أندريه شديد.. الكتابة تعقباً لأوهامها

أندريه شديد.. الكتابة تعقباً لأوهامها

20 مارس 2020
أندريه شديد في بيتها بباريس
+ الخط -

بين لبنان وسورية ومصر وفرنسا، تشعّبت وتداخلت هويات الشاعرة والروائية أندرية شديد (1920-2011) التي تمرّ ذكرى ميلادها اليوم، وظهر هذا الغنى اللغوي والثقافي والفكري في عوالم كتابتها التي وضعتها في مصاف أبرز الكتّاب الفرنكفونيين في القرن العشرين.

نشأت شديد في عائلة مسيحية لبنانية سورية هاجرت في ستينيات القرن التاسع عشر إلى القاهرة، وتلقت فيها تعليماً دينياً داخلياً في "مدرسة راهبات القلب المقدس"، وكانت والدتها تصطحبها في زيارات طويلة إلى باريس استمرت إحدها ثلاثة أعوام ما بين (1934-1938)، فكبرت وهي تعرف مدينة الأنوار في عصرها الذهبي جيداً.

درست شديد الصحافة في الجامعة الأميركية بالقاهرة، وفي عام 1942 تزوجت من لويس شديد وعاشت فترة في لبنان وكانت طيلة هذه الفترة تكتب بشكل أساسي بالإنكليزية، فأصدرت كتابها الأول عام 1943 وكان بعنوان "في أعقاب وهمي".

في 1946، انتقلت إلى باريس المدينة التي أحبّتها وانتمت إليها حيث عاشت حتى وفاتها، ومنذ لحظة انتقالها ستختار الفرنسية لغة لأدبها، غير أن مخيلتها وصورها ستظل قائمة في الثقافة الشرقية والمشاهد التي عاشتها في طفولتها وشبابها.

هذا التآلف بين العالمين الشرقي والغربي وبين اللغات الفرنسية والإنكليزية والعربية، كان حاضراً في نصوص مفتوحة إلى أقصى حد وهي ميزة وسمت أعمال المؤلفة الغزيرة التي نشرت عشر روايات وعشرين مجموعة شعرية وعدة مجموعات من القصص القصيرة، وعدداً من المسرحيات إضافة إلى كتابة المقالات.

كتبت شديد قصائدها الأولى في سن 16 ونشرت مجموعتها الفرنسية الأولى عام 1949 وكانت بعنوان "نصوص لوجه"، ثم "نصوص للقصيدة" (1950)، و"نصوص للحي" (1952)، و"نصوص للأرض الحبيبة" (1955)، و"أرض وشعر" (1960)، و"أخوة الكلام" (1976).

اتجهت شديد إلى القصص القصيرة والروايات، وسرعان ما نال نثرها الاعتراف ونالت الجوائز الأدبية. كانت روايتها الأولى بعنوان "الشخص النائم"، وبعد أن أصدرت روايتها "اليوم السادس" عام 1960 اقتبسها المخرج المصري يوسف شاهين للسينما في فيلم يحمل العنوان نفسه، واقتبس المخرج الفرنسي برنار جيرودو روايتها "الآخر" للسينما أيضاً عام 1991.

من أشهر رواياتها: "المدينة الخصبة"، و"منزل بلا جذور"، و"الطفل المتعدد"، وقد تُرجمت إلى العديد من اللغات ولكن لم تلتفت إليها كثيراً تجارب الترجمة العربية. حصلت شديد على جائزة "مالارميه" عام 1976، وجائزة "بول موران" للأدب من الأكاديمية الفرنسية عام 2001، و"غونكور للرواية" عام 1979، و"غونكور للشعر" عام 2002.

ركزت أعمال شديد على هشاشة الوجود وعلى تراجيديا العيش في عالم تتلاشى فيه قيم الإنسانية، كتبت في "اليوم السادس" عن وباء الكوليرا حين انتشر في مصر عام 1947، دون أن تسلط الضوء على المأساة بقدر ما تأخذ قصة امرأة تحاول إخفاء ابنها المريض عن الناس لكي لا يؤخذ إلى مخيمات المصابين بالكوليرا التي لا يعود منها أحد.

المساهمون