الأدب التونسي في إيطاليا: مكتبة شبه فارغة

الأدب التونسي في إيطاليا: مكتبة شبه فارغة

23 مارس 2019
(البرج الجنوي في مدينة طبرقة، تصوير: زاهر كمون)
+ الخط -

من المعروف أن العلاقات بين تونس وإيطاليا تعود إلى زمن قديم؛ ففي عام 1540، احتلّت جمهورية جنوة مدينة طبرقة التونسية، نظراً لكثرة السمك في مياه الضفّة الجنوبية للمتوسّط، وهناك استقرّت عائلة لوميلّيني حتى النصف الأول من القرن الثامن عشر بإذنٍ من السلطان العثماني.

ولا تزال علاقة الإيطاليين بالصيد في مياه تونس حاضرة حتى اليوم في مصطلحات اللغة الإيطالية الخاصة بمجال صيد السمك وتصنيعه. ومن جهة أخرى، نجد أن الكثير من العائلات الإيطالية لجأت إلى تونس في الفترة التي سبقت وحدة إيطاليا السياسية منتصف القرن التاسع عشر، وكذلك في فترة الحرب العالمية الثانية، وقد نشطت في عدّة مجالات. نذكر من بين تلك العائلات عائلة فينزي التي أسست جريدة "Il Corriere di Tunisi" التي ما زالت تصدر حتى اليوم في تونس العاصمة.

ورغم كل هذه العلاقات في مجالات الصناعة والثقافة نجد أن الأدب التونسي المعاصر غير معروف في إيطاليا. وعن أسباب ذلك، يقول لنا فرنشيسكو ليجيو، وهو مترجم وأستاذ اللغة العربية في إيطاليا ومتخصّص في الأدب التونسي المعاصر: "إن العلاقات بين إيطاليا وتونس علاقات متعدّدة وضاربة في عمق التاريخ. إلا أننا حين ننظر إلى مجال الأدب نجد أنفسنا أمام مكتبة إيطالية تكاد تكون فارغة مما ينتجه الأدب التونسي، ما عدا بعض النصوص القليلة".

يضيف: "وطبعاً هذا لا يتيح للقارئ الإيطالي فرصة لبناء فكرة شاملة عن الإنتاج الأدبي لهذا البلد القريب جداً من إيطاليا. لذا فهذه العلاقة الأدبية في نظري لا تتحقّق إلا بالترجمة، ولا سيما ترجمة تلك النصوص التي ألّفها كتّاب يعتبرهم التونسيون أنفسهم المؤسّسين لأدبهم. ونذكر منهم على سبيل المثال محمود المسعدي والبشير خريّف. وأمّا ما تمت ترجمته حتى الآن، فيقتصر على بعض مؤلّفات علي الدوعاجي وحسن نصر وكمال الرياحي. وهذا يدل على عشوائية في الاختيار للترجمة دون مواكبة للخط الزمني في الأدب التونسي".

وحسب ليجيو، فالسبب هنا هو غياب سياسات ثقافية من كلا الطرفين، من شأنها ملء هذا الفراغ في المكتبات، حيث يضيف: "وكأننا مجبرون على أن يقتصر التبادل والتعاون بين البلدين على زيت الزيتون، دون أن نعرف ماذا يعني الزيتون في حياة الإيطاليين والتونسيين".

طبعاً هناك نصوص أدبية تونسية تستحق الترجمة. فالمشكلة هي غياب الرؤية الملائمة لعمل الترجمة والنشر. فترجمة النصوص ونشرها فحسب دون تلك الرؤية لا تفيد لا القارئ ولا الدارس. وكما يقول ليجيو: "يجب القيام بعدد من العمليات التسويقية التي يعجز عنها الفرد الواحد كي تصل النصوص المترجمة إلى القارئ، بالأخص في ظل هذا الفيض من تلك النصوص التي تتوافد علينا من كل حدب وصوب حتى عن طريق الشبكة العنكبوتية. وهذا يُحدِث شيئاً من الضباب الحائل دون تلقّي النص الأدبي بما يحتاجه من رويّة وتأنٍ".

ما سبق التطرّق إليه لا ينطبق على الأدب التونسي المعاصر وحده، بل أيضاً على الأدب المعاصر لبلدان المغرب العربي عموماً.


* ناقدة ومترجمة إيطالية

دلالات

المساهمون