}

ليونارد كوهين: رحيل "عراب الحزن"

فيديل سبيتي 13 نوفمبر 2016

عندما حاز بوب ديلن جائزة نوبل للأدب الشهر الماضي، ولأني أراه مغنياً قبل أن يكون شاعراً، شعرت أن هذه الجائزة بمعاييرها التي اعتمدتها لجنة نوبل كان يجب أن تذهب إلى ليونارد كوهين، لأنه شاعر قبل أن يكون مغنياً، وكان قد صدر له عشرة دواوين شعرية، وروايتان هما "اللعبة المفضلة" والتي تحولت إلى فيلم بنفس العنوان في كندا في العام 2003، و"الخاسرون الرائعون".

هذه الفكرة ليست ضد بوب ديلن، لأنه بالفعل شاعر يستحق نوبل، ولكنها لصالح كوهين الملقب بـ"عرّاب الحزن"، وهما من نفس الجيل الشعري والغنائي. فكوهين كان قد أفنى عمره في نشر الشعر عبر الأغنية ونشر الأغنية عبر الشعر، وكأنه ممسوس بالرسالة التي أعتقد أنها موكولة إليه. كان يحب أشعاره وأغانيه أكثر بكثير مما يحبها الجمهور الذي يستمع إلى أغانيه، ليس لأنه لا يحترم الجمهور الغفير حول العالم الذي يستمع إلى أغانيه وفيها أشعاره، بل لأنه كان أكثر احتراماً لكيفية إيصال أفكاره ومشاعره وعلامات رفضه الى هذا الجمهور، المنتظر دوماً لكل جديد يصدره. والجديد الذي نتحدث عنه ممتد على فترة زمنية طويلة، كان آخرها إصداره ألبومه الأخير وهو في الثمانين من عمره، "بوبولار بروبليمز"،  popular problems حيث كان لا يزال نشطاً كما لو أنه في بداياته مع نضوج تام في صوته المعتمد على الطبقة الخفيضة، وهذا ما كان أحب على قلبه في الغناء، أي الهدوء غناءً وموسيقى، واعتماد الموسيقى رافعة للقول، واعتماد القول رافعة للموسيقى وللغناء. والاستناد إلى الكورس لملء ثغرات الأغنية وهذا كان عادة جديدة في عالم "البوب"، أي استخدام الكورس كلاعب أساسي في مسيرة الأغنية. وتضمن ألبومه الجديد تسع أغنيات كتبها مع باتريك ليونارد الذي تعاون مع الشاعر والمؤلف في إطار ألبومه "أولد إيدياز" old ideas في العام 2012 وتصدر المبيعات في دول كثيرة عبر العالم. لا بد من القول، إن كلمات أغاني كوهين تمتاز بشعرية عالية، وكذلك أغانيه المترجمة عن قصائد كتبت في الأصل بلغات أخرى، والتي ترجمها بنفسه، ومنها أغنية "هاك هذا الفالس" التي ترجمها عن قصيدة لوركا، "فالس من فيينا".

ظل ليونارد كوهين لأربعة عقود واحداً من أهم الشعراء وكتاب الأغاني، كما ظهر في العديد من الأفلام الوثائقية التي تناولت تجربته وأعماله التي يمكن اعتبارها قطعاً أدبية فريدة بسبب اهتمامه بالهموم الإنسانية التي أكسبته العديد من الجوائز المهمة، منها جائزة "جونو" وجائزة "الغرامي"، كما تبوأ مكاناً رفيعاً في قاعات المشاهير الكندية لكتاب الأغاني والموسيقى. وكان بوب سترينغر، رئيس مجلس إدارة شركة الإنتاج "كولومبيا ريكوردز" (سوني ميوزيك) قد قال عن مجموعة الأغاني الجديدة: "مرة جديدة يوسع ليونارد كوهين حدود الموسيقى مع عمل فني جديد. هذه الأغاني التسع الجديدة رائعة وفيها روح خلاقة فريدة".

وهنا أضيف مقطعاً جميلاً كتبه روجيه عوطة في صحيفة "المدن" الإلكترونية، يعبر فعلاً عن ماهية كوهين: "برع كوهين في الانتقال، وعبر صوته، من الأنين إلى الدندنة، من التوجع إلى التخلص من ريبته، كأنه، بذلك، كان يزرع الضيق جيئةً وذهاباً، فيفرجه، أو يتنزه عنه على الأقل. بالتالي، يستحيل هذا الضيق خجلاً منه، ولا يستطيع الاستيلاء عليه. يذبل، أو يهم بالانسحاب، غير أن المغني سرعان ما يعطف عليه، ويحاول مد يده إليه، علّه، يتغير من محنة إلى مسرةٍ. وعلى هذا النحو، يكون الغناء، هنا، بمثابة حمل الضيق على الانفراج، بفك انكماشه، وبإرخاء قيده: كف مفتوح على راحته، ينبسط أما قبضة التعب، الذي ينبسط، ولا يعود على تقلّصه. فالتعب يكثر حين يزيد انقباضاً، ولما يقل، ينشرح، وينقلب فتوراً مسترسلاً في تبدده".

من ألبوماته: "أغنيات ليونارد كوهين" (1967)، و"أغاني الحب والكره" (1971)، و(Death of a Ladies' Man (1977، و"المستقبل" (1992)، و"أفكار قديمة" (2012)، وألبومه الأخير، (You Want It Darker (2016. وتُرجم كثير من أغانيه، وأدّاها آخرون بلغات عديدة.

 

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.