التينور العربي.. فنان بلا جمهور

التينور العربي.. فنان بلا جمهور

02 مايو 2019
(حسان الدوس في إحدى حفلاته، 2018)
+ الخط -

تنتشر دور الأوبرا في عدّة مدن عربية، دون أن يعني ذلك أن الأوبرا نفسها حاضرة في الثقافة الموسيقية أو ذاكرة التذوق العربية، لكن إنشاء دار للأوبرا كان حلماً خديوياً قديماً يسعى إلى تحويل القاهرة إلى باريس العربية ولم ينتقل بسهولة إلى مدن عربية أخرى، حتى تلك التي تمتلك دوراً للأوبرا فإن هذا الفن الغنائي نفسه لا يحتلّ مساحة كبيرة في برامجها الفنية.

رغم مرور العقود العديدة والمتتالية لم تحظ الأوبرا كفن، عربياً، بالإقبال عليها حتى من قِبل المؤدين أنفسهم. وربما يكون إقبال المرأة العربية على دراسة الأوبرا وتقديمها وإتقانها، أكبر من الرجل، دون أن يكون لذلك تفسير جندري واضح، فالأوبرا ليست كالباليه.

غير أن الأوبرا أيضاً فن طبقي إلى حد كبير ولا ينتمي إلى فنون التطريب، كما أنه يحتاج من المؤدي إلى تدريب وتعليم ومعرفة بالإيطالية والفرنسية بشكل معقول فمعظم النصوص الأوبرالية الشهيرة كُتبت بهاتين اللغتين، كما أن أداءها لا يتطلّب فقط امتلاك صوت قوي أو جميل ولا موهبة فطرية مثلما هو الطرب العربي، بل إنه مكتسب بالتعليم والتمارين، ودراسته المكلفة ليست متاحة للجميع.

رغم ذلك ثمة حالات عربية قليلة كسرت هذا الحاجز دون أن تحقّق نجاحات عظيمة، على صعيد المغنيات هناك السوبرانو العراقية بيدر البصري، والكويتية أماني الحجي، والأردنية زينة برهوم.

أما على صعيد مغنيي الأوبرا، فهناك التينور المصري رجاء الدين أحمد الذي درس في فرنسا وإيطاليا، ورضا الوكيل مغني أوبرا ورئيس البيت الفني للموسيقى والأوبرا والباليه في دار أوبرا القاهرة، والتينور اللبناني مارك رعيدي والتونسي حسان الدوس والكونتر تينور السوري رازق فرانسوا بيطار والكونتر تينور اللبناني ميشال بورجيلي.

الفنان حسان الدوس يقف على خشبة المسرح البلدي في العاصمة التونسية عند السابعة من مساء اليوم، حيث يقدّم مجموعة من المقطوعات الأوبرالية، إلى جانب أغنياته العربية التي يؤديها على نحو أوبرالي، مثلما فعل في "عشقة"، و"طاير" وغيرها والتي يمزج فيها أحياناً بين الروك والموسيقى الأفريقية أيضاً مثلما هي أغنية "هوه".

يحرص الدوس على فكرة الأزياء، بوصفها جزءاً من الأداء، فيحوّل الفيديو كليب إلى مسرح ينتمي إلى العصور الذهبية إلى الأوبرا ويظهر كما لو أنه شخصية من شخصياتها، لكن إلى أي حدّ ينجح ذلك في جعل الأوبرا قريبة من الأذن والذائقة العربية؟ في الحقيقة يظلّ التينور العربي، فنان بلا جمهور تقريباً، وتعدّ محاولة الدوس الجمع بين صوته الأوبرالي ونمط الغناء الذي يحب وتقديم أعماله العربية الخاصة محاولة للخروج على هذا الواقع. 

المساهمون