جاك بريل.. ذاكرة تونسية للفنان البلجيكي

جاك بريل.. ذاكرة تونسية للفنان البلجيكي

11 فبراير 2020
(بريل في عام 1962)
+ الخط -

استعاداتٌ كثيرة حظي بها الفنان البلجيكي جاك بريل (1929 - 1978) خلال السنتين الأخيرتين، حيث صادفت 2018 الذكرى الأربعين لرحيله، ووافقت 2019 الذكرى التسعين لميلاده. استعاداتٌ تفاوتت بين معارض توثيقية وحفلات موسيقية وتظاهرات خاصة احتضنتها مدن تقاطَع معها صاحب أُغنية "جوجو" مثل شيربيك مسقط رأسه، بالقرب من بروكسيل، وباريس التي عاش فيها قمة جماهيريته.

زار بريل تونس في عام 1959، وربما في زيارات أخرى غير موثّقة حيث كان لديه الكثير من الأصدقاء كما تقول الروايات، دون أن يكون من الممكن الحديث عن تقاطع أساسي بينه وبين تونس على المستوى الفنّي، لكن - وعلى صعيد آخر - يتقاطع بريل، وبقوة، مع ذاكرة أجيال متلاحقة من التونسيين، حيث يمثّل جزءاً من عناصر "التربية العاطفية" (عنوان عمل شهير في الأدب الفرنسي لغوستاف فلوبير)، حتى أن بعض المنتمين إلى هذه الأجيال لا يزال يوثّق شبابه بأغان لبريل مثل: "لا ترحل"، و"أغنية العشاق العجائز"، و"البورجوازيون".

يتجسّد هذا التقاطع بين ذاكرة التونسيين والفنان البلجيكي في عرض بعنوان "احتفاء بجاك بريل" يقام اليوم وغداً الأربعاء في فضاء "لاغورا" في مدينة المرسى بالقرب من تونس العاصمة. يؤدّي خلال العرض أغاني بريل كلّ من: علياء السلامي، وسيدريك شلبي، ومحمد علي عقبي، كما يشارك العازفون: عمر الواعر، وقيس رستم، ومحمد أمين صميدة.

يأتي هذا العرض ضمن برنامج بعنون "الكابريه الثقافي" ويقوم على تقديم عروض استعادية لفنانين ضمن ما يُعرف بالأغنية المنوّعة في فرنسا، وهو نمط غنائي كان يجترح خطاً بين النزعتين النخبوية والتجارية. وكان آخر عرض من عروض "الكابريه الثقافي" قد احتفى بالفنانة الفرنسية باربرا.

العودة إلى جاك بريل ليست جديدة في المشهد الثقافي التونسي، حيث سبق للمسرحي محمود عبد النبي أن قدّم سلسلة عروض من 2013 إلى 2015 خصّصت لصاحب أغنية "أمستردام" وفيها قدّم تصوّراً مسرحياً لـ 18 أغنية من أغانيه. كما يمكن أن نسجّل استمرار حضور بريل في الثقافة الموسيقية بفضل برامج إذاعية كانت تقدّم أعماله سواء باعتبارها تحفاً فنية وموسيقية كما هو الحال مع رشيد الفازع، أو باعتبارها من نماذج الأغنية البديلة أو الملتزمة كما مع الحبيب بلعيد.

هكذا تبدو العودة إلى بريل في تونس أقرب إلى مراهنة على جواد نجاحُه مضمون، خصوصاً أن من عاصروه - وهم اليوم بين الخمسينيات والثمانينيات من أعمارهم - لا يجدون في الأطباق الموسيقية التي تقدّم اليوم، على تنوّعها، ما يلبّي إشباعاتهم الموسيقية. وهؤلاء غالباً ما يعيشون نفس الحنين الافتقادي في الموسيقى الغربية وجزئها الفرنسي نحو أسماء كجاك بريل وجو داسان وإيديث بياف، وفي الموسيقى العربية نحو عبد الحليم حافظ وأم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وفريد الأطرش.

المساهمون