}

مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي: المسرح المُثير

وائل سعيد 7 أبريل 2019
مسرح مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي: المسرح المُثير
يوجينو باربا
من جديد يُعاود مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعالياته السنوية بإطلاق الدورة الرابعة بمدينة شرم الشيخ السياحية بمصر. وكما ذكرنا سابقًا تحمل هذه الدورة اسم الفنان الكبير جورج سيدهم تكريما له على عطائه الطويل عبر مشواره الفني.
واحتشدت في حفل افتتاحها كوكبة من المسرحيين العرب والأجانب، وكثير من الفنانين؛ محي إسماعيل، وأحمد عبدالعزيز، وجمال عبدالناصر، ومحمود الحديني، وسميرة عبدالعزيز، وعديد من الشخصيات المكرمة، الفنان العالمي يوجينو باربا، والممثل مصطفي شعبان، بالإضافة إلى سيدة المسرح العربي، الفنانة سميحة أيوب، والرئيس الشرفي للمهرجان، الفنان محمد صبحي.
تنوعت الجهات الراعية للمهرجان بين الوزارات الحكومية وبعض المؤسسات الثقافية، فمن وزارة الثقافة شاركت هيئتا الكتاب وقصور الثقافة والمجلس الأعلى للثقافة والهيئة الدولية للمسرح، بالإضافة الي مشاركة وزارتي الشباب والرياضة ووزارة السياحة، ومحافظة جنوب سيناء المستضيفة للمهرجان، وذلك بالاشتراك مع بعض الفنادق والشركات السياحية.
وهذه الدورة تستضيف ما يقارب 69 شخصية مسرحية مصرية وعربية وعالمية، أما في إطار محاور المسابقات فهناك 14 عرضًا مسرحيًّا، فضلا عن المشاركة الشرفية لعرض "سأموت في المنفى" من الأردن من إخراج غنام غنام. وقد تكونت لجان المشاهدة ولجان التحكيم من العديد من الأسماء المسرحية عربيا وأجنبيا.

يوجينو باربا: المسرح فن بذر
الأسود وحصد الفراشات
كانت مشاركة المسرحي الإيطالي يوجينو باربا من أميز وأهم المشاركات في هذه الدورة للمهرجان، ولذا خُصص له الملتقى الفكري الخاص للشخصية الدولية، للحديث عن تجربته المسرحية الطويلة وبدايات تكوين مسرح "الأوديون" وما آل إليه وكواليس مختبر هذا المسرح.
ويعد باربا صاحب المدرسة الدولية لأنثروبولوجيا المسرح، مُنح العديد من شهادات الدكتوراه

الفخرية من جامعات بولندا وكوبا وإنكلترا، كما حصد الكثير من الجوائز من بلدان مختلفة كجائزة الأوسكار الدانماركية، وجائزة أكاديمية الفنون المسرحية في هونغ كونغ، وجائزة بيرانديللو، وجائزة سنينغ من جامعة كوبنهاغن، بالإضافة إلى جائزة النقاد من المكسيك.
وينتمي باربا لعائلة برجوازية، تضم محامين وأطباء وجنرالات أيضاً؛ وكان من المخطط له أن يسلك الجانب العسكري ليكون ضابطًا مثل أسلافه، فالتحق بالمدرسة العسكرية للدراسة، ثم عمل ميكانيكيا بإحدى الورش بمدينة أوسلو بالنرويج، حتى بدأ رحلته المسرحية في أربعينيات القرن الماضي وقد جذبه المسرح الشرقي بطقوسه المتنوعة، بمصاحبة صديقه المخرج البولندي غروتوفسكي مؤسس المسرح الفقير.
يقول باربا: "اكتشفت أن لدينا الكثير من الموضوعات المشتركة".
وعرفت عنه أنه درس التمثيل في مدرسة المسرح لأربع سنوات، وحين أدرك أنه ممثل فاشل، بدأ من جديد في دراسة الإخراج لأربع سنوات مماثلة، وكان غروتوفسكي مثل بعض الشباب الشيوعيين في ذلك الوقت؛ يلجأ إلى اختيار نصوص طليعية وغريبة وغير معتادة لإخراجها على خشبة المسرح، وكان التوجه العام هو الاتفاق علي استحالة تمثيل هذه النصوص بالطرق التقليدية، ما أدى إلى مشكلات عديدة ومستمرة مع الرقابة غالبا بسبب عزوف الجمهور عن تلك النصوص.
وفقا لتصريح رئيس المهرجان "بدأ التنسيق لاستضافة باربا منذ العام الماضي، وكان ذلك أحد أحلامنا وأحد الأهداف التي سعينا إليها من سنوات، وقد شكلت مساعدة الفنانة نورا أمين، المنسق العام للمهرجان، في إدارة هذا الملف تحديدا، وأعتبر وجود اسم باربا في هذه الدورة ضمن المشاركين بمثابة إضافة كبيرة لقيمة المهرجان فنيا وعلميا وأكاديميا ودوليا أيضا".
قبل أن يبدأ باربا حديثه أصر على تغيير الترتيب المعتاد للقاعة؛ وكأن الحضور على موعد لخوض رحلة مختلفة معه تبدأ بالتعامل مع فضاء المكان، حيث أُعيد ترتيب الكراسي لصنع

دائرة كبيرة بدلا من الشكل المعتاد في صفوف.
تحدث باربا عن المسرح قائلا: هو جزيرة عائمة، بوصفه جزيرة حرية، كقلعة مليئة بالأوكسجين، كمركب تُجدف ضد التيار ومع ذلك تظل في موقعها كما لو كانت ضفة ثالثة للنهر، إن المسرح مثل بيت له بابان؛ أحدهما يجعلك تدلف إلى تراثك والآخر يمكنك من الهروب منه..
ويحكى باربا عن المُزارع الذي قرر أن يُبذر حقله بالأسود بدلاً من الحبوب، وكلما انتظر وقت الحصاد لم يجد سوى الفراشات تملأ المكان، ما أثار سخرية الجيران وضحكهم على جنونه الذي تعودوا عليه في النهاية.
و"عندما توفي الفلاح، ورث ابنه الحقل، وبذر هو أيضاً أُسوداً. فضحك الجيران مجددا: "من يظن نفسه!" وتحول الضحك إلى تهكم عندما ظهر الحصاد فراشات.
وهنا أدرك الابن أن الوقت قد حان للتوقف. وبدأ في زراعة الحبوب. فنظر إليه جيرانه بسخرية. هزوا رؤوسهم بينما نطقوا بحكمهم: "أبوه كان رجلا! لقد كان يبذر أسودا". المسرح هو فن بذر الأسود لحصد الفراشات".
واختتم باربا لقاءه بأن أعلن اعتزاله قائلا: الآن، ليس أمامي سوى الاعتزال ولتستمر جوليا، زوجته، في إدارة مختبر المسرح. آن لي أن أتحرر من وطأة الأعمال الإدارية أو الاتصالات المتشعبة والكثيرة، لأتفرغ إلى الشيء الوحيد الهام بالنسبة لي حاليا؛ وهو العمل على طاقة الإنسان غير المحدودة.

الثقافة الفرنسية بطعم الشمبانيا
تحل دولة فرنسا ضيفا على الدورة الحالية من المهرجان، ولهذا فقد خصصت إدارة المهرجان أحد المحاور عن المسرح الفرنسي المعاصر مع استضافة الفنانة كاترين مارناس، التي تحدثت حول ملامح المسرح الفرنسي قديما وحديثا.
تعمل كاترين مارناس أستاذة للأدب الحديث في سيميولوجيا المسرح، وفي الإخراج والتمثيل والإنتاج وتكوين وإعداد الممثل. وهي الشريك الثاني في تأسيس مجموعة "مارناس" عام 1986، كما تشغل منصب مدير المدرسة العليا للمسرح بفرنسا منذ العام 2014 وحتى وقتنا الراهن.
أشارت مارناس في بداية مداخلتها إلى أنها كانت ترغب في الحديث عن المسرح الفرنسي بشكل بانورامي شامل، لكن ذلك قد يستغرق ساعات طويلة، ومن ثم فضلت تناول بعض الاتجاهات المختلفة في المسرح الحديث عقب الحرب العراقية، ومن خلال تجربتها الطويلة وطدت علاقات كثيرة على المستوى الدولي، وقامت بإخراج العديد من العروض المسرحية خارج فرنسا، كما قامت بتدريس المسرح في عدة بلدان كالمكسيك واليابان وغيرهما، الأمر الذي أتاح لها الاطلاع والاحتكاك بثقافات متعددة ومختلفة ومتغيرة بالطبع طوال الوقت.
وجدت مارناس أن بعض هذه البلدان التي قامت بزيارتها تنظر إلى الثقافة الفرنسية باعتبارها ثقافة ثرية ومُرفهة في نفس الوقت، وأن الفرنسيين لهم الحق في هذه الثقافة، وقد اندهشت حقا لهذه النظرة التي تعتبر الثقافة الفرنسية بالنسبة للفرنسيين مثل الشمبانيا، وأنه يمكنك تذوق الطعم في المسرح كما تشرب الشمبانيا! ولم يكن الأمر بالنسبة للمسرح الفرنسي على هذا النحو؛ فقد مر بالكثير من الصعوبات والأوضاع المتردية إلى أن تم تطبيق اللامركزية وكان ذلك في فترة

من أحلك الفترات على مدار تاريخ فرنسا بأكمله.
حدث ذلك عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية وما حل بفرنسا من هزيمة في نهاية الحرب، وبدأت بمجاميع صغيرة ما لبثت أن توسعت وتضاعفت أعدادها الذين لم يرضخوا للهزيمة، وسميت هذه الفترة بفترة المقاومة.
ومثل أي فعل مقاومة انطوت تلك المقاومة على ضروب من التعددية والاختلاف أفضت إلى تنوع وشتات في تلك المجاميع المتفرقة؛ وظهرت في الأفق إشكالية ملحة في إيجاد وسيلة لتوحيد تلك القوى المتناثرة.
من هنا بدأ العمل على انشاء كيان تجميعي يعمل بمنهج توافقي بين هذه التيارات وهو "المجلس القومي للمقاومة". تقول مارناس إنه تحت قبة هذا المجلس سوف تجتمع لأول مرة مجموعات من التيارات المختلفة والآراء أو المواقف السياسية المتعارضة، وسيكون هناك اتصال توافقي فيما بينها.

المهرجان في سطور
رئيس المهرجان مازن الغرباوي:
أحلم في الدورات القادمة أن يُصبح مهرجان شرم الشيخ مهرجانا نموذجيا مثل مهرجان "أفينيون" بفرنسا، ذلك المهرجان الذي يجذب سنويا مئات الآلاف من الزوار لحضور عروض المسرح وعروض الرقص والأفلام ومشاهدة العروض التي تقام في الشوارع؛ خاصة وأن مدينة شرم الشيخ تتسع لهذا الشكل الكرنفالي الذي يكون عليه شكل المهرجان. ونطمح لتنفيذ ذلك مستقبليا بتطوير الآليات والعروض من أجل مسرح في كل مكان، في كل الشوارع والممرات وفي الحدائق وعلى الشواطئ أيضا.

المدير التنفيذي د. إنجي البستاوي:
أصبح لدينا فريق كبير جدا من الشباب، فكل لجنة يندرج تحتها عدد من الأسماء الشابة، لكل منهم طموحه الذي سيمكنهم بعد عام أو عامين من قيادة كيان بمفرده.
إن المهرجان يعتمد بشكل رئيسي على مجموعة من الشباب يروقهم العمل فيه فضلا عن مجموعة من المتطوعين، ما سهل الكثير من الأمور في مواجهة التحديات على أرض الواقع.

المنسق العام نورا أمين:
إذا نظرت إلى عنوان مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فسيكون أول ما يجذب انتباهي هو كلمة "الشبابي"، تليها كلمة "للمسرح". فمصر، التي يُعد حوالي ثلثي سكانها من الشباب، هي بلد شاب وفتي، ومع ذلك نجد أن المواقع القيادية تذهب في الغالب لكبار السن. وبينما يمكنني فهم ذلك بسبب عنصر الخبرة التي تستلزم عمرا لإنجازها، إلا أنني أتصور أنه في هذا العصر أصبح من الممكن أيضا إحراز الخبرة ولو بدرجة نسبية ومقبولة دون أن يغادر المرء مرحلة الثلاثين.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.