم، والمعروف أنه أصيب خلال هذه التظاهرة بإصابات بليغة، تركت أثرها على صحته، حيث فارق الحياة بعدها بأشهر.
هذا ويحتفظ متحف الحرب الإمبراطوري البريطاني بمجموعة كبيرة من الصور التي وثقت استعدادات البوليس البريطاني لمواجهة التظاهرة المرتقبة، حيث قام بإغلاق الشوارع والأرصفة بالأسلاك الشائكة، وحال دون مرور المواطنين، كما تظهر الصور أفراد الشرطة وهم يشكلون حواجز بشرية تغلق الطريق على المتظاهرين، حاملين بأيديهم الهراوات والتروس المعدنية.
وتوثق صور أخرى مقربة وقوع ضحايا مدنيين أثناء قمع الشرطة للمتظاهرين، فيما تغطي الحجارة والعصي التي استخدمها المتظاهرون في الدفاع عن أنفسهم أرضيات الشوارع والأرصفة. ومن ناحية ثانية تظهر الصور المحفوظة لدى مكتبة الكونغرس الأميركي ضخامة حجم المتظاهرين الذين احتشدوا في ساحة يافا الرئيسية والشوارع المتفرغة عنه، وبالمثل كثرة أعداد أفراد قوة البوليس التي حشدت لقمع المتظاهرين.
شارك في تظاهرة يافا خمسون ألفاً، وقد أثارت، جراء القمع الذي تعرضت له وضخامة عدد الشهداء والجرحى الذي سقطوا في أثنائها، وكذلك اعتقال عدد من أعضاء اللجنة التنفيذية، ردود فعل ساخطة، إذ أدت إلى تجديد الإضرابات والتظاهرات في القدس ومختلف المدن الفلسطينية. ولم تتوقف هذه إلا بعد صدور نداء من اللجنة التنفيذية، يوم 3 تشرين الثاني/ نوفمبر 1933، إلى المواطنين للتوقف عن الإضراب والتظاهر حتى إشعار آخر.


ألبوم نادر عن تظاهرات فلسطين عام 1933
غلاف ألبوم صور المظاهرات في المدن الفلسطينية عام 1933
وفي إصدار نادر للصحافة الفلسطينية في ذلك الوقت، نشر "مكتب الصحافة والنشر" في يافا، لصاحبه ثيودور صروف، عام 1933، ألبوم صور عن تظاهرات فلسطين لعام 1933، تحت عنوان "مجموعة صور المظاهرات وضحاياها في جميع مدن فلسطين عام 1933". كما حمل غلاف الألبوم العنوان التالي بالإنكليزية:
3Photographs of the demonstration which took place in Palestine 193
يعد الألبوم الذي عرض في مزاد علني نظمته مؤسسة كرستيز ((CHRISTIE’S للمزادات مؤخراً من المطبوعات العربية الفلسطينية النادرة التي تتعامل مع الصور الفوتوغرافية، كوسيط إعلامي في التعريف بالثورات والاحتجاجات الفلسطينية، وما تتعرض له من قمع على يد القوات البريطانية.
وقد تضمن الألبوم نسخاً زنكوغرافية عن صور تظاهرات جرت في يافا والمدن الفلسطينية الأخرى، مقرونة بشروح للصور باللغتين العربية والإنكليزية، وتاريخها ومكانها، كما ضم الألبوم صور رئيس وأعضاء اللجنة التنفيذية لمؤتمر الشباب الذي قامت حكومة الانتداب باعتقالهم إثر المظاهرات، وهم:
1- جمال أفندي الحسني، سكرتير اللجنة التنفيذية العربية، القدس.
2- صليبا أفندي عريضة، يافا.
3- سعيد أفندي الخليل، يافا.
4- يعقوب بك الغصيني، رئيس لجنة مؤتمر الشباب، وادي حنين.
5- محمد على أفندي الحسيني، الرملة.
6- عبد الغني أبو سنان، جنين.
7- إدمون أفندي روك، يافا.
8- سليم بك عبد الرحمن، طولكرم.
9- نمر أفندي المصري، اللد.


*مصور، رسام وباحث في الفنون البصرية.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.