بترقب شديد، ينتظر عدد كبير من المهتمين والعاملين بمجال صناعة السينما، مصريًا وعربيًا، انطلاق الدورة الأربعين لمهرجان القاهرة السينمائي، مساء الثلاثاء 20 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، برئاسة المنتج محمد حفظي، حيث تحمل هذه الدورة أهمية خاصة لأكثر من سبب.

تأتي هذه الدورة بعد دورة فاشلة بكل المقاييس، حيث حملت الدورة التاسعة والثلاثين لمهرجان القاهرة السينمائي ملامح فشل وإخفاق غير مسبوقة، بدءًا من التنظيم المتخبط، حيث لم يكن هناك استقبال لائق للفنانين، وكان الاهتمام يتوزع بشكل غير مفهوم بين فنان وآخر، ولا يمكن نسيان مشهد الإعلان عن افتتاح الأوبن بوفيه، عندما هرع الجميع باتجاه موائد الطعام، في حين تركوا المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد وحيدًا في عرض الفيلم الرئيسي للمهرجان، وهو ما جعل أبو أسعد يأخذ قراره بالاعتذار وعدم استكمال المشاركة، لولا تدخلات كثيرة وقوية وضغوط من جانب عدد كبير من الفنانين المشاركين بالمهرجان لثنيه عن قراره الذي كان من شأنه تهديد المهرجان منذ لحظته الأولى.

لا يخفى أيضًا العزوف المؤسف من جانب المنتجين للمشاركة بأفلامهم في المهرجان، حيث فضلوا المشاركة في مهرجان الجونة في دورته الأولى العام الماضي، بسبب جوائزه المادية الضخمة، وهو ما جعل مهرجان القاهرة يخرج بشكل أفقده الكثير من رونقه وثقله كأحد أهم مهرجانات العالم سينمائيًا.

تكريم كلود ليلوش

والتراجع عنه

وعلى الرغم من إخفاقات كثيرة أخرى، لم يراع المنظمون خلال الدورة الحالية ما حدث، ولم يسعوا حقيقة لتجميل الصورة، ومع البدء في الترتيبات أعلن حفظي، رئيس المهرجان، عن تكريم المخرج الفرنسي اليهودي كلود ليلوش، المعروف بمواقفه المؤيدة لإسرائيل، لتبدأ عاصفة من الانتقادات التي هاجمت المهرجان بضراوة. حفظي برر اختياره لتكريم ليلوش قائلًا: "يعد الاحتفاء بالمخرج كلود ليلوش في الدورة الأربعين لمهرجان القاهرة السينمائي تتويجًا لواحد من أهم المخرجين الذين أثروا الشاشة الأوروبية والعالمية بأعمال خالدة في ذاكرة السينما، كما أن المخرج الكبير صاحب جائزة الأوسكار واحد من رواد التجديد في السينما الفرنسية، على مدار أكثر من نصف قرن، بل إن مجلة (كاييه دو سينما) تصفه بـالمؤسس لتيار سينمائي متفرد".

الناقد خالد محمود، مدير المركز الصحافي لمهرجان القاهرة، قال إن إدارة المهرجان قررت إلغاء تكريم المخرج العالمي كلود ليلوش، نظرًا للأصوات التي نادت بذلك والتي رأت أن وجوده وتكريمه في مهرجان القاهرة مرفوض، بعد تصريحاته بالتعاطف مع إسرائيل ومعاداته للقضية الفلسطينية. ومن جانبه اعتذر ليلوش عن الحضور للتكريم هو الآخر، بعدما عرف بالانتقادات الواسعة لتكريمه. 

عروض منتصف الليل

قرر مهرجان القاهرة السينمائي الدولي استحداث قسم جديد في دورته الأربعين، ويحمل القسم عنوان "عروض منتصف الليل"، ويعرض المهرجان فيه على مدار سبع ليالٍ متتالية بين 21 و27 نوفمبر، سبعة أفلام تنتمي إلى أفلام "الرعب" و"الجريمة" و"الخيال العلمي" و"الأكشن".

وبحسب إدارة المهرجان، يهدف البرنامج الجديد لجذب المزيد من الجمهور من الشباب لعروض المهرجان، وإتاحة مساحة لعرض تجارب سينمائية مهمة لم تكن أقسام المهرجان التقليدية تتسع لها. ويُقام العرض الأول لأفلام القسم في حفل منتصف الليل بسينما الزمالك، على أن يُعاد الفيلم في النهار التالي في دار الأوبرا المصرية، بحيث تُتاح للجميع مشاهدة الأفلام وفقًا لما يناسبهم من أوقات اليوم.

2351 فيلمًا مشاركًا

وصل إلى مهرجان القاهرة، خلال فترة استقبال طلبات التقدم، 2351 طلبا للمشاركة، منها حوالي 2200 طلب صحيح تستوفي شروط التقدم، هذه الطلبات أتت من أصحاب حقوق 790 فيلما طويلا، منها 623 فيلما روائيا طويلا و167 فيلما تسجيليا طويلا، وحوالي 1300 فيلم قصير.

أما ملتقى القاهرة السينمائي والمخصص لدعم المشروعات فقد تلقى طلبات 110 مشروعات لأفلام قيد التنفيذ أبدت رغبتها في الوجود ضمن الملتقى، وجاءت الطلبات من 121 دولة  مختلفة، تتقدمها إسبانيا التي تقدم منها 202 فيلم بين طويل وقصير، يليها كل من فرنسا - 172 ومصر - 146 وألمانيا - 140 وروسيا - 136 والصين - 134 والولايات المتحدة - 118 والهند - 91.

أما بالنسبة للدول العربية بخلاف مصر، فأتت طلبات المشاركة الأكثر من لبنان (38 فيلمًا)، يليه المغرب (33)، وتونس (28)، والعراق (20)، وسورية (17)، والجزائر (14) والسعودية (12)، والإمارات (9)، والأردن والبحرين (5)، وفلسطين وقطر (4)، والكويت (3)، واليمن (2)، وفيلم واحد من ليبيا وآخر من سلطنة عمان.

بيتر جرينواي

كشف مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عن تكريم المخرج والكاتب والرسام البريطاني بيتر جرينواي، ومنحه جائزة فاتن حمامة التقديرية، وهي الجائزة التي كانت ستمنح للفرنسي كلود ليلوش، وذلك خلال حفل افتتاح الدورة الـ40 للمهرجان، التي تقام في الفترة من 20 حتى 29 نوفمبر الحالي.

وبحسب محمد حفظي، رئيس المهرجان، يأتي تكريم جرينواي تقديرًا لمسيرته السينمائية والفنية العالمية المضيئة والبارزة، إضافة إلى مكانته المرموقة كأحد أبرز المخرجين العالميين، كما يقوم جرينواي بإلقاء درس في السينما "ماستر كلاس" لنقل تجربته للحضور من دارسي السينما ومحبيها في القاهرة.

"كتاب أخضر"

اختارت إدارة المهرجان الفيلم الأميركي "كتاب أخضر" للمخرج بيتر فاريلي، لعرضه في افتتاح المهرجان، بطولة النجمين فيجو مورتينسين وماهرشالا علي، والذي يعد واحدا من أهم أفلام العام المرشحة للتنافس على جوائز الأوسكار مطلع العام المقبل.

أحداث الفيلم مأخوذة عن قصة حقيقية دارت في ستينيات القرن العشرين وقت استمرار التفرقة العنصرية في الولايات المتحدة، حيث يُكلف سائق من أصل إيطالي له ميول عنصرية باصطحاب عازف بيانو أسود البشرة في جولة موسيقية بولايات الجنوب الأميركي الأكثر تعصبا ضد الملونين.

في الأخير تقع على عاتق القائمين على هذه الدورة لمهرجان القاهرة السينمائي مسؤولية إخراج دورة استثنائية، أو على الأقل دورة ناجحة، من أجل نسيان الأداء الباهت والتنظيم المخيب خلال الدورة الماضية، وكذلك لوضع نهاية للغط الدائر منذ إعلان التحضيرات للمهرجان، حيث لا تحظى هذه الدورة بتوافقية فنية داخل الوسط المصري الفني، ومتأثرة إلى حد بعيد بالآثار السلبية للدورة الـ39 التي لن تمحيها سوى دورة قوية وناجحة ومؤثرة.