"إدغار ديغا في الأوبرا": ما يريده الفنان على الخشبة

"إدغار ديغا في الأوبرا": ما يريده الفنان على الخشبة

18 سبتمبر 2019
("درس الباليه"، من متحف أورسيه)
+ الخط -

شكّلت عوالم الموسيقى والمسرح فضاء مهماً لدى الفنانين الأوروبيين الذين سعوا بداية إلى محاكاة تشكّل الفرق الكبرى وظهور الموسيقى الآلاتية في القرن السابع عشر، ومنها بورتريه "موتسارت على البيانو" الشهير الذي رسمه الفنان الألماني جوزيف لينغ عام 1789، ورسومات إدوارد مانيه للحفلات الباريسية، ثم بيكاسو في أعماله المستوحاة من عالم الرقص والباليه.

في قلب هذا العالم يتموقع معرض "ديغا في الأوبرا" الذي يُفتتح في "متحف أورسيه" الباريسي يوم الثلاثاء المقبل، 24 من الشهر الجاري، ويتواصل حتى 19 من كانون الثاني/ يناير 2020. يضمّ المعرض أعمالاً للفنان الفرنسي إدغار ديغا (1834 - 1917) تضيء على ذوقه في الموسيقى، وعلاقته بصنّاع الأوبرا في ستينيات القرن التاسع عشر، وكيف رسم عدّة مشاهد مستوحاة من المسرح وغرف ارتداء الملابس.

في ستينيات القرن التاسع عشر، انتقل إدغار ديغا من أعماله التي تستوحي أحداثاً تاريخية، ليرسم صديقه عازف الباصون ديزيريه دياو في لوحة يظهر فيها ضمن الفرقة الموسيقية إلى جانب عازف التشيلو لويس ماري بيليت وعازف الكمان هنري فيكتور جوف، وآخرين يديرون ظهرهم للجمهور.

بأسلوبه بين الانطباعية والواقعية، وضع وثيقة بصرية تؤطر الأوركسترا بكامل عناصرها، حيث الترتيب والانتظام الشديدان، وأزياؤهم بالقمصان البيضاء والسُّتَر السود، كما تظهر الراقصات غير مكتملات يؤدين رقصة على المسرح، والإضاء تتركّز فوق أجسادهن اللواتي سيهتمّ أكثر بإظهارهن في أعمال لاحقة.

حتى مطلع القرن الماضي، سيراكم ديغا العديد من اللوحات التي تستكشف مساحات متوارية من المسرح تتعلق بالقاعة التي يدخل منها مرتادوه لحضور العروض، والقاعة التي يتدرّب فيها الراقصون، وغرفة تبديل الملابس التي تحتشد بالممثلين المشاركين في الأعمال الأوبرالية.

أكثر من ألف وخمسمئة عملٍ مثّلت افتتان ديغا بعوالم الأوبرا، متتبعاً مستويات متعدّدة فيها بدءاً من الحركة وضبطها ودقتها، وتباين الإضاءة الذي ينعكس على الفنانين، والمحتوى الشاعري الذي تبّثه لدى المتلقي، متاثراً في كثير منها بالرسوم اليابانية التقليدية سواء على صعيد التلوين أو في الوسائط المستخدمة لتنفيذها.

في لوحة "درس الرقص في الأوبر" (1872)، يلتقط الفنان اللحظات الأخيرة قبيل انتهاء الدرس، حيث التعب بادٍ على راقصات الباليه وهن يضبطن شريط الشعر وملابسهن مع قليل من الاهتمام للمدرب، وتظهر الإيماءات الطبيعية والعفوية من خلال زاوية نظر مرتفعة، والتي تمثّل في كل عمل سراً جديداً لم يلتفت له أحد من قبل، وكأنه يرى لوحده ما يريد على الخشبة.

كانت الثيمة الأساسية في سلسلة الأعمال هذه، رصد وتصوير أجساد الراقصات في حالات متعدّدة من الوقوف برشاقة وخفة ويبدو عليهن الإرهاق والإجهاد في الوقت نفسه، لكن بعد ذلك سيتجه نحو تجريد حركة الرقص مع التركيز على ألوان أكثر كثافة وسطوعاً.

تعكس تجارب الفنان المتعدّدة نمط الحياة البوهيمية التي عاشها في باريس وهوسه بالفنون والعوالم المتعوية، حتى فقدانه البصر في سنواته الأخيرة.

دلالات

المساهمون