سؤال لا تجيب عليه الصور، بقدر ما تطرحه أمامنا أكثر وأكثر، فنشاهد حضور ياسر عرفات في الصور مع حضور السلاح والبحر، كرموز لها دلالاتها في قاموس الوجود الفلسطيني، فعندما غادر ياسر عرفات وبعض قيادات منظمة التحرير الفلسطينية في 30 آب/ أغسطس 1982 على متن الباخرة (أتلانتيس) إلى اليونان، لم يحاول فؤاد الخوري، المصور الوحيد الذي رافق الرحلة، أن يوثق هذا الحدث بقدر ما سعى إلى محاولة استيعاب هذه اللحظات المشحونة (رموز فلسطين في عرض البحر).
ففي صورة بعنوان (عرفات من الخلف عام 1982)، يظهر ياسر عرفات متأملا ينظر إلى
صورة أخرى بعنوان (لا تنسى سلاحك)، تظهر فيها امرأة تحمل السلاح بيد والسيجارة بيد أخرى، وتعطي السلاح لرجل لا يظهر منه غير يده، توضح هذه الصورة حضور المرأة في زمن الثورة وحضور السلاح كرمز في تلك المرحلة. لا يمكن أن تنسى الصورة هذه الرموز، إنها تضعها أمامنا وتعيد صياغة السؤال: لماذا تتكرر هذه الرموز وهل هناك رموز أخرى كانت موجودة ولم ننتبه لها؟، ربما تأتي السيجارة كومضة بسيطة لما هو هامشي وهام في الوقت نفسه فهي دلالة على التحرر في ذلك الوقت وعلى القوة التي كانت داخل المرأة.
وفي صورة بعنوان (فستان العرس) عام 1995، في حي الشجاعية في غزة، هناك حضور للأشياء الحميمة والفرحة التي ظلت شاهدة على الحب والبقاء في زمن الحرب. الفستان الذي بقي معلقا بالرغم من الدمار، أصبح رمزا للوجود الفلسطيني. ان هذه الرموز الجديدة هي نتائج ما آلت اليه الظروف السياسية والاجتماعية وجاءت الصورة لتلتقط ذلك بفنية وصدق.
كان حضور الطبيعة أيضا يحفز السؤال عن غيابها في الصور التي تنقل المكان الفلسطيني، فيأتي جمال المكان في صور قليلة لينقل لنا جمال فلسطين الغائب حتى في الاعلام.
ويحضر البحر أيضا كمكان له رمزيته، ولكنه في إحدى الصور ينقل لحظة تفاجئنا للوهلة الأولى أنها عادية، لرجلين يقفان على طرف سفينة في عرض البحر، ويتحدثان. الصورة
وكما تقول إيتيل عدنان في نص لها مرفق مع تجهيز بعنوان "أجمل يوم": (ومع الوقت يصبح لكل صورة وجود خاص بها. تبدأ حياتها عندما يلاحظها الناس، ثم تبدأ الإجابة عن ادعاءات موجهة إليها، ثم تمضي في النهاية في رحلة بين المطبوعات والمعارض. حيثما تذهب الصورة تروي حكاية، وربما تكمن قوتها هنا، فتحت سطحها الأول والأكثر وضوحا، تحمل الصورة غالبا صورا أخرى أكثر سرية...).