}

مهرجان تطوان للسينما المتوسّطية: احتفاء بفلسطين

نجيب مبارك 22 مارس 2019
سينما مهرجان تطوان للسينما المتوسّطية: احتفاء بفلسطين
مهرجان تطوان
مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسّط واحدٌ من التظاهرات السينمائية الكبرى والعريقة في المنطقة المتوسطية، إذ حرص منذ تأسيسه قبل 39 عاماً على التعريف بالإنتاجات السينمائية الحديثة ببلدان البحر الأبيض المتوسط، والتشجيع على توزيعها وتسويقها في جو من التآخي وتبادل الخبرات واقتسام التجارب. تأسّس سنة 1985 بمبادرة من "جمعيةُ أصدقاء السينما بتطوان"، وظلّ على مدى سنوات يُنظَّم باسم "ملتقى سينمائي"، إلى أن استلمت "مؤسسة مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط" الإشراف على تنظيمه منذ عام 2006، ليصبح بصيغته الحالية مهرجاناً، يحتفل هذه السنة بوصوله إلى الدورة  25 (اليوبيل الفضي)، وهي دورة سوف تنطلق في مدينة تطوان (شمال المغرب) يوم 23 مارس/ آذار الجاري وتستمرّ إلى يوم 30 منه.

الأفلام المتنافسة على جوائز "تمودا"
يعرض مهرجان تطوان للسينما المتوسّطية هذه السنة 60 فيلماً سينمائياً. ويدخل 23 فيلماً غمار المنافسة على جوائز "تمودا" الذهبية، في صنف الأفلام الروائية الطويلة والأفلام الوثائقية. بينما تعرض باقي الأفلام ضمن فقرة تكريم السينما الفلسطينية، إلى جانب الأفلام المغربية التي توّجت في الدورات السابقة من المهرجان، فضلاً عن الأفلام الموجهة إلى جمهور الأطفال، إلى جانب فيلميّ الافتتاح والاختتام. وبهذا سيكون لجمهور السينما المتوسطية موعد مع عشرات الأفلام التي تعرض في هذه الدورة، في كل من مسرح سينما إسبانيول وقاعة سينما أبنيدا

وقاعة المعهد الفرنسي بالمدينة.
سيشارك في المسابقة الرسمية للفيلم الروائي الطويل 12 فيلماً، اثنان من اليونان هما "استراحة" لطونيا مشيالي و"النادل" لستيف كريكيس، وفيلمان من فلسطين هما "مفك" لبسام الجرباوي و"التقارير حول سارة وسليم" لمؤيد عليان، وفيلمان من المغرب هما "الميمات الثلاث: قصة ناقصة" لسعد الشرايبي، و"التمرد الأخير" لجلالي فرحاتي، إلى جانب الفيلم السوري "يوم أضعت ظلي" لسؤدد كعدان، والفيلم المصري "الضيف" لهادي باجوري، والفيلم الإسباني "بلا نهاية" لسيزار إستيبان أليندا، والفيلم الإيطالي "رذيلة الأمل" لغدواردو دي أنجليس، والفيلم التركي الفرنسي"سبيل" لغيوم جيوفانيتي وكاغلا زنسرسي، والفيلم الفرنسي البلجيكي "معاركنا" لغيوم سنيز.
وتشهد المسابقة الرسمية للفيلم الوثائقي عرض 11 فيلماً، اثنان من إسبانيا هما "انحراف المسار" لكاستنييراس غاييغو إيفان، و"صمت الآخرين" لألمودينا كاراسيدو، واثنان من فرنسا هما "العربة وشجرة الزيتون: قصة أخرى لفلسطين" لرولاند نوريير، و"فوستوك 20" للمخرجة الفرنسية سيلفيرو إليزابيت، إلى جانب الفيلم الجورجي "قبل أن يعود أبي" لماري غولبياني، والفيلم الجزائري "إسلام طفولتي" لنادية الزواوي، والفيلم السوري "تضحيات كبرى" لإيدا جراد، والفيلم المصري "تأتون من بعيد" لأمل رمسيس، والفيلم الكرواتي "لا نبيع مستقبلنا" لفيليسارو بولو، والتونسي "بعيداً نمضي" لحمامي علاء الدين ومحمد جبيهي، والفيلم اللبناني "بنمشي ونعد" لشقير سنتيا.
وإلى جانب هذه الأفلام، سيتم عرض مجموعة من الأفلام خارج المسابقة الرسمية للمهرجان، ومنها أربعة أفلام ضمن فقرة "خفقة قلب"، ويتعلق الأمر بفيلم "معركة الجزائر"، للجزائري مالك بن سماعيل، وفيلم "ورد مسموم" لأحمد فوزي صالح من مصر، وفيلم "في عينيا" لنجيب بلقاضي من تونس، وفيلم "رحلة إلى غرفة الأم" للمخرجة الإسبانية سيليا ريكو سالفيينو. أما ضمن برنامج "استعادة"، وبمناسبة الدورة الفضية للمهرجان، سيتم عرض 7 أفلام مغربية سبق لها التتويج بجوائز مهرجان تطوان في دوراته السابقة. وسيتم عرض فيلم "القلوب المحترقة" لأحمد المعنوني، و"ذاكرة معتقلة" لجيلالي فرحاتي، و"موت للبيع" لفوزي بنسعيدي، و"زمن الرفاق" للشريف الطريبق، و"المنسيون" لحسن بنجلون، و"منزل في الحقول" لتالا حديد، و"الجامع" لداود أولاد السيد. وهذا إلى جانب فيلمي الافتتاح والاختتام والأفلام التي ستعرض ضمن فقرة التكريمات، والأفلام المعروضة في برنامج الأطفال.

احتفاء بالسينما الفلسطينية
تحلُّ السينما الفلسطينية ضيفة شرف على هذه الدورة الفضية، من خلال الاحتفاء بالمخرجين والمبدعين الفلسطينيين في مجال الفن السابع. وسيتم عرض مجموعة من الأفلام الفلسطينية الجديدة، خلال هذه الدورة، من بينها فيلم "مفك" لبسام الجرباوي، و"فيللا توما" لسهى عراف، و"عمواس" لديمة أبو غوش، و"رحلة في الرحيل" لهند الشوفاني، و"بونبونة" لركان مياسي، و"الماسورة" لسامي زعرور، و"منطقة ج" لصلاح أبو نعمة، و"الببغاء" لدارين سلام، و"قوت الحمام" لبهاء أبو شنب. كما سيتم عرض أفلام تمثل ذاكرة السينما الفلسطينية

وانطلاقاتها الخلاقة، من قبيل "زهرة المدائن"، لعلي صيام، و"فلسطين في العين"، لمصطفى أبو علي، و"النداء الملح" و"ذكريات ونار" لإسماعيل شموط، و"الهوية الفلسطينية" لقاسم حول.
وبحسب الورقة التي أعدتها إدارة المهرجان، يبدو أنّ قدر السينما الفلسطينية منذ تأسيسها هو أن تكون "سينما ذات أطروحة، حيث رافقت العنفوان الأول للكفاح المسلّح وسجّلت خطوات الصمود والمكابرة كما صاحبت تعقيدات هذه القضية ورهاناتها الصعبة. لأجل ذلك، كانت السينما الفلسطينية سينما مقاومة وتعبوية وتوثيقية وثورية. وقد تمكّنت السينما الفلسطينية من أن تخلق نجومها من أمثال محمد بكري وهيام عباس وميساء عبد الهادي وإيليا سليمان... كما استطاعت أن تصعد إلى منصّات التتويج في أكبر المهرجانات العربية والعالمية، مثلما خاضت هذه السينما مجازفات جمالية تجاوزت الصورة النمطية لسينما المقاومة وتخلّصت من وطأة "الحبّ القاسي" بتعبير محمود درويش".

لجان التحكيم والتكريمات
يرأس السينمائي والموسيقي الإيطالي روبرطو جياكومو بشيوتاو لجنة تحكيم الفيلم الروائي الطويل. وقد سبق لهذا المخرج أن أنجز موسيقى أزيد من 150 فيلماً سينمائياً، كما حاز العديد من الجوائز  النفيسة، ومنها جائزة الأوسكار، وجائزة دافيد دي دوناتيلو وجائزة ناسترو الفضية والسعفة الذهبية وجائزة برفيست لأحسن موسيقى تصويرية وجائزة أحسن موسيقى تصويرية في مهرجان البندقية وجائزة سياك الذهبية مرتين. كما تضمُّ لجنة تحكيم الفيلم الطويل المخرجة التركية بيلين إيسمر، والمنتجة والمخرجة الإيفوارية سوزان كوامي، والمخرج والمنتج المغربي جمال السويسي، والممثلة والمخرجة الفرنسية ميريام ميزييرس.
بالنسبة للجنة تحكيم الفيلم الوثائقي، فسوف يرأسها المخرج الجزائري مالك بن اسماعيل، وهو المتوج مؤخراً بجائزة "فيلا كوجوياما" اليابانية. وتضمُّ اللجنة في عضويتها كلًّا من الناقد المغربي مولاي إدريس الجعايدي، والمخرج التونسي خالد غوربال، والمنتجة الفلسطينية رفيا حسين عريدي، والسينمائية الفرنسية ريبيكا دي باس.أما لجنة النقد، الّتي تحمل اسم الراحل "مصطفى المسناوي" (1953-2015)، فيرأسها الجامعي المغربي والخبير السينمائي محمد كلاوي، بعضوية رئيس جمعية نقاد السينما بالمغرب عمر بلخمار، والناقدة والإعلامية المغربية أمينة بركات، والناقد المصري أحمد شوقي، والجامعية التونسية لمياء بلقايد.
أمّا بخصوص المكرّمين في هذه الدورة، فقد وقع اختيار المنظمين على الممثلة المصرية نيللي كريم والمخرج الإسباني لويس منيارو والممثل المغربي محمد الشوبي، بينما يحل الممثل المصري كريم عبد العزيز ضيفا على الدورة الفضية من المهرجان. ويأتي تكريم النجمة المصرية نيللي كريم تقديراً للأدوار الناجحة التي أدّتها في روائع الأفلام المصرية منذ بداية الألفية الحالية، منذ أفلام "سحر العيون" و"شباب على الهواء" و"هروب مومياء" و"إسكندرية– نيويورك"... مروراً بأفلام "إنت عمري" و"فتح عينك" و"آخر الدنيا" و"واحد صفر"، وصولاً إلى "زهايمر" و"الفيل الأزرق"... ثم "اشتباك" الذي صعد بها إلى منصة مهرجان "كان" في دورته الأخيرة.

السينما بصيغة المؤنّث
بالنسبة للندوات، اختار منظمو مهرجان تطوان لسينما البحر المتوسط موضوع "السينما المتوسطية بصيغة المؤنث" محورا لأشغال الندوة الكبرى لدورته الفضية. إذ يرى منظمو المهرجان أن الفنَ السابع، وإن كان فنا شعبياً يفتح أبوابَه لكل الجنسين، فهو "ما زال خاضعا لهيمنة الرجال، ولا يمنح المرأة نفس حظوظ الرجل، خالقا بذلك التربة المناسبة لتناسل الأفكار النمطية وترسخها في الأذهان والعقليات"، والأدهى من ذلك، أنه "يعمل على خلق نماذج ذكورية باعتبارها الأكمل والأمثل". ورغم التقدم الملحوظ على مستوى الكفاح من أجل إقرار الإنصاف في الحقوق، فإن الفوارق بين الرجال والنساء تظلُّ صارخة، وما زالت المخرجات يواجهن صعوبات جمّة لفرض أنفسهن في الوسط الذكوري، وهكذا "لم تتمكّن السينما المتوسطية هي أيضاً من الإفلات من هذه الصور والأفكار النمطية والمكرسة التي تنتقص من قيمة النساء وتشكك في قدراتهنّ في الحياة كما في تمثيلها". في مقابل ذلك، يرى المهرجان أنّ الوضعية في العالم العربي هي "أفظع بكثير"، حيث تعد النساء السينمائيات على أصابع اليد الواحدة، "لتظلّ الفوارق واضحة وصارخة" في مجتمعنا العربي.
أيضاً سيعقد المهرجان مائدة مستديرة يجتمع فيها المشاركون حول موضوع "السينفيليا في الفضاء المتوسطي"، باعتبارها انجذاباً إلى السينما، ثم عشقاً لها وشغفاً بها. وفيما بعد تحول هذا الولع بالسينما إلى انصراف السينفيلي نحو "تحليل المنتوجات الفيلمية وإصدار الأحكام ورصد الانتظارات والتوقعات والتفاعلات التي تثيرها هذه الأفلام، التي قد تتقارب فتشكل جزءاً من المشترك بين أفراد مجتمع ما"، بحسب ورقة الندوة. من هنا، تتمثل السينفيليا في القدرة على الاختيار واعتماد معايير للتمييز، مؤكدة على أن "الفرجة السينمائية هي من مستلزمات مجتمع

حداثي أو يطمح إلى أن يصبح كذلك". وهو ما يؤدي إلى القيام بدور "الوساطة بين الإنتاجات السينمائية وبين من يفترض فيهم أنهم قد شاهدوها أو عليهم مشاهدتها أو إعادة مشاهدتها". كما تستحضر الورقة سياقاً آخر تتدخل فيه السينفيليا بشكل أساس، وهو سياق المهرجانات السينمائية ببرامجها المختلفة. ومن هنا تتساءل عن التحولات التي عرفتها الحركة السينفيلية عبر العالم وفي المغرب، وكيف يدبر السينفيليون وفرة الأفلام المتاحة بعد أن كانوا يدبرون ندرتها؟ وما تأثير وسائط التواصل الاجتماعي والقنوات المتخصصة (نيتفليكس) والقرصنة وكذا المهرجانات السينمائية على الحركة السينفيلية؟ ثمّ ما هي الأبعاد الفكرية والسياسية للحركة السينفيلية اليوم؟ وهل ينبغي الإقرار بأنّ السينفيليا قد أصبح لها بعد فرديّ أمام ظاهرة اختفاء قاعات السينما وتراجع عدد مرتادي هذه القاعات؟ للإجابة عن هذه الأسئلة تمت دعوة كل من الناقد والسينمائي الإيطالي ماسيمو ليشي، والناقد الفرنسي آلان ماسون، والناقد المغربي عبد الكريم الشيكر، ويقوم بتسييرها الناقد المغربي رشيد نعيم.

محاضرات وورشات الدورة
سيلقي محاضرة المهرجان لهذه الدورة مستشار الدولة الفرنسي إيف غونان، في موضوع "تصنيف الأعمال السينمائية في فرنسا". وبحسب هذا الخبير الفرنسي،  يجب التساؤل عن القواعد المتبعة في تصنيف الأفلام، وما هي القيود التي قد تصاحب استغلالها، وما هي المواضيع التي تركز عليها اللجنة في عملها: العنف، الجنس، تعاطي المخدرات والمواد السامة...؟ وهل ما زال هدف حماية الشباب يبرر وجود شرطة إدارية للسينما في فترة أصبح فيها كل شيء متاحا عبر الإنترنت؟
أما ضمن برنامج "في مدرسة المهرجان"، فسوف يتم تنظيم عدد من التداريب والورشات من أجل تشجيع الشباب على الانفتاح على الثقافة السينمائية بمختلف جوانبها الفكرية والتقنية، إذ يخصّص المهرجان في كل دورة من دوراته حيزاً كبيراً من برنامجه العام للتكوين والورشات، وللتأطير والمحاضرات والدروس النظرية في مجال السينما، يستفيد منها جمهور الأطفال والشاب، من تلاميذ وطلبة، ما يجعل من مهرجان تطوان مدرسة كبرى من مدارس السينما في الفضاء المتوسطي.
نذكر، في الأخير، أن الدورة السابقة للمهرجان (2018) فاز بجائزتها الكبرى الفيلم اليوناني "بوليكسيني" من إخراج دورا ماسكلافانو، والذي قالت عنه لجنة التحكيم إنه "يمثل تراجيديا قديمة حديثة تتقاسمها بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط"، وحصل فيها الممثل والمخرج الفلسطيني محمد بكري على جائزة أحسن ممثل عن دوره "أبو شادي" في فيلم "واجب"، وتوجت الممثلة الإيطالية لويزا زانيري بجائزة أحسن ممثلة في فيلم "فيلينو" لمخرجه دييغو أوليفاريس، بينما أنقذت المخرجة المغربية/ العراقية تالا حديد وجه السينما المغربية بفوزها بأفضل فيلم وثائقي طويل من خلال فيلمها "منزل الحقول".

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.