يو يونغكوك.. عودة إلى بدايات التجريد الكوري

يو يونغكوك.. عودة إلى بدايات التجريد الكوري

22 مايو 2020
(من المعرض)
+ الخط -

في ثلاثنينيات القرن الماضي، غادر يو يونغكوك منزله في بلدة أولجين الواقعة في كوريا الشمالية، متوجهاً لدراسة الفن في طوكيو، والتي سيعود منها ليعمل في مهن متعدّدة كصيد السمك وتصنيع الكحول بسبب ظروف الحرب العالمية الثانية (1939 – 1945) وما تلاها من صراع على شبه الجزيرة الكورية أدّى إلى انقسامها.

انخرط الفنان الكوري (1916 - 2002) في صفوف الفنانين الطليعيين خلال الخمسينيات، مساهماً في تأسيس العديد من المجموعات الفنية آنذاك، مثل جمعية الفن الحديث والفنانين المعاصرين والواقعية الجديدة، ليعرف كواحد من أبرز رموز التجريد، متميزاً بخطوطه القوية وجرأته في استخدام اللون.

قبل نحو أربع سنوات، أقام "المتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر" (MMCA) في سيول، معرضاً احتفل بتجربته بمناسبة مئة عام على ميلاده، وحوالي خمسين عاماً على تنظيم معرضه الفردي الأول، وهو يتيح أعماله اليوم أمام الزوار ضمن جولات افتراضية تستعرض حوالي عشرين عملاً من أصل مئة وخمسين لوحة تمّت رقمنتها للفنان.

من المعرضفي فترة لم يُبد خلالها مجايلوه اهتماماً حقيقياً بالتجريد، التفت يونغكوك إلى الطبيعة التي قام بتشريحها إلى أشكال أساسية مكوّناً أنماطاً خاصة به، حيث شكّل الجبل مفردة تشكيلية رافقته في العديد من اللوحات حتى ارتبط اسمه به.

وكونه لم يتوقّع أن يبيع لوحة واحدة من نتاجاته وأن تصبح مصدر دخله، لم يُعر متطلبات سوق الفن ومعاييره أيّ اكتراث، مردّداً عبارته الشهيرة أنه سيدرس الفن حتى الستين من عمره ويرسم ما يريده، وبالفعل ما إن بلغ الستين حتى تمّ اقتناء أولى لوحاته في لحظة شهدت ازدهار الاقتصاد الكوري، لتبدأ مرحلة جديدة في حياته.

لا يغادر المثلث تكوين معظم لوحاته المعروضة، حيث تشكّل الطبيعة فضاءً لطرح مفاهيمه في تركيبة معقدة ومتنوعة الأبعاد، والتي بعبّر عنها بأشكال جامدة تتخذ في ما بينها علاقات هندسية صارمة، ستبدأ بالتغير في لوحات تنتمي إلى مرحلة لاحقة اهتمّ فيها بمفهوم الطاقة الذي فرض الألوان الزاهية كالأحمر والوردي، في انفجارات لونية تماثل تلك الشحنة التي تمسّ الإنسان ولا يمكن تفسيرها.

سيلاحق يونغكوك الطبيعة في أعماله المتأخرة عبر استخراج عناصرها وتقديمها بأبسط أشكالها ضمن متتاليات متكرّرة تُبرز عمق المنظور في اللوحة، وتبدو خطوطه أكثر نعومة، وظلّ يرسم حتى ألّم به المرض وأقعده على كرسي متحرك، ليضع أعمالاً أخيرة عبارة عن دوائر ومثلثات ومستطيلات تصور السماء والجبال والشمس والأشجار؛ خلاصة الفرح بالحياة التي تأملها لأكثر من تسعين عاماً.

المساهمون