}

مهرجان المسرح التجريبي المصري في يوبيله الفضي: دورة التكريمات

وائل سعيد 27 سبتمبر 2018
مسرح مهرجان المسرح التجريبي المصري في يوبيله الفضي: دورة التكريمات
من العرض السويسري "أنت وأنا"

تحتفل السفارة السويسرية هذا الشهر بمرور ثلاثين عامًا على تأسيس مكتب المؤسسة الثقافية السويسرية بروهلفتسيا بالقاهرة، وفي نفس الوقت تم اختيار سويسرا لتحل ضيف شرف هذا العام في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي في دورته الخامسة والعشرين، التي شهدت احتفالية موازية من قبل وزارة الثقافة المصرية باليوبيل الفضي للمهرجان. وقد توجه بول جارنييه، سفير سويسرا بمصر، بالشكر لوزيرة الثقافة د. إيناس عبد الدايم، لاختيار سويسرا ضيف شرف في دورة اليوبيل الفضي من عمر المهرجان، مؤكدا حرص المؤسسة الثقافية السويسرية على تعزيز التبادل الثقافي بين الشعبين السويسري والمصري من خلال الفعاليات الثقافية في شتى المجالات، كما قدم كهدية إلى المهرجان عرض "أنت وأنا" لفرقة المسرح السويسرية "مومنشانز".

You + Me

يُعرف البانتوميم بأنه "فن التمثيل الصامت المؤدّى من قبل فنان أو مجموعة فنانين على خشبة المسرح، بغرض التعبير عن الأفكار والمشاعر والآراء عن طريق الحركة الإيحائية للجسم فقط".

وهذا ما نهجته فرقة "مومنشانز" في العرض الصامت "أنت وأنا"، من تأليف فلوريانا فراسيتو، وإخراج ماركوس سيمين، حيث لجأت الفرقة المسرحية إلى أولى اللغات المتعارف عليها بين البشر وهي لغة الجسد.

احتشد العرض بالكثير من المفردات المعيشية العادية، كالبيض، الكمنجة، الكف البشري، بالإضافة إلى تشكيلات على هيئة دوائر ومربعات ومثلثات تحركت بين أيدي الممثلين في ضوء احتفى بالظلام والسواد على طول العرض.

لا يخفى البعد الفلسفي الذي طرحه العنوان مقدماً أنت على أنا "أنت وأنا"، كحل للإشكالية الأبدية للإنسان في علاقته مع الآخر. كما تم استعمال المفردات السابقة في نفس القالب الثنائي لتوصيل شيوع فكرة الثنائية الوجودية في كل الأشياء المحيطة وتعميم أكثر براحا يشمل الثنائيات. فتصبح الكمنجة كمنجاتين في مقابلة لبعضهما، وتصبح البيضة بيضتين، والكف الآدمية كفين ضخمتين تُزيحان ستار المسرح، ويرتدي الممثلون تلك الأشياء في سياق الخط الدرامي ومن ثم يحركونها وفق رؤية العرض.

صاحبت العرض حالة من الانبهار وسط الحضور، خاصة وقد تم الاحتكاك المباشر بين الممثلين والجمهور في بعض المشاهد، وتركت الفكرة انطباعات جيدة لدى شباب المسرحيين من السينوغرافيا والمؤلفين والمخرجين، الذين صرحوا بأنهم بصدد إعادة لتقييم أفكارهم مرة أخرى حيال استخدام المفردات بالعرض المسرحي.

"قهوة سادة" تُعيد

للقومي مكانته

كتبت إحدى السيدات على صفحة مسرحية "قهوة سادة": شكرا للمخرج خالد جلال. أعدت يا بني للقومي مكانته. رحم الله الرواد؛ حيث كان المسرح القومي بالعتبة على موعد مع روح الزمن القديم؛ وقت التكدس والزحام على عروض القومي المسرحية، ومرة أخرى تمتلئ كراسي المسرح الخمسمئة، والزحام يحيط بالميدان وبحديقة المسرح.

قُدمت المسرحية لأول مرة عام 2009، وهي نتاج تخرج طلبة مركز الإبداع الفني بدار الأوبرا المصرية، وتتناول الأوضاع التي آل إليها المصريون، من تدنٍّ على المستوى المعيشي والأخلاقي، عبر طرح عدة قضايا حياتية كالهجرة غير الشرعية، العنوسة، الغلاء، الجهل، الخلجنة... وما إلى ذلك، وكيف أصبح الشعب يشرب قهوة سادة على روح تلك الأشياء.  

إقبال جماهيري

غير معتاد

من اللافت للنظر في هذه الدورة احتشاد الجمهور العادي في معظم العروض، إذ أدى الإقبال الجماهيري على سبيل المثال أثناء عرض "الطوق والإسورة" إلى أن مدت الفرقة عرض المسرحية ليومين إضافيين.

وكان العرض على موعد مسبق مع المهرجان التجريبي، حيث فاز بجائزة الدورة الثامنة للمهرجان عام 1996، من إنتاج فرقة مسرح الطليعة، وتدور أحداثه في صعيد مصر، ويصور الأسرة الفقيرة التي تعاني من الحرمان والعوز وتصبح ضحية للخرافات والخيالات الشعبية. وهو من بطولة فاطمة محمد علي، محمود الزيات، مارتينا عادل، أحمد طارق، أشرف شكري، شريف القزاز، شبراوي محمد، محمد حسيب، سارة عادل، إيمان حسين، فرح حاتم، ونائل علي، وغناء كرم مراد، وديكور محيي فهمي، وأزياء نعيمة عجمي، ورؤية موسيقية جمال رشاد، ونحت أسامة عبد المنعم، ومن إخراج ناصر عبد المنعم.

إصدارات وترجمات

قدم المهرجان مطبوعات عدة متنوعة، ومنها إصدارات عن المسرح السويسري وعن المشهد المعاصر للمسرح الأميركي، بالإضافة إلى ترجمة لبعض المسرحيات الأجنبية ونشرة يومية لمتابعة فعاليات المهرجان.

من الترجمات "هذه موجتي"، وهي مونودراما من تأليف نيومي والاس، وتحكي عن فتاة من غزة كانت قد أرسلت للمؤلفة رسالة على البريد الإلكتروني تُبلغها بأنها تريد السباحة في بحر غزة، لكن قوات الاحتلال الإسرائيلي تمنعها. وقد عكست المؤلفة في المسرحية حالة حديثة في المسرح الأميركي تقوض من الهيمنة الأسطورية للبيت الأبيض أو الفكرة الأميركية.

وقد حملت نصوص مترجمة أخرى حالة المسرح تحت دوي القنابل، فمسرحية "غفوة" تتحدث عن شاب لبناني تؤدي به الدراما في أحد المشاهد إلى حفر قبر على خشبة المسرح، ويكتشف الجمهور أنه قبر أخته التي قتلت في قصف إسرائيلي، فيما تحكي مسرحية "كأن هذا البرد لم يكن" عن فتاتين في أفغانستان تقعان في مواجهة مع مجند أميركي من أصل إسباني، ونكتشف في نهاية المسرحية أنهما من الأموات!

وقد أشادت د. كرمة سامي، رئيس تحرير المطبوعات بدورة اليوبيل الفضي، بأهمية دور الترجمة في هذه الدورة، متمنية أن تستمر مطبوعات المهرجان والترجمات في الدورات القادمة، بدعوة إلى الخروج من حيز الثقافة الفرانكفونية إلى فضاء الترجمة عن المسرح الاسكندنافي والنيوزلندي وكل المسارح الأخرى.

احتفاء بصليحة بالإنكليزية

خصصت هذه الدورة احتفاءً بسيدة النقد المسرحي د. نهاد صليحة، وذلك في صورة كتاب باللغة الإنكليزية هو الإصدار الوحيد إلى الآن بلغة أجنبية ضمن إصدارات المهرجان. ويحتوي الكتاب على مجموعة من المقالات لصليحة كتبتها فيما قبل عن عروض ودورات المهرجان التجريبي منذ بداياته ونُشرت بالإنكليزية في جريدة الأهرام ويكلي، وقامت بتجميع المادة الناقدة مايسة ذكي، وكتب الدكتور محمد عناني مقدمة الكتاب.

كذلك تمّت مناقشة الكتاب بإدارة الدكتورة سامية حبيب، وتناولت فيها الأكاديمية والناقدة الأميركية هولي هيل دور مقالات الدكتورة نهاد في تعريف العالم بالمسرح المصري والعربي، وأشار كل من المخرج العراقي جواد الأسدي والأكاديمي والكاتب المغربي عبد الرحمن بن زيدان إلى دور تلك المقالات في دفع العروض العربية إلى دائرة الضوء دوليًا.

رحلت نهاد صليحة عن عالمنا في السادس من يناير/ كانون الثاني، وهي متخصصة في النقد المسرحي وفنون الأداء ونظرياتها، بالإضافة إلى الأدب الإنكليزي والترجمة الأدبية. وتعتبر صليحة أول من استخدم المنهج السيميائي في النقد المسرحي العربي الحديث. كذلك ساهمت في تأسيس حركة الفرق المسرحية المستقلة من خلال إقامة المهرجان الأول للمسرح المستقل في مصر عام 1999.

دورة التكريمات

لم يحصل أي عمل على جائزة المهرجان في هذه الدورة، لا سيما أن العديد من العروض المشاركة حصدت جوائز فيما قبل من مهرجانات أخرى ومن بعض دورات مهرجان التجريبي نفسه. غير أن المهرجان قام بتكريم خمسة رموز مسرحية عربية وأجنبية: إريكا فيشر من ألمانيا، حسن المنيعي من المغرب، مارفن كارلسون من أميركا، مينج جين خوي من الصين واسم الكاتب الراحل محفوظ عبد الرحمن من مصر.

وضم مجلس إدارة المهرجان الدكتور سامح مهران (رئيس المهرجان)، ناصر عبد المنعم (منسق عام المهرجان)، الدكتورة دينا أمين (مديرة المهرجان)، والدكتورة أسماء يحيى الطاهر (مديرة تنفيذية).

وفي سياق متصل بالخريطة المسرحية المصرية 2018 /2019، وقعت الدكتورة إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة، وإسماعيل عبد الله، أمين عام الهيئة العربية للمسرح، اتفاقية لتنظيم الدورة الحادية عشرة لمهرجان المسرح العربي، التي تستضيفها مصر في الفترة من 10 حتى 16 يناير/ كانون الثاني 2019.

وأكدت عبد الدايم أن فن المسرح يعد إحدى الوسائل المهمة للارتقاء بالوعي وتطوير الملكات وترسيخ الهوية الوطنية، كما أنه بمثابة مرآة عاكسة لملامح المجتمعات. وأضافت أن إقامة هذه الدورة تأتي من خلال تنفيذ خطة استراتيجية التنمية المسرحية، التي أقرها اجتماع وزراء الثقافة العرب في الرياض وتونس عامي 2015 و2016 والتي تهدف إلى تفعيل ونشر وتوثيق المسرح العربي.

كذلك أشارت إلى تكريم 15 شخصية من رموز المسرح المصري في الدورة الجديدة، فضلا عن أنشطة عدة أخرى تتناول مختلف ألوان الفنون المسرحية، منها مؤتمر فكري بعنوان "همزة وصل: نقد تجربة المسرح المصري"، وبعض ورش العمل خلال فعاليات المهرجان، بمشاركة معارض للكتب والصور الفوتوغرافية، وإصدارات لمؤلفين مصريين، وبمصاحبة نشرة يومية لمتابعة الفعاليات.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.