الجامعة الأردنية: هبة الأشجار المكسورة

الجامعة الأردنية: هبة الأشجار المكسورة

04 يوليو 2014
جمال الجقة / الأردن
+ الخط -
شكلت نحو 1800 شجرة سرو وصنوبر اقتلعتها العاصفة الثلجية "أليكسا" التي ضربت الأردن الشتاء الماضي، المادة التعبيرية لأعمال الفنانين المشاركين في الدورة السادسة لـ"ملتقى النحت العالمي" التي احتضنتها الجامعة الأردنية على مدار أسبوعين مؤخراً تحت عنوان "ذاكرة السرو".

انحسار تنوع الخيارات في المواد التعبيرية، واقتصارها على خشب الأشجار المعمرة التي خلّفتها العاصفة وراءها، وضع الفنانين أمام اختبارات المادة وتطويعها وفق الحوار البصري الذي أدرَج في سياقه التشكيلي الخصائص التعبيرية والحسية للمادة نفسها، منذ لحظة اختيارها أو "انتشالها من سياقها الغفل والمبهم" وحتى لحظة إنجازها ووضعها في سياق جديد على هذا النحو أو ذاك، في الحضور والتعبير.

منذ اليوم الأول للورشة التي استقطبت فنانين من الأردن وفلسطين والعراق والبحرين وعُمان والمغرب وفرنسا وألمانيا وإسبانيا، بدأت ملامح الحوار التفاعلي بين الفنانين ومئات الجذوع الخشبية بأبعادها وتشكيلاتها المتنوعة، تعلن عن نفسها، بوصفها حواراً مفتوحاً على التنويعات البصرية والتعبيرية. فيما ساهم اختيار المادة الخام في هيئتها الأولى، في تحديد مسارات التعبير والتكوين التي ظلّت في جلّ أعمال الفنانين، أسيرة السرد والتمثيل.

الحوار البصري المثقل بمفردات الإنشاء ومرجعياته التشبيهية التي طغت على معظم أعمال الملتقى، الذي دأب "المتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة" على تنظيمه منذ عام 2000، حال دون الانفتاح على المشهد المترامي في "لعبة العلاقات البصرية" التي تنشد التجريد من التشخيص، وتغزل اللامرئي على نول المرئي، وفي مداراته الواقعية والتخييلية.

حازم النمراوي/ الأردن

الأعمال الفنية التي نفّذها الفنانون الأوروبيون استعارت صيغها الإنشائية من الأشكال الطبيعية التي توفرت عليها جذوع الأشجار، باعتبارها المادة الرئيسية للعمل الفني، لتذهب في اتجاه تذويب الحدود بين المادة والفكرة وأسلوب التعبير، وتخميرها في عجينة العمل النحتي. وعلى النقيض من ذلك، راحت أعمال الفنانين العرب في اتجاه إسقاط الفكرة على المادة، وجعلت من الأسلوب همزة وصل بينهما.

وعلى الرغم من انحياز أكثرية الفنانين المشاركين في الملتقى إلى القيم الحداثية للفن المعاصر، إلا أن المرجعيات الثقافية ما برحت تعلن عن حضورها بأكثر من طريقة وإيحاء، وهي تستبطن منجزات الفنانين؛ خاصة تلك المرجعيات التي تشكّل المخزون الرمزي والجمالي للثقافات المتنوعة، بمكوناتها النصيّة والبصريّة.                   

تبادل الخبرات والأفكار الفنية بين الفنانين المشاركين في الملتقى الذي ستتوزع أعماله على العديد من المواقع في عمّان، ساهم عن قرب، وعلى نحو تفاعلي، في معاينة الصورة الحيّة للتعبيرات الجمالية المتنوعة، بحسب مدير عام "المتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة"، الفنان خالد خريس الذي بيّن في حديثه لـ"العربي الجديد" أن مخرجات الملتقى من شأنها أن تساهم في إضفاء لمسة جمالية على ملامح المكان العمّاني، وتعزيز الثقافة البصرية في الميادين العامة من خلال شواهد فنية معاصرة في لغتها وتعبيراتها الجمالية.

دلالات

المساهمون