"الشواهد البونيقية": الفينيقيون مروا من الجزائر

"الشواهد البونيقية": الفينيقيون مروا من الجزائر

07 مايو 2019
(عنابة، مدينة أسسها الفينيقيون تحت اسم كولو)
+ الخط -

أسست الحضارة الفينقية عدة مدن في سواحل البحر المتوسط، سواء في بلاد الشام، أو في شمال أفريقيا، وما زال بعض من تلك الحواضر قائماً إلى اليوم، فقد اتخذ الفينيقيون من الجزائر وتونس مركزاً للتواصل التجاري مع أفريقيا بعد تأسيس قرطاج وترسّخ وجودهم في شمال أفريقيا، وفي طريق تجارتهم أسسوا مدناً وأقاموا العمران الذي ما تزال آثاره باقية.

ومن بين هذه المدن، تلك التي أسست في الجزائر مثل روسيكاد (سكيدة) وإكوزيم وهو أول اسم لمدينة الجزائر الحالية ويعني بالفينيقية جزيرة النوارس، وقيرطا-قيرتا (الاسم الفينسقي والأصلي لمدينة قسنطينة)، وكولو هي عنابة، وغيرها.

وقد بلغ النفوذ الفينيقي أوجه في مناطق كثيرة من الجزائر ففي القرن الخامس الميلادي كتب القديس المسيحي أوغستين عن سكان عنابة والمناطق المحيطة بها فيقول "حينما أسأل الفلاحين القاطينين بالمنطقة عن أصلهم فيقولون أنهم فينيقيون من بلاد كنعان"، وكان هذا بعد سقوط قرطاج بأكثر من سبعة قرون بيد الرومان، ما يعني أن الوجود الفينيقي كان قوياً في العديد من مناطق شمال أفريقيا حتى بعد سقوط دولتهم في قرطاج.

إلى ذلك التاريخ الفينيقي في الجزائر، يعود المتحف الوطني العمومي "أحمد زبانة" في وهران من خلال معرض يقام حالياً تحت عنوان "الشواهد البونيقية من خلال المجموعات الاثرية" ويتواصل حتى 18 أيار/ مايو الجاري.

المعرض يأتي بمناسبة "شهر التراث" الذي تقام فعالياته في عدة مؤسسات ثقافية ومتاحف في الجزائر، حيث تعرض ثلاثين مجموعة أثرية تعود الى الفترة الفينيقية الخاصة بالجزائر (نوميديا قديماً) والتي يعود تاريخها إلى القرن السابع قبل الميلاد.

المجموعة البونيقية المتاحة للجمهور تضم فوانيس وأوان فخارية وحلي وعملات وغيرها من التحف التي تم العثور عليها في مواقع أثرية بوهران ومداغ ورشقون (عين تموشنت).

المعرض يتناول مختلف جوانب الحياة في العهد الفينيقي بالجزائر، ويعطى صورة عن حياة الفينيقيين والسكان النوميديين ونمط عيشهم وطقوسهم ومعتقداتهم وحرفهم اليدوية.

أقام الفينيقيون عدة مواقع ساحلية في نهاية القرن السابع قبل الميلاد وأهمها موانىء ومراكز تبادلات بالشرق الجزائري، وتوقفوا في صحراء إلِّيزي الجزائرية، وتكشف قطعٌ أثرية عن استغلال الفينيقيين والنوميدين المشترك لمناجم الذهب والحديد والنحاس والملح، نحو 500 سنة قبل الميلاد.

وقد كانت صناعة الحليِّ متطورة لديهم، وبخاصة الأساور والأقراط التي وجد العديد منها في باتنة وتيبازا شرق ووسط الجزائر. كما يعرّج المعرض على الحياة اليومية للفينيقيين بالجزائر من خلال عرض مجموعة من الأدوات الفخارية ذات الاستعمال المنزلي كالصحون والجرار والكؤوس والزجاجات التي كانت تعبأ فيها العطور، حيث يعتبر الفينيقيون رواداً في صناعة العطور.

دلالات

المساهمون