حنان كمال.. انتهى ألم المشاهدة

حنان كمال.. انتهى ألم المشاهدة

04 مايو 2019
(حنان كمال)
+ الخط -
"كان العالم يبتعد/ وكنّا معلقين فوق الجبل البعيد/ قال لي/ هل تريدين أن تتمكّني من الرؤية؟ إذن كوني على الحافة واحفظي المسافة/ تلك هي شروط المشاهدة: والآن: حدّقي في الصورة جيداً/ هل يستحق المشهد الانخراط فيه/ كانت التفاصيل صاخبة/ كل شيء يجري بجنون/ يا إلهي كيف احتملنا كل هذا الصخب".

صاحبة هذا المقطع هي الكاتبة والشاعرة المصرية حنان كمال (1973 - 2019)، التي رحلت أمس في الدوحة. وهو من أحد نصوص إصدارها الوحيد "كتاب المشاهدة" (ميريت/ 2018)، والذي كتبته أثناء معركة خاضتها مع السرطان، ودفعتها إلى مشاهدة الحياة بدلاً من عيشها، كما تقول.

ضمّنت كمال "كتاب المشاهدة" 56 نصاً نثرياً، تتأمل فيها الألم من الداخل والعالم من بعيد، وبدت كما لو كانت تنأى شيئاً فشيئاً عن اليومي والعادي، معتزلة في رحلتها الخاصة مع الجسد الذي خذلها أخيراً.

كانت تدويناتها الأخيرة على فيسبوك تتناول الألم الذي تصفه بأنه "مالوش حل"، والذي يوقظها طيلة الليل فتتلهى بكتابة "بوستات" تتحدث فيها إلى أصدقائها، وتصف نفسها بـ"العجوز الطيبة"، وهي تعلق على صورة لها فيما هي تنظر إلى البعيد معرضة عن الكاميرا.

لم تكن كمال قبل تجربة المرض كاتبة لقصائد النثر، فقد عُرفت بكتاباتها الصحافية. وعن التوجه إلى الشعر صرّحت في مقابلة معها العام الماضي: "كانت الأفكار تأتي إليّ وأنا أقود سيارتي. وقتها كانت تتلبسني حالة من البكاء، فأتوقف إلى جانب الطريق، ثم أبدأ في الكتابة وحين أنتهي أعاود القيادة مرة أخرى".

تضيف: "قررت طباعتها في كتاب بعد أن شجعني على ذلك الكثير من الأصدقاء، لأقف على مسافة فاصلة بيني وبين كل ما يحدث لي وكأنني في عالم آخر".

وتكمل في اللقاء ذاته: "أعيش مع الموت فعلاً، أقترب من حافته كثيراً، حتى حدثت بيننا ألفة، تخلصت من الخوف منه فصار وديعاً".

كتبت كمال في مجموعتها المنفردة: "أشم رائحة النهايات/ كرائحة العشب في المطر... كرائحة الصدأ. أحب الصدأ/ لأنه علامة المحبة التي جمعت النهر بالجسر".

دلالات

المساهمون