ثمانون عاماً

في 26 يناير/كانون الثاني 1939، سقطت برشلونة في يد فرانكو. ثمانون عاماً مرت على ذلك اليوم الأسود في تاريخ مدينة أليسار العريقة.

أخذوني لأرى ملاجئ الحرب تحت الجبل في منجويك. عدت مرهقاً من جولة نهارية كاملة. على بعد خطوات من شقتي بالغوتيكو، يقبع ميدان جورج أورويل. أما في الشقة نفسها، فلا تزال شقوق الجدران بائنة وملموسة، جراء سقوط قنابل من طائرة على العمارة كلها. فظائع فرانكو، لا تزيد ولا تقل عن فظائع غيره من الطغاة. مئات الكتب كتبت عن الحرب الأهلية، وعشرات آلاف المقالات. لكن حياة البرشلونيين الحاضرة، بتعقيدها المعولم، وقد بعُدت الشقة في عمق الزمن، تبدو وكأن لا علاقة لها بما حصل. أفهمُ: ثمانون عاماً في عمر الشعوب، على عكس ما يقال، ليست بالشيء الهيّن.

مع ذلك، بي مضض من لامبالاة الناس. فمنذ اختُرعت الشبكة، شنَّ كهانها الحرب على الذاكرة البشرية، ونجحوا بالعموم. المؤلم أن ضحايا تلك الحرب، على كثرتهم، لا تزال غالبيتهم مجهولة المصير، والقبر، وإعادةِ الاعتبار. حوالي 300 معسكر اعتقال انتشرت في البلد منذ بداية الحرب، منها 14 معسكراً في كتالونيا فحسب. أما الموتى من الجمهوريين وباقي أطياف اليسار، فقد نسوا.

أقرأ مجدداً "الحنين إلى كتالونيا"، لأورويل، وأفهم: لقد تكلم عن تجربته المحصورة في برشلونة، بحكم واقعه آنذاك. أما الحرب ذاتها، فتحتاج إلى مئات الأورويلات!