رحيل كيران ناغاركار.. "مشعل الحرائق" الروائية

رحيل كيران ناغاركار.. "مشعل الحرائق" الروائية

12 سبتمبر 2019
(كيران ناغاركار، تصوير: أنشومان بويريكار، Getty)
+ الخط -

بعد تعرّضه إلى نزيف في المخ، رحل أمس الروائي والكاتب المسرحي الهندي كيران ناغاركار (1942 - 2019)، الذي تناولت رواياته ومسرحياته مواضيع تنوّعت من تاريخ ملوك إلى حياة الفقراء العاملين في مومباي، كما كتب كثيراً عن خطر الأصولية الدينية.

كتب ناغاركار بالإنكليزية ولغته الأم الماراثي، ولعب بالكلام والشخصيات التي تركت انطباعاً لا يمحى في تاريخ الأدب الهندي، وغالباً ما كانت مومباي، مسقط رأسه، بمثابة خلفية حبكاته وقصصه، حيث كان ماهراً في التقاط روح المدينة الضخمة.

بعد فترة وجيزة من انتهاء حالة الطوارئ في عام 1977 ، كتب مسرحية بعنوان "حكاية ما قبل النوم"، والتي كانت تنتقد الاستبداد والبطريركيةا الأبوية والطائفية، وقد أوقفت السلطة عرضها على المسرح بسبب انتقادها للسلطة.

نظّمت، آنذاك، الممثلة ريخا سابنس، قراءات المسرحية في منزلها عام 1982، إذ كان مضمونها يتحدّى العقيدة الدينية والشوفينية واللغة الذكورية.

رغم ذلك، ستتهم ثلاث نساء الكاتب الراحل في العام الماضي، بالتحرّش الجنسي، ليصرّح عن ذلك بقوله "إن ضميري نظيف تماماً، لكنني لن أنكر أن هذا الاتهام أثر عليّ"، إذ انسحبت "بنغوين راندوم هاوس إنديا" إثر ذلك من عقد لنشر روايته التي صدرت مؤخراً، وتدخلت دار النشر الهندية "Juggernaut" ونشرت العمل، القرار الذي جلب الانتقادات للدار من الجماعات النسوية والإعلام.

هزّ ناغاركار شكل الرواية الهندية، في عمله "سبع ستات هي ثلاثة وأربعون" (سات سكام تريشاليس) (1974)، وهي قصة تذهب إلى ما وراء المنطق والقواعد والعقل، وقد رفضها القارئ الهندي آنذاك لأنها تفتقر إلى بداية منظمة وذروة ثم نهاية، فقد سبقت الرواية زمانها وجاءت أكثر انسجاماً مع الكتابة الأوروبية لتلك الفترة.

بينما كان يجيد اللغة الماراثية، كان الراحل يجد جمهوراً متقبلاً لثورته الأدبية أكثر باللغة الإنكليزية، لكن ذلك لم يمنع أنه ككاتب من مومباي، بالمعنى التعدّدي للكلمة، كان على دراية تامّة باللغات والثقافات الفرعية الأخرى، بما في ذلك الغوجاراتية والبارسية والكونكاني والجوان.

اكتسب ناغاركار شهرة واسعة من خلال ثلاثيته "رافان وإدي" (1994)، و"الزيادات" (2012)، و"ارقد بسلام" (2015)، وفيها مغامرات صبيين أحدهما هندوسي والآخر كاثوليكي.

ومع رواية "الديوث" (1997)، كرّس سمعته كأحد أبرز الأسماء الأدبية في الهند، فهو عمل عن سر الانجذاب إلى الآخر، والحب، والهوية، والجندر.

وفي روايته "جندي الله الصغير" (2006)، عالج مسألة الأصولية الدينية مرة أخرى لفهم كيفية تصادم الإيمان بالشك. وفي عمله "جاسودا" (2017)، ابتكر بطلة تركت منزلها بحثاً عن مستقبل أكثر إشراقاً.

أما آخر أعماله "مشعل الحرائق" فهي رواية معرفية تسعى إلى فهم المعنى من الحياة، كتبها ضدّ التعصّب، وذكّر الهند بقيم عصر الاستقلال وحذّرها من الجهل بالآخر والخلط بين نصف الحقائق والواقع.

سلّط نغاركار في آخر سنوات حياته الضوء على الفقراء، وحفر في الأساطير والتاريخ في الهند، دافعاً الناس للتخلّص من فقدان الذاكرة الجماعي، ويعدّ اليوم أهمّ كتّاب مرحلة ما بعد الكولونيالية في الهند. 

المساهمون