أرونداتي روي.. كورونا ذريعة جديدة لإبادة مسلمي الهند

أرونداتي روي.. كورونا ذريعة جديدة لإبادة مسلمي الهند

28 ابريل 2020
(أرونداتي روي)
+ الخط -
"ها قد جاء كورونا" هذا هو الاسم الجديد الذي يستخدمه تجّارّ هندوس في مدينة ميرات شمال الهند، للإشارة إلى أن أحد المسلمين دخل السوق، وقد يكون هذا تاجراً مثلهم أو زبوناً، سيّان، فكلاهما سيتعرّض إلى الضرب والسبّ والمهانة.

في حين يتهم المسلمون الإعلام الهندي المرئي والمسموع والمقروء بالتأليب ضدّهم والتحريض عليهم، قام صحافيون غربيون بإجراء استقصاءات وتحقيقات مؤخراً أشارت كلّها إلى تفاقم اضطهاد المسلمين في الهند منذ أن بدأت أزمة كورونا، وتضاعف ممارسات العنف اليومية، وهذه نتيجة عبّرت عنها الروائية الهندية أرونداتي روي بتصريحها قبل أيام من أن "المسلمين الهنود اليوم يتعرّضون إلى الإبادة الجماعية".

كلمات روي هذه ليست بجديدة منها، فالمعنى الذي تحمله هو ما تحاول الكاتبة من خلال نشاطها السياسي والاحتجاجي إيصاله عن واقع المسلمين في الهند اليوم منذ أن استلمت حكومة ناريندرا مودي اليمينية عام 2014 والتي كان وما زال شعارها "الهند للهندوس".

لم يكن كافياً أن يعاني المسلمون من إجراءات التمييز والممارسات العنفية التي تصاعدت منذ مطلع هذا العام؛ لتأتي جائحة كورونا وتضعهم في دائرة تشكّك، وتلفّق لهم جرائم لا يحاول أحد التثبت من صحتها، لا سيما بعد أن أُعلن أن طائفة "تبليغي جماعت" المسلمة هي نقطة ساخنة للوباء، فبدأت الصحافة تلمح تارة وتصرح تارة بأن المسلمين ينشرون الفيروس عمداً، وابتدعت بعض المحطّات مصطلح "جهاد كورونا"، بمعنى نشر المرض وتقويض الصحة العامة في البلاد ووصفتهم بأنهم "انتحاريون وقنبلتهم الفيروس".

اكتفت الصحافة الهندية بتحريك كرة الثلج لتستمر هذه في التدحرج على ثقافة ازدهرت بعد أن جرت صناعتها وتعزيزها منذ سنوات؛ قوامها معاداة-المسلمين، لتتسبّب في ردود أفعال كارثية؛ لا تقتصر على الضرب والإهانة والإقصاء والحبس، بل على مقاطعة المسلمين اقتصادياً، وعلى مستوى شعبي، حتى الباعة الجوّالين بعربات الخضراوات في أحياء غالبيتها من الهندوس جرى طردهم ثم مُنعوا من التنقل بين الأحياء غير المسلمة.

خرجت روي عبر عدّة وسائل إعلامية لتقول "كورونا ليس أزمة فعلاً في الهند لغاية الآن، فالأرقام تقول ذلك، لكن الفيروس عُرض على الملأ كل ما كان يحاول كثيرون تجميله أو إنكاره أو التقليل من خطورته؛ ليس لدينا أزمة كورونا لدينا أزمة كراهية".

قبل أسابيع ظهرت روي تهتف وتتحدّث بغضب إثر المجزرة التي وقعت في دلهي في شباط/ فبراير الماضي ضد المسلمين وراح ضحيتها 36 مسلماً و15 هندوسياً، وأحرقت وخربت مساجد وسرقت متاجر في أعمال شغب وعنف تُركت تحدث بلا تدخل حقيقي لوقفها بحسب صاحبة "وزارة السعادة القصوى"، والتي ظهرت في احتجاجات أخرى ضدّ قانون "المواطنة" الذي أجريت عليه تعديلات في كانون الأول/ ديسمبر الماضي واستُثني من مكاسب هذه التعديلات المسلمون بينما شملت الهندوس، والسيخ، والبوذيين، والجينز، والفرس والمسيحيين.

تقول روي في إحدى مقابلاتها التي أجريت مؤخراً "استغل النظام وجود فيروس كورونا، واعتقل كتّاباً حقوقيين ومحامين وطلاب مدافعين عن المسلمين"، وتذكر مؤلفة "أشياء يمكن ولا يمكن أن تُقال" بالتاريخ قائلة "إنهم يستخدمون كوفيد 19 ضد المسلمين، كما استخدم النازيون التيفوئيد ضدّ اليهود"، خاصة حين تتوجّه إلى الصحافة الغربية التي تعرف روي جيداً أن كثيراً منها لا يقدّم المسلمين بصورة أفضل.

عيون مَن مغلقة وترفض أن ترى؟ وعيون مَن يبنغي أن تفتح وترى؟ تقول روي، لقد وقعت المجزرة بينما كان ترامب يزور الهند، والجميع يستقبل مودي بترحاب في كلّ مكان، الكلّ مسؤول عما يحدث"، وتردف متهمة الصحافة الهندية اليوم بأنها "صحافة إبادة، ومقدّمي الأخبار ليسوا إلا غوغاء".

الأزمة التي تعيشها البلاد اليوم، ليست فقط كورونا، بل المجاعة التي عرّضت الحكومة -بقرارها المفاجئ بحظر التجول- إليها ملايين الفقراء؛ تقول روي: "أُغلقت بلاد يبلغ تعداد سكانها 1.353 مليار في أربع ساعات، أعلن عن الإغلاق في الثامنة صباحاً وجرى تطبيقه في الثانية عشرة ظهراً، وتقطّعت السبل بالملايين في الشوارع بلا طعام ولا وسيلة مواصلات تعيدهم إلى منازلهم ومنهم من سار مئات الكيلومترات إلى قراهم، وحين وصلوا مُنعوا من الدخول".

دلالات

المساهمون