الحركة المسرحية السودانية: إصداران جديدان

الحركة المسرحية السودانية: إصداران جديدان

09 ابريل 2020
(المسرح القومي بأم درمان عام 1964)
+ الخط -

عبّر المسرح السوداني خلال ثلاثينيات القرن الماضي، الفترة التي عُرضت فيها الأعمال الأولى على الخشبة، عن قضايا المجتمع وتطلّعاته أيضاً للاستقلال عن الاستعمار البريطاني (1989 – 1956)، حيث يرى العديد من الباحثين أن ما سبق ذلك كانت محاولات فردية لتمثيل أو مسرحة بعض القصص من أجل المتعة والتسلية.

وبدأت التجارب الحقيقية على يد الطلبة الذين درسوا في "كلية غوردون التذكارية" التي أنشّاها البريطانيون في العاصمة السودانية عام 1902 وتحوّلت إلى "جامعة الخرطوم" بعد الاستقلال، والذين امتدّ نشاطهم إلى دوائر قريبة من الكتّاب والفنانين مثل صديق فريد وعلي عبد اللطيف وعبيد عبد النور.

برزت في السنوات الأخيرة العديد من المؤلّفات التي توثّق لنشأة الفن الرابع في البلاد، ومنها "النشاط المسرحي بنادي الخريجين بأم درمان (1938 - 1948)"، لعبد القادر إسماعيل أحمد عبد الله، و"تجارب ما بعد الحداثة في المسرح السوداني 1980 2018.. الفرق المسرحية المستقلة نموذجاً" لميسون عبد الحميد محمد.

الكتابان صدرا حديثاً عن "مركز يوسف عيدابي للإنتاج الفني والإعلامي" ضمن سلسلة إصدارات تسعى إلى توثيق الإنتاج المسرحي الكبير في السودان، تمثّل مشاركات الفائزين بجائزة المركز للبحث المسرحي التي تأسّست عام 2016.

يرصد عبد الله علاقة "نادي الخرّيجين" في مدينة أم درمان الذي أُنشئ عام 1918 بالنشاط المسرحي في تلك الفترة، حيث خلص إلى أن هذا المجمع الثقافي كان بمثابة مسرح وطني، فقد استقبلت منصّته العديد من العروض المسرحية من فرق الأندية الأخرى، ولكن الحيوية الفنية التي عرفها تضاءلت عقب إنشاء ما عُرف بـ "مؤتمر الخريجين" الذي بدأت الدعوة إليه سنة 1935 بهدف تحرّر البلاد من الاحتلال البريطاني.

وقد قام المسرحيون والكتّاب والفنانون بأنشطة عديدة للتعبير عن رؤاهم السياسية، وكانت سلطات الاستعمار تحظر العديد منها، كما تعرّض بعضهم إلى المساءلة والتوقيف، ما أثرى تلك المرحلة بالعديد من الأعمال الأدبية والفنية كان لها دورها في تطوير المسرح خلال الستينيات.

أمّا ميسون محمد، فقد اختارت في دراستها مدخلاً ما بعد حداثي لمعالجة موضوع التعددية الثقافية في المسرح؛ لأنه يتيح تكوين نظرة شاملة للموضوع في بلد مثل السودان، والذي تُشكل التعدّدية الثقافية فيه سؤالاً محورياً، وفي الوقت ذاته يفتح أفق الممارسة والخبرة المسرحية نحو الثقافة العالمية، ويستفيد من البيئة والموروث الثقافي المحلي لخلق أشكال مسرحية جديدة، مطوراً من الأنماط السابقة، ومستفيداً منها بغرض إعادة قراءة واقع السودان وتاريخه.

المساهمون